ألحقت العقوبات الأميركية، ضررا كبيرا بالاقتصاد الإيراني، وهو ما دفع عددا من مواطني البلاد إلى الاستعانة بالعملات الرقمية، في محاولة للتخفيف من وطأة الأزمة، لكن هذا الخيار لا يخلو بدوره من العواقب.

وبحسب ما نقلت وكالة "أسوشيتد برس"، فإن عددا من المسؤولين الإيرانيين يخشون أن يؤدي تعدين العملات الرقمية إلى عبء مالي كبير، بالنظر إلى اعتماده بشكل كبير على شبكة الكهرباء المدعوم من الحكومة.

وفي وقت سابق، حذر مسؤولون في واشنطن، من احتمال لجوء إيران إلى العملات المشفرة لأجل الالتفاف على العقوبات المفروضة بسبب برنامجيها الصاروخي والنووي وسلوكها العدائي في الشرق الأوسط.

وتحظى عملة "بتكوين" باهتمام واسع في إيران، فظهرت على واجهة الصحف، كما نوقشت من قبل رجال الدين، وشنت الشرطة حملات ضد ورشات سرية لأجل تعدين العملة من خلال الحواسيب.

وتختلف العملات الرقمية عن نظيرتها التقليدية، لأنها لا تصدر عن بنوك مركزية، كما أنها تخضع لتداول واسع في السوق العالمية، دون الخضوع لأي هيئة.

وبفعل هذا التحرر من القيود التقليدية، تقوم الحواسيب في كثير من دول العالم بتعدين البيانات، أي أنها تستخدم خوارزميات على درجة كبيرة من التعقيد لأجل التحقق من الصفقات الجارية.

وحين يجري التحقق من صفقة معينة، يُطلق عليها اسم الكتلة، ثم تُضاف إلى سجل عام يعرف "سلسلة الكتل" أو الـ(بلوك تشين).

وعندما يقوم "المعدنون" بإضافة كتلة جديدة إلى السلسلة، يتلقون مقابلا من العملة الرقمية لبتكوين، لكن هذه العملية تستهلك قدرا كبيرا من الطاقة الكهربائية حسب خبراء.

وإلى جانب استهلاك الطاقة الكهربائية، بشكل كبير، تتطلب هذه العملية، إبقاء الحواسيب في درجة حرارة منخفضة، لكن من يقومون بالتعدين في إيران، لا يكترثون بفاتورة الطاقة لأن الكهرباء رخيصة بالنظر إلى الدعم الحكومي، أما الحواسيب فيتم الحصول عليها من الأجهزة الصينية.

ويسعى معدنو بتكوين، إلى إحراز بعض المكاسب المالية بعدما انحدر الريال الإيراني إلى الهاوية، فصار الدولار الواحد يعادل 120 ألف ريال، فيما كان هذا الرقم لا يتجاوز 32 ألف ريال للدولار، في سنة 2015، أي عند توقيع الاتفاق النووي الذي انسحبت منه واشنطن في مايو 2018.

وقال وزير الاتصالات وتكنلوجيا المعلومات الإيراني، محمد جواد أزاري جهرومي، إن إيران تحولت إلى "جنة للأشخاص الذين يقومون بتعدين العملات الرقمية".

وأوضح جهرومي، في تصريح لأسوشيتد برس، أن نشاط تعدين العملات الرقمية ليس ممنوعا في إيران، لكن الحكومة والبنك المركزي طلبا من مكتب الجمارك أن تحظر استيراد أجهزة التعدين، إلى حين إقرار تشريعات بشأن الأمر في البلاد.

من ناحيته، قال رئيس نقابة صناعة الكهرباء في إيران، علي بخشي، إن وزارة الطاقة قد ترفع تكلفة الكهرباء، على الأشخاص الذين يقومون بالتعدين، ورجح أن يصل السعر إلى سبعة سنتات للكيلو وات الواحد، فيما لا يتجاوز السعر في الوقت الحالي نصف سنت.

لكن ما يخشاه بعض المسؤولين في إيران، لاسيما رجال الدين، هو أن يستطيع هؤلاء الأشخاص الذين يعدنون العملات، أن ينقلوها إلى الخارج، لأنها تتحرك في مجال افتراضي.

وأورد موقع "تابناك" المقرب من قيادي سابق في الحرس الثوري الإيراني، أن ثلاثة من رجال الدين يحرمون البتكوين، ويزعمون أن التعامل بها لا أصل له في الدين.