رغم أن المعايير الإحصائية توضح أن المخدرات في البحرين "مشكلة" لا "ظاهرة"، فإن حجم المشكلة يستدعي تعليق جرس الإنذار، ومساهمة جميع الجهات المعنية، حكومية وأهلية، في جهود مكافحتها ضمن الاستراتيجية الوطنية التي انطلقت في العام 2015.
وتظهر الأرقام أن كميات المخدرات المضبوطة خلال 2017 مثلاً بلغت 176 كيلوجراماً، فيما بلغ عدد حبات المؤثرات العقلية المضبوطة 40544 حبة. وزاد عد قضايا المخدرات في العام نفسه بنسبة 1.5%، مقارنة بعالم الذي سبقه. في حين بلغ عدد الأشخاص المقبوض عليهم في قضايا المخدرات 1244.
وشكلت نسبة القضايا المضبوطة بالنسبة لإجمالي عدد السكان 0.07%، ونسبة عدد المقبوض عليهم بالنسبة لإجمالي عدد السكان 0.08%.
استراتيجية وطنية
يعد تحديد 26 يونيو من كل عام يوماً عالمياً لمكافحة المخدرات والاتجار غير المشروع بها، دليلاً على اهتمام المجتمع الدولي بما تمثله المخدرات من خطورة على البشرية. وجاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتخصيص هذا اليوم، تجسيداً للإرادة الحقيقية بتفعيل الأنشطة والبرامج ودعم التعاون الدولي من أجل إيجاد مجتمع دولي خالٍ من المخدرات.
وتحتم المعالجة الفعالة لظاهرة المخدرات التي تعد واحداً من أبرز التحديات الأمنية على مستوى العالم، أن ينهض الجميع بمسؤولياته في الإطار الأوسع. وفي هذا الإطار، واصلت البحرين تصديها للمخدرات بمنتهى الحزم والشدة وفق أحكام القانون. ودشنت في يونيو 2015 الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات التي وضعت الخطوط العريضة والأسس العامة في إطار العمل المستمر على خفض العرض والطلب على المخدرات. وتزامن ذلك مع سلسلة من التشريعات والإجراءات كان لها دور بارز في مكافحة المخدرات والسيطرة على آثارها.
وهدفت الاستراتيجية الوطنية إلى حماية المجتمع من خطر المخدرات والمؤثرات العقلية، وإنقاص حجم الظاهرة وخفض مستويات الإدمان. وأعقب إطلاق الاستراتيجية تنظيم عدد من ورش العمل بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول الخليج العربي، بهدف وضع الاستراتيجيات موضع التنفيذ .
دور الأسرة
لا يمكن الحديث عن التصدي لمشكلة المخدرات في البحرين إلا انطلاقاً من دور الأسرة أولاً، باعتبارها الحصن الأول الذي ينشأ في ظله الإنسان. وباستطاعة كل أسرة وقاية أبنائها من خطر المخدرات بأساليب وطرق عدة. والأسرة المترابطة الواعية هي التي تستطيع أن تحمي أبناءها من المخدرات، عبر توفير جو أسري صالح يعتمد على العلاقات بين الآباء والأبناء، من خلال عدد من النقاط:
- فتح قنوات الحوار مع الأبناء في كل مشكلاتهم قبل فوات الأوان .
- تنمية الوازع الديني وزرعه في الأبناء لوضع إطار عام لسلوكهم.
- شغل أوقات فراغ الأبناء بما يعود عليهم بالنفع وتوجيه طاقاتهم وهوياتهم.
تقديم - القدوة الصالحة والمثل الأعلى، لأن سلوكيات الأبوين تنعكس على الأبناء .
- الإشراف على اختيار الأصدقاء .
- قضاء الوقت الكافي مع الأبناء .
494 مادة للإعلام الأمني
لعب الإعلام الأمني في وزارة الداخلية دوراً في مواجهة مشكلة المخدرات خلال السنوات الماضية. إذ بث 260 خبراً صحفياً بخصوص المخدرات تنوعت بين أخبار القبض والأخبار التوعوية والتصريحات. ونشرت مجلة "الأمن" الشهرية 162 مادة تحريرية شملت تحقيقات صحفية ومواد توعوية تسلط الضوء على مكافحة المخدرات.
وبلغ إجمالي المواد التي نشرها الإعلام الأمني في مجال مكافحة المخدرات، سواء أخبار أو مواد توعوية إذاعية أو تلفزيونية في الفترة من 2010 وحتى 2018 نحو 494 مادة متنوعة.
"معاً" يغطي 128 ألف طالب
يعمل برنامج "معاً" لمكافحة العنف والإدمان في إطار جهود وزارة الداخلية للتصدي لخطر المخدرات ويهدف إلى حماية مستقبل النشء من العنف والإدمان. ويغطي البرنامج أكثر من 121 مدرسة في مختلف المراحل الدراسية. ويبلغ عدد المستفيدين أكثر من 128 ألف طالب.
وتم اعتماد البحرين أول مركز إقليمي للمنظمة الدولية لمكافحة العنف والإدمان DARE لدول آسيا والشرق الأوسط والسادس من نوعه على مستوى العالم.
كما تلعب شرطة خدمة المجتمع التي تشكل الذراع الفاعل للشراكة مع المجتمع دوراً توعوياً في مكافحة المخدرات، إذ ينفذ عناصرها حملات توعية أمنية لكل المراحل والصفوف الدراسية من خلال المحاضرات. ويعد مكتب التوعية والإرشاد الأمني المادة التوعوية بعد دراسة نواحي القصور والسلوكيات المنحرفة.
مراقبة محتوى 100 ألف مطبوع
باعتبار الوقاية عنصراً أساسياً في مكافحة مشكلة المخدرات، فإن الدور التوعوي المنتظر من وزارة شؤون الإعلام كبير. ولا يقتصر الحديث عن الإعلام هنا على وسائل الإعلام التقليدية من صحافة وإذاعة وتلفزيون فقط، بل يشمل الإنترنت والمواقع الإلكترونية والرسائل القصيرة عبر الهاتف واللوحات الإعلانية والبريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة.
والحقيقة أن إدارة وسائل الإعلام في الوزارة تقوم بدور رقابي من خلال متابعة محتوى الأفلام السينمائية التي يتجاوز عددها 800 فيلم في العام تعرض في دور السينما وكذلك أفلام الفيديو والألعاب الإلكترونية التي تتجاوز 50 ألف مصنف سنوياً. إضافة إلى متابعة محتوى المطبوعات والكتب وخاصة الكتب الموجهة للطفل فيجب ألا تتضمن أي مخالفات أو قصص ترويجية أو عبارات أو صور تروج للمخدرات موجهة إلى الطفل أو المراهق. ويتم فسح المجال لما يقارب 400 ألف مطبوع سنوياً من الخارج وأكثر من 500 كتاب محلي، ويتجاوز عدد المطبوعات 100 ألف مطبوع للمشاركة في معارض الكتاب سنوياً. وتتابع الوزارة المحتوى الإعلامي لهذه المطبوعات. وتحرص على عدم تداول أي نصوص أو مقاطع لأفلام أو مسرحيات أو مسلسلات تسهم من خلال أحداثها أو تصويرها بتقديم صورة المتعاطي بشكل إيجابي دون قصد، كما أنها تنظم بشكل مستمر ورشاً ومحاضرات تدريبية وتوعوية من الجهات المختصة لتوعية الإعلاميين وكتاب الدراما والمخرجين والمعدين لضرورة التحلي بالوعي عند التعامل مع قضايا المخدرات، والعمل على إبراز النماذج الناجحة من المتعافين ليكونوا قدوة للآخرين ويسهموا في تعافي من ابتلي بذلك.
"تكاتف" لتحصين الشباب
الشباب هم المستهدف الأول من مجرمي التهريب والترويج، لذلك تقع على عاتق وزارة شؤون الشباب والرياضة مسؤولية كبيرة ممثلة في المراكز الشبابية كونها محطة تجمع فئة الشباب وشغل أوقات فراغهم.
ولدى الوزارة برنامج "تكاتف"، وهو برنامج الشباب البحريني للوقاية من المخدرات، انطلاقاً من عضوية الوزارة في "اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات".
يدرب البرنامج الشباب في مختلف المراكز الشبابية على الوقاية من المخدارت. ودرب نحو 70 منهم لتثقيف أقرانهم في هذا المجال. ونفذ البرنامج عدداً من والفعاليات والدورات التدريبية المتنوعة منها فن الإقناع، وقانون المخدرات، وإعداد قادة للوقاية من المخدرات، وغيرها مما يسهم في صقل مهارات الشباب. ويقدم البرنامج خبراء من داخل وخارج البحرين بالتعاون مع وزارة الداخلية ووزارة الصحة ووزارة شؤون الإعلام، بالتعاون مع شرطة دبي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات ومقره أبوظبي. وتعد البحرين أول بلد يقدم هذه المبادرة.
إدارة للإعلام الجنائي
وضعت شعبة الإعلام الجنائي في الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية إستراتيجية مشتركة بين الوزارات لمكافحة المخدرات 2018 – 2023 على أن يكون لوسائل الإعلام دور كبير في تعزيز مخرجاتها وتحقيق أهدافها، وإنشاء إدارة للتوعية والإعلام الجنائي تعمل على تنسيق الجهود الإعلامية بين الإستراتيجية الوطنية وحملة "معاً" ووسائل الإعلام البحرينية، وإنشاء وحدة بحثية تطلق بحوثاً علمية وميدانية لقياس الرأي العام.
إن جهود مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، تتطلب من الجميع النهوض بمسئولياته في إطار تفعيل مبدأ الشراكة المجتمعية لدى جميع الأفراد والجهات، من أجل تحقيق الأهداف بالسيطرة على خطر المخدرات، في إطار مسيرة البناء والنهضة التي تنعم بها البحرين.