الخرطوم - عبدالناصر الحاج

لأول مرة منذ اندلاع الحراك الثوري في السودان منذ ديسمبر في العام الماضي، يخالف المتظاهرون السودانيون مواقيت الحراك المُعلن من قبل قوى إعلان الحرية والتغيير، حيث كانت قوى الحرية والتغيير قد أعلنت عن تسيير مواكب "العدالة أولاً" عند تمام الساعة الخامسة بعد الظهر، السبت، في يوم "أربعينية" شهداء عملية فض الاعتصام من أمام قيادة الجيش السوداني بالعاصمة السودانية الخرطوم. بيد أن المتظاهرين خرجوا للشوارع في تمام الساعة الواحدة ظهراً – أي نفس المواقيت التي درج المتظاهرون على الالتزام بها أعقاب البيانات الرسمية التي تصدرها الحرية والتغيير والتي كانت دائماً محددة بالساعة الواحدة ظهراً طيلة فترات الحراك الثوري السابقة.

من جانبه، قال عضو سكرتارية شبكة الصحفيين السودانيين، حسن فاروق، إن ""أربعينية الشهداء" تؤكد على أنها حراكاً ثورياً استثنائياً ينتظم الآن في السودان وله ما بعده".

واستجاب مئات المتظاهرين في السودان، السبت، لدعوة أطلقها تجمع المهنيين السودانيين لتسيير مواكب تحمل اسم "العدالة أولاً" في يوم "أربعينية" شهداء عملية فض الاعتصام من أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني بالعاصمة الخرطوم.

وبحسب متابعات "الوطن" خرج المتظاهرون في عدد من مدن السودان، في مدينة كسلا شرقي السودان، والأبيض غربي البلاد، وود مدني والحصاحيصا في وسط البلاد، وكذلك في عدد من أحياء العاصمة السودانية الخرطوم. وطاف المتظاهرون بالشوارع الرئيسية لتلك المدن يحملون صور الشهداء، وصولاً لمنازلهم بحسب المدن و الأحياء التي تقطنها عائلاتهم.

مراقبون وصفوا حراك "السبت" بأنه يرسل رسالة شديدة اللهجة لطرفي الاتفاق الذي يجري التحضير لوضع لمساته الأخيرة الآن بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير.

وكانت الوساطة الأفريقية الإثيوبية، أعلنت على لسان مبعوث الاتحاد الأفريقي، محمد الحسن ود لبات، فجر الجمعة، أن قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي اتفقوا اتفاقاً كاملاً على بنود وثيقة الإعلان السياسي وتبقى لهم الاتفاق على مسودة الإعلان الدستوري. بيد أن كثير من القيادات الميدانية في الحراك الثوري أبدوا تحفظهم على أية اتفاق لا يقوم على مبدأ العدالة والقصاص لشهداء فض الاعتصام، في إشارة لتحمل المجلس العسكري مسؤوليته المباشرة عن الحادثة.

وفي هذا الصدد، قال عضو سكرتارية شبكة الصحفيين السودانيين – إحدى الكيانات الموقعة على إعلان الحرية والتغيير، الصحفي حسن فاروق لـ"الوطن" إن "حراك السبت الثالث عشر من يوليو كان معلناً عنه من قبل الاتفاق، وكان من الممكن إرجائه لوقت لاحق بحسبان أن منع التصعيد من ضمن المطالب الرئيسة لتهيئة مناخ التفاوض، ولكن خروج المتظاهرين في أربعينية الشهداء، يؤكد تماماً أن قضية الشهداء هي قضية مركزية لا يمكن التغافل عنها". وأضاف فاروق أن "الحديث الذي يدور الآن عن أن مسودة الاتفاق بين الحرية والتغيير والمجلس العسكري، تحوي بنداً يمنح أعضاء مجلس السيادة حصانة تمنعهم من المساءلة الجنائية طيلة فترة ولايتهم، هو ذات الأمر الذي يجعل الآن المتظاهرون أكثر حماساً للمطالبة بالمدنية والعدالة والقصاص للشهداء، خصوصاً في ظل وجود شكوك كبيرة تدور حول مسؤولية المجلس العسكري أو بعضاً من أعضائه عن عملية فض الاعتصام بتلك الوحشية التي راح ضحيتها عشرات الشهداء"، مضيفاً أن "الثورة السودانية أكدت الآن أنها أكبر قامة من كل الاتفاقات التي تدور في الغرف المظلمة على حد تعبيره، وأن "أربعينية" الشهداء تؤكد على أنها حراك ثوري استثنائي ينتظم الآن في السودان وله ما بعده.