القاهرة - أحمد عطا
ودعت منتخبات مصر والمغرب وتونس وموريتانيا كأس أمم أفريقيا من أدوار مبكرة بعدما فشلوا في تحقيق آمال جماهيرهم المختلفة.
فإذا كانت موريتانيا قد قدمت ما عليها من قبل بالتأهل للبطولة في إنجاز كبيرة للكرة الموريتانية، فإن مسألة خروج مصر والمغرب وتونس من الدور الإقصائي الأول كان أمرًا صادمًا للكثيرين خاصة بالنسبة لمصر والمغرب اللذين واجها منافساً يُنظر إليه على الورق على الأقل على أنه الطرف الأقل قوة.
الجزائر فقط هي من أفلتت من هذا المصير القاسي وواصلت تقديم عروضها القوية في البطولة بعدما تأهل لربع النهائي بثلاثية نظيفة في مرمى غينيا.
المغرب الكلاسيكية
مهما امتلكت المغرب من أسماء قوية في تشكيلتها فإنه في أمم أفريقيا خيبة أملها هي القاعدة والتميز هو الاستثناء.. لا يُعقل أن يمتلك منتخباً بحجم أسود أطلس هذا السجل السيء جدًا في البطولة القارية والذي يمتلئ بوداعيات الدور الأول والثاني.. فقط النقطة المضيئة في 2004 كانت ومازالت هي لقطة الفريق الواعدة في ربع القرن الأخير على الأقل.
صحيح أنه هذا هو السجل الكلاسيكي للمغرب في البطولة لكن الأداء العظيم للفريق في كأس العالم ووصول مدرب أخيراً قادر على أن يسيطر على تلك التشكيلة المميزة كان علامات وبشرى جيدة لمنتخب لا يحتاج سوى لفعل الشيء الطبيعي ولا يحتاج لبذل مجهود مضاعف من أجل اكتشاف قوة التشكيلة، فالتشكيلة واضحة القوة والأسماء الموهوبة متوفرة وبشدة في كل الخطوط.
لذلك كانت الصدمة كبيرة.. صحيح أن المغرب قدمت أداءً مقبولًا خلال البطولة لكنها فشلت في النهاية في اكتشاف خبايا وخفايا دفاع بنين.. ربما كانت البداية في خلاف حمد الله مع زملائه.. ربما كانت كل هذه الأمور لتتلاشى إن سجل حكيم زياش ركلة الجزاء أمام بنين في الدقيقة 95.. الكثير من الاحتمالات ولا أحد يستطيع الجزم بأن واحداً فقط هو الصحيح وتبقى الحقيقة الواضحة هي أن المغرب لا تمتلك شفرة أمم أفريقيا رغم قوة منتخبها وتشكيلتها التي ربما تكون هي الأقوى على الورق من بين الجميع.
مصر فعلت المتوقع.. ولكن
ما حدث في ملعب القاهرة ليلة السادس من يوليو كان متوقعاً، فقط الاختلاف على التوقيت.. شخصيًا لم أتوقع أبدًا أن تتوج مصر باللقب لكن لم أتوقع كذلك سقوطها أمام جنوب أفريقيا.
الكثير من الأمور حدثت في منتخب مصر.. ربما بدأت الحكاية هذه المرة قبل عام مع الخروج المخزي من كأس العالم وربما تكون قد بدأت مع وصول خافيير أجيرّي بشكل مريب ثم وصول ميشيل سالجادو بشكل أكثر غرابة أو ربما يكون كل شيء كان قادراً على انصلاح الحال إن اختار المدرب المكسيكي من يستحق فعلاً التواجد.
أن يختار مدرباً لاعباً أقل بعض الشيء من آخر لأفكار تدريبية خاصة به ربما يكون أمرًا مقبولًا، لكن أن يتجاهل لاعباً بفارق مستوى ضخم عمن اختاره دون أن يكون لهذا اللاعب سابقة تمرد على سبيل المثال أو أي نقطة سوداء غير فنية تعوق اختياره فهذا أمر مثير للاستغراب والحديث هنا عن لاعب مثل عبدالله جمعة. أمور أقل وطأة في التشكيلة الأساسية كانت موجودة لكن الخلاصة كانت أن مصر لا تدخل لأمم أفريقيا بأفضل تشكيلة لها.
أما على الصعيد الفني فإن أجيرّي قدم نفسه في بداية مسيرته مع مصر كمجدد ومُخلّص للفريق من فكر هيكتور كوبر فعمد إلى لعب كرة هجومية واستخدام الأظهرة بشكل واضح في بناء الهجمة وإرسال العرضيات لكن قبل أمم أفريقيا بفترة قصيرة بدا وأن الرجل قد أعاد حساباته وتخلى عما كان يلعب به في البداية أملاً ربما في صلابة دفاعية أكبر افتقدها في أغلب تجاربه لمن تابع مسيرته في الليغا.
