التقرير الذي نشرته «العربية نت» أخيراً عن الذي كشفته طالبة بريطانية من أصل إيراني تدعى آنا دايموند كانت قد تعرضت للاعتقال والتعذيب في إيران في 2016 لموقع «القناة 4» البريطانية لا يحتمل التشكيك، فما قالته الطالبة يؤكد ما قاله آخرون مروا بتجارب مماثلة ويؤكد وحشية النظام الإيراني.

ملخص ما قالته الطالبة أنها اعتقلت من قبل استخبارات الحرس الثوري عند ذهابها لزيارة عائلة جدها وواجهت 52 تهمة بينها 3 تهم عقوبتها الإعدام «التجسس والزندقة والإفساد في الأرض» وبقيت في الحبس الانفرادي أكثر من 7 أشهر تعرضت خلالها لشتى أنواع التعذيب منها الإعدام الوهمي والإيهام بأن الأصوات التي تسمعها خارج زنزانتها هي أصوات أمها التي تتعرض للضرب.

كانت دايموند قد سافرت مع عائلتها إلى إسرائيل خلال العطلة الصيفية قبل أن تقرر العائلة زيارة إيران لرؤية جدها، لكنها اعتقلت في المطار بسبب قولها بأنها قدمت من بريطانيا فاحتجزوها وصادروا جواز سفرها وهاتفها المحمول وجهاز الكمبيوتر وأدخلوها في تلك المعاناة التي لا تنسى.

الطالبة قالت إنها اضطرت للحديث عن تجربتها الآن بعد توارد الأنباء عن تدهور الوضع الصحي لعاملة الإغاثة الإيرانية البريطانية، نازانين زاغري، المعتقلة في سجن إيفين لتلفت العالم إلى ما تعانيه وتسهم في إطلاق سراحها.

هذه الواقعة وغيرها كثير لا يصدقها المهووسون بالنظام الإيراني، فهؤلاء يعتقدون بأنه نظام لا يأتيه الباطل من أي اتجاه وأنه بناء عليه فإن كل ما يقال عنه لا يمت للواقع بصلة. لكن من عانى ويعاني من هذا النظام وهم كثر لا يترددون عن التصديق على كل حكاية تروى عن وحشيته ولا إنسانيته، ولو أن من ذاقوا ويلات التحقيق ووجبات التعذيب في سجونه سطروا معاناتهم في كتب لامتلأت بها أرفف المكتبات، بل إن مكتبة كبيرة لا تكفي للكتب التي يسطر فيها المنتمون إلى «مجاهدي خلق» ومناصروهم بعض ما عانوه ويعانونه في سجون النظام حيث التعذيب فيها يستند إلى فتاوى شرعية يمكن أن تصدر في كل حين بناء على طلب السجان!

المؤلم والأكثر إيلاماً في حديث الملالي عن المعتقلