يعد المرحوم أحمد إبراهيم عبيد أحد أبناء فريق الشيوخ "بوصرة" الذين لهم ذكر طيب في نفوس أهله وأقرانه وأبناء الفريق وطلاب المعرفة.
والده من مواليد المحرق، ونشأ فيها وترعرع، ودرس القرآن في أحد مراكز تدريس القرآن الكريم "المطوع"، وغادر البحرين إلى الأحساء بالمملكة العربية السعودية لتلقي العلوم الدينية على أيدي علمائها المشهورين، وبعد عودته إلى البحرين، فتح مطوعاً لتدريس القرآن الكريم بالمحرق قبل انتقاله إلى المنامة بفريق الشيوخ "بوصرة" وكان بيته مطلاً على شارع الشيخ عبدالله، وفي المحرق أسس أيضاً المكتبة الوطنية عام 1925، وفي عام 1937 نقل المكتبة من المحرق إلى المنامة، بشارع باب البحرين، ومن هذه المكتبة التي تعد داراً للثقافة، أخذ يراسل دور الكتب وأصحابها في الهند ومصر وسوريا ولبنان والعراق، بل يسافر إلى تلك الدول للاطلاع واختيار الكتب والصحف والمجلات والدوريات التي تشد القارئ والمثقف البحريني، وبما يتحلى به من دماثة الأخلاق والصدق والأمانة، كسب حب وثقة كل من اتصل به بتلك البلدان، وأصبحت المكتبة الوطنية السفير والسفارة المعتمدة في تلك الحقبة من الزمن، وهذه السجايا زرعها في وجدان أبنائه من الصغر، الذين أصبح لهم ذكر في سيرة المكتبة الوطنية وإلى يومنا هذا، وهم المرحوم محمد، والمرحوم أحمد الذي أنا بصدد كتابة نبذة عن حياته العطرة، ثم فاروق وفؤاد أطال الله عمرهما وله من البنات ست.
أبناء المرحوم إبراهيم عبيد رضعوا المعرفة، وتفتحت عيونهم بين الكتب والصحف، وأصبح لديهم إلمام بأذواق مثقفي البحرين من شعراء وأُدباء في جميع فروع الأدب، إلى جانب البحوث العلمية على اختلافها، والسير الذاتية لعظماء الرجال في الوطن العربي، ويأتي في مقدمتهم ما تفتقت عنه عبقرية الأدباء البحرينيين، ونتاجهم الأدبي، فكانت المكتبة الوطنية هي الحاضنة والمروجة والناشرة لتلك الكتب.
المرحوم أحمد عبيد، عشق الرياضة منذ نعومة أظفاره، إذ مارسها في المدرسة الابتدائية، وعلى رأسها كرة القدم، مارسها لعباً وتحكيماً وتدريباً وقائداً للفريق الذي أسسه.
كنت أحد اللاعبين المنضوين للفريق الذي كونه في أواخر الأربيعينيات وأوائل الخمسينيات من القرن الماضي، وانضم إلى هذا الفريق أغلب تلاميذ تلك الحقبة بفريق الشيوخ، وأذكر منهم أخاه فاروق وأخاه فؤاد ومبارك المغربي، وأمين المهزع وبركات المهزع ومحسن علي علوان وحبيب علي علوان وغيرهم.
وعند انتقاله إلى المرحلة الثانوية أقسم عليه والده أن يترك كرة القدم ويفرغ نفسه للدراسة، وانصاع لأوامر والده، وسلمني المسؤولية، وكانت مسؤولية كبيرة بالنسبة إلي، لكن هيأ الله تعالى لي من يساعدني على ذلك، وهم عبدالعزيز أحمد الملا، وصالح محمد صالح عبيد، ويوسف أحمد، وكونّا فريقاً أكثر تقدماً من الفريق السابق واستأجرنا دكاناً كمقر للفريق بإيجار قدرة 40 ربية "4 دنانير" – الفرق الكروية آنذاك بلا رخصة من الحكومة – ، وعيّنا عبدالله لي رئيساً وعبدالله محمد شريف مدرباً وعبدالعزيز الملا وصالح محمد عبيد ويوسف أحمد إداريين، وأنا أمين الصندوق، وأطلقنا على الفريق فريق اللؤلؤ، ومن ثم أسسنا نادي اللؤلؤ عام 1958.
أحمد عبيد بعد تخرجه من الثانوية، توجه للتدريس بإدارة بالمعارف - وزارة التربية و التعليم حالياً- وقضى في هذه المهنة عمراً من حياته، حتى تقاعده، في زمن لم يكن فيه راتب للمتقاعد.
وحيث إنه تتلمذ على يد والده في المكتبة الوطنية، وعرف فنونها، وكيفية استيراد وبيع الكتب، فتح له مكتبة خاصة به أسماها مكتبة الجيل الجديد وتقع على شارع الشيخ عبدالله بالمنامة، ونجح في مشروعه هذا أيما نجاح، وكانت مقصد طلاب المعرفة من بحرينيين وخليجيين، خاصة الكتب الملخصة لمناهج الدراسة الثانوية مع الأسئلة والأجوبة، وكان يستوردها من مصر – منهجنا الدراسي حينها حسب المنهج الدراسي في مصر- ، لأنه يتوافق مع ديننا وعروبتنا وسياسة حكومتنا الموقرة، واستطاع أن يبني مستقبله ومستقبل أسرته مما يكسبه بجده واجتهاده، وبعد تشييد مركز أحمد الفاتح الإسلامي وأراد المسؤولون البحث عمن له خبرة في تصنيف الكتب وتبويبها في الرفوف الخاصة بها وتدوينها حسب الترتيب المتبع في المكتبات الحديثة، إذ قام المسؤولون عن هذا الجانب بالاتصال بالمرحوم أحمد عبيد وطلبوا إليه الإشراف على هذه المهمة، نظير مبلغ معين كل شهر لمدة سنة قابلة للتجديد، فكان رحمه الله تعالى عند حسن ظن من اختاره.
المرحوم أحمد عبيد، كان مولعاً بالرسم، خاصة رسم الشخصيات بالقلم الرصاص، الشائع في زمانه، وحيث إنه يملك قلماً رزيناً، قام بمراسلة جريدة أخبار الخليج، وأخذ يرسل تلك المواضيع التي تهم الوطن وأمنه، وآراء تهم المواطن وما يجب عليه تجاه وطنه وإخوانه المواطنين، وكانت تلك المواضيع تنال قبول الصحيفة المذكورة وتجد لها الصدارة في باب بريد القراء، ولها أيضاً صدى عند القراء الكرام، وكان يمني النفس بطباعتها في كتاب واحد، لتبقى له ذكرى خالدة، لكن المنية لم تمهله، وأصيب بمرضٍ في عينيه مما قلل إنتاجه الأدبي، بل التوقف عن الكتابة، ومن ثم تكالبت عليه الأمراض حتى وافته المنية بتاريخ 15-7-2017.
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: - "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
* ملحوظة:- بعض المعلومات مرجعها كتابي الذي ألفته عن فريق الشيوخ تحت عنوان من عبق الماضي والذي نشر مسلسلاً في جريدة أخبار الخليج منذ عام 1997.
والده من مواليد المحرق، ونشأ فيها وترعرع، ودرس القرآن في أحد مراكز تدريس القرآن الكريم "المطوع"، وغادر البحرين إلى الأحساء بالمملكة العربية السعودية لتلقي العلوم الدينية على أيدي علمائها المشهورين، وبعد عودته إلى البحرين، فتح مطوعاً لتدريس القرآن الكريم بالمحرق قبل انتقاله إلى المنامة بفريق الشيوخ "بوصرة" وكان بيته مطلاً على شارع الشيخ عبدالله، وفي المحرق أسس أيضاً المكتبة الوطنية عام 1925، وفي عام 1937 نقل المكتبة من المحرق إلى المنامة، بشارع باب البحرين، ومن هذه المكتبة التي تعد داراً للثقافة، أخذ يراسل دور الكتب وأصحابها في الهند ومصر وسوريا ولبنان والعراق، بل يسافر إلى تلك الدول للاطلاع واختيار الكتب والصحف والمجلات والدوريات التي تشد القارئ والمثقف البحريني، وبما يتحلى به من دماثة الأخلاق والصدق والأمانة، كسب حب وثقة كل من اتصل به بتلك البلدان، وأصبحت المكتبة الوطنية السفير والسفارة المعتمدة في تلك الحقبة من الزمن، وهذه السجايا زرعها في وجدان أبنائه من الصغر، الذين أصبح لهم ذكر في سيرة المكتبة الوطنية وإلى يومنا هذا، وهم المرحوم محمد، والمرحوم أحمد الذي أنا بصدد كتابة نبذة عن حياته العطرة، ثم فاروق وفؤاد أطال الله عمرهما وله من البنات ست.
أبناء المرحوم إبراهيم عبيد رضعوا المعرفة، وتفتحت عيونهم بين الكتب والصحف، وأصبح لديهم إلمام بأذواق مثقفي البحرين من شعراء وأُدباء في جميع فروع الأدب، إلى جانب البحوث العلمية على اختلافها، والسير الذاتية لعظماء الرجال في الوطن العربي، ويأتي في مقدمتهم ما تفتقت عنه عبقرية الأدباء البحرينيين، ونتاجهم الأدبي، فكانت المكتبة الوطنية هي الحاضنة والمروجة والناشرة لتلك الكتب.
المرحوم أحمد عبيد، عشق الرياضة منذ نعومة أظفاره، إذ مارسها في المدرسة الابتدائية، وعلى رأسها كرة القدم، مارسها لعباً وتحكيماً وتدريباً وقائداً للفريق الذي أسسه.
كنت أحد اللاعبين المنضوين للفريق الذي كونه في أواخر الأربيعينيات وأوائل الخمسينيات من القرن الماضي، وانضم إلى هذا الفريق أغلب تلاميذ تلك الحقبة بفريق الشيوخ، وأذكر منهم أخاه فاروق وأخاه فؤاد ومبارك المغربي، وأمين المهزع وبركات المهزع ومحسن علي علوان وحبيب علي علوان وغيرهم.
وعند انتقاله إلى المرحلة الثانوية أقسم عليه والده أن يترك كرة القدم ويفرغ نفسه للدراسة، وانصاع لأوامر والده، وسلمني المسؤولية، وكانت مسؤولية كبيرة بالنسبة إلي، لكن هيأ الله تعالى لي من يساعدني على ذلك، وهم عبدالعزيز أحمد الملا، وصالح محمد صالح عبيد، ويوسف أحمد، وكونّا فريقاً أكثر تقدماً من الفريق السابق واستأجرنا دكاناً كمقر للفريق بإيجار قدرة 40 ربية "4 دنانير" – الفرق الكروية آنذاك بلا رخصة من الحكومة – ، وعيّنا عبدالله لي رئيساً وعبدالله محمد شريف مدرباً وعبدالعزيز الملا وصالح محمد عبيد ويوسف أحمد إداريين، وأنا أمين الصندوق، وأطلقنا على الفريق فريق اللؤلؤ، ومن ثم أسسنا نادي اللؤلؤ عام 1958.
أحمد عبيد بعد تخرجه من الثانوية، توجه للتدريس بإدارة بالمعارف - وزارة التربية و التعليم حالياً- وقضى في هذه المهنة عمراً من حياته، حتى تقاعده، في زمن لم يكن فيه راتب للمتقاعد.
وحيث إنه تتلمذ على يد والده في المكتبة الوطنية، وعرف فنونها، وكيفية استيراد وبيع الكتب، فتح له مكتبة خاصة به أسماها مكتبة الجيل الجديد وتقع على شارع الشيخ عبدالله بالمنامة، ونجح في مشروعه هذا أيما نجاح، وكانت مقصد طلاب المعرفة من بحرينيين وخليجيين، خاصة الكتب الملخصة لمناهج الدراسة الثانوية مع الأسئلة والأجوبة، وكان يستوردها من مصر – منهجنا الدراسي حينها حسب المنهج الدراسي في مصر- ، لأنه يتوافق مع ديننا وعروبتنا وسياسة حكومتنا الموقرة، واستطاع أن يبني مستقبله ومستقبل أسرته مما يكسبه بجده واجتهاده، وبعد تشييد مركز أحمد الفاتح الإسلامي وأراد المسؤولون البحث عمن له خبرة في تصنيف الكتب وتبويبها في الرفوف الخاصة بها وتدوينها حسب الترتيب المتبع في المكتبات الحديثة، إذ قام المسؤولون عن هذا الجانب بالاتصال بالمرحوم أحمد عبيد وطلبوا إليه الإشراف على هذه المهمة، نظير مبلغ معين كل شهر لمدة سنة قابلة للتجديد، فكان رحمه الله تعالى عند حسن ظن من اختاره.
المرحوم أحمد عبيد، كان مولعاً بالرسم، خاصة رسم الشخصيات بالقلم الرصاص، الشائع في زمانه، وحيث إنه يملك قلماً رزيناً، قام بمراسلة جريدة أخبار الخليج، وأخذ يرسل تلك المواضيع التي تهم الوطن وأمنه، وآراء تهم المواطن وما يجب عليه تجاه وطنه وإخوانه المواطنين، وكانت تلك المواضيع تنال قبول الصحيفة المذكورة وتجد لها الصدارة في باب بريد القراء، ولها أيضاً صدى عند القراء الكرام، وكان يمني النفس بطباعتها في كتاب واحد، لتبقى له ذكرى خالدة، لكن المنية لم تمهله، وأصيب بمرضٍ في عينيه مما قلل إنتاجه الأدبي، بل التوقف عن الكتابة، ومن ثم تكالبت عليه الأمراض حتى وافته المنية بتاريخ 15-7-2017.
رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: - "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
* ملحوظة:- بعض المعلومات مرجعها كتابي الذي ألفته عن فريق الشيوخ تحت عنوان من عبق الماضي والذي نشر مسلسلاً في جريدة أخبار الخليج منذ عام 1997.