ثم جاءت مشكلة عمرو وردة لتزيد من النفور الجماهيري مع اللاعبين، كما أن انتقادات طالت وجود نوعية من الجماهير لا تقوم بالتشجيع بشكل مستمر لتخسر مصر أكبر عامل فازت فيه بأمم أفريقيا 2006 عندما لم تكن كذلك المرشح الأول.
الجزائر بشكل جديد
منذ إنجاز كأس العالم 2014 والجزائر تترنح بشكل كبير ففشلت في العثور على ضالتها من المدربين ليتلقف المنتخب عدة أيادي تدريبية لم تنجح سوى في جلب الكثير من العداوة مع الصحافة الجزائرية وتجلى ذلك في تجربة الأسطورة رابح مادجر الذي كان مشغولًا بصراعاته مع الصحافة أكثر من أي شيء آخر.
حتى جاء جمال بلماضي.. الرجل الذي نجح في قطر كان قادراً على أن يعيد اللُحمة ويصنع منتخبًا قوياً قادراً على انتزاع الإعجاب باستفادته من عناصره القوية التي لم تكن قادرة على تقديم نفس العطاءات في السنوات الأخيرة.
ومع المزيد من المواهب الجزائرية المتهاطلة من الملاعب الأوروبية نجح بلماضي في مزج القديم بالجديد ليقدم لنا مستوى رائع حتى الآن خلال البطولة.
البعض رأى أن بلماضي ألقى بأوراقه كلها ولم يدخرها للأوقات الحاسمة من المسابقة، لكن حتى وإن صح هذا فإن الجزائر احتاجت بشدة لتلك العروض القوية ليكتسب اللاعبون الثقة من جديد بعدما افتقدوها وظنوا أن تراجعهم السابق ما هو إلا مستواهم الطبيعي، لكن بلماضي منحهم قُبلة الثقة هذه لينفجر مستوى كثيرين ويقدموا أفضل العروض حتى الآن عل وعسى تكون هذه هي مرتهم أخيراً بعد إنجازهم الوحيد قبل 29 عاماً.
ودعت منتخبات مصر والمغرب وتونس وموريتانيا كأس أمم أفريقيا من أدوار مبكرة بعدما فشلوا في تحقيق آمال جماهيرهم المختلفة.
فإذا كانت موريتانيا قد قدمت ما عليها من قبل بالتأهل للبطولة في إنجاز كبيرة للكرة الموريتانية، فإن مسألة خروج مصر والمغرب وتونس من الدور الإقصائي الأول كان أمرًا صادمًا للكثيرين خاصة بالنسبة لمصر والمغرب اللذين واجها منافساً يُنظر إليه على الورق على الأقل على أنه الطرف الأقل قوة.
الجزائر فقط هي من أفلتت من هذا المصير القاسي وواصلت تقديم عروضها القوية في البطولة بعدما تأهل لربع النهائي بثلاثية نظيفة في مرمى غينيا.
المغرب الكلاسيكية
مهما امتلكت المغرب من أسماء قوية في تشكيلتها فإنه في أمم أفريقيا خيبة أملها هي القاعدة والتميز هو الاستثناء.. لا يُعقل أن يمتلك منتخباً بحجم أسود أطلس هذا السجل السيء جدًا في البطولة القارية والذي يمتلئ بوداعيات الدور الأول والثاني.. فقط النقطة المضيئة في 2004 كانت ومازالت هي لقطة الفريق الواعدة في ربع القرن الأخير على الأقل.
صحيح أنه هذا هو السجل الكلاسيكي للمغرب في البطولة لكن الأداء العظيم للفريق في كأس العالم ووصول مدرب أخيراً قادر على أن يسيطر على تلك التشكيلة المميزة كان علامات وبشرى جيدة لمنتخب لا يحتاج سوى لفعل الشيء الطبيعي ولا يحتاج لبذل مجهود مضاعف من أجل اكتشاف قوة التشكيلة، فالتشكيلة واضحة القوة والأسماء الموهوبة متوفرة وبشدة في كل الخطوط.
لذلك كانت الصدمة كبيرة.. صحيح أن المغرب قدمت أداءً مقبولًا خلال البطولة لكنها فشلت في النهاية في اكتشاف خبايا وخفايا دفاع بنين.. ربما كانت البداية في خلاف حمد الله مع زملائه.. ربما كانت كل هذه الأمور لتتلاشى إن سجل حكيم زياش ركلة الجزاء أمام بنين في الدقيقة 95.. الكثير من الاحتمالات ولا أحد يستطيع الجزم بأن واحداً فقط هو الصحيح وتبقى الحقيقة الواضحة هي أن المغرب لا تمتلك شفرة أمم أفريقيا رغم قوة منتخبها وتشكيلتها التي ربما تكون هي الأقوى على الورق من بين الجميع.
مصر فعلت المتوقع.. ولكن
ما حدث في ملعب القاهرة ليلة السادس من يوليو كان متوقعاً، فقط الاختلاف على التوقيت.. شخصيًا لم أتوقع أبدًا أن تتوج مصر باللقب لكن لم أتوقع كذلك سقوطها أمام جنوب أفريقيا.
الكثير من الأمور حدثت في منتخب مصر.. ربما بدأت الحكاية هذه المرة قبل عام مع الخروج المخزي من كأس العالم وربما تكون قد بدأت مع وصول خافيير أجيرّي بشكل مريب ثم وصول ميشيل سالجادو بشكل أكثر غرابة أو ربما يكون كل شيء كان قادراً على انصلاح الحال إن اختار المدرب المكسيكي من يستحق فعلاً التواجد.
أن يختار مدرباً لاعباً أقل بعض الشيء من آخر لأفكار تدريبية خاصة به ربما يكون أمرًا مقبولًا، لكن أن يتجاهل لاعباً بفارق مستوى ضخم عمن اختاره دون أن يكون لهذا اللاعب سابقة تمرد على سبيل المثال أو أي نقطة سوداء غير فنية تعوق اختياره فهذا أمر مثير للاستغراب والحديث هنا عن لاعب مثل عبدالله جمعة. أمور أقل وطأة في التشكيلة الأساسية كانت موجودة لكن الخلاصة كانت أن مصر لا تدخل لأمم أفريقيا بأفضل تشكيلة لها.
أما على الصعيد الفني فإن أجيرّي قدم نفسه في بداية مسيرته مع مصر كمجدد ومُخلّص للفريق من فكر هيكتور كوبر فعمد إلى لعب كرة هجومية واستخدام الأظهرة بشكل واضح في بناء الهجمة وإرسال العرضيات لكن قبل أمم أفريقيا بفترة قصيرة بدا وأن الرجل قد أعاد حساباته وتخلى عما كان يلعب به في البداية أملاً ربما في صلابة دفاعية أكبر افتقدها في أغلب تجاربه لمن تابع مسيرته في الليغا.
ثم جاءت مشكلة عمرو وردة لتزيد من النفور الجماهيري مع اللاعبين، كما أن انتقادات طالت وجود نوعية من الجماهير لا تقوم بالتشجيع بشكل مستمر لتخسر مصر أكبر عامل فازت فيه بأمم أفريقيا 2006 عندما لم تكن كذلك المرشح الأول.
الجزائر بشكل جديد
منذ إنجاز كأس العالم 2014 والجزائر تترنح بشكل كبير ففشلت في العثور على ضالتها من المدربين ليتلقف المنتخب عدة أيادي تدريبية لم تنجح سوى في جلب الكثير من العداوة مع الصحافة الجزائرية وتجلى ذلك في تجربة الأسطورة رابح مادجر الذي كان مشغولًا بصراعاته مع الصحافة أكثر من أي شيء آخر.
حتى جاء جمال بلماضي.. الرجل الذي نجح في قطر كان قادراً على أن يعيد اللُحمة ويصنع منتخبًا قوياً قادراً على انتزاع الإعجاب باستفادته من عناصره القوية التي لم تكن قادرة على تقديم نفس العطاءات في السنوات الأخيرة.
ومع المزيد من المواهب الجزائرية المتهاطلة من الملاعب الأوروبية نجح بلماضي في مزج القديم بالجديد ليقدم لنا مستوى رائع حتى الآن خلال البطولة.
البعض رأى أن بلماضي ألقى بأوراقه كلها ولم يدخرها للأوقات الحاسمة من المسابقة، لكن حتى وإن صح هذا فإن الجزائر احتاجت بشدة لتلك العروض القوية ليكتسب اللاعبون الثقة من جديد بعدما افتقدوها وظنوا أن تراجعهم السابق ما هو إلا مستواهم الطبيعي، لكن بلماضي منحهم قُبلة الثقة هذه لينفجر مستوى كثيرين ويقدموا أفضل العروض حتى الآن عل وعسى تكون هذه هي مرتهم أخيراً بعد إنجازهم الوحيد قبل 29 عاماً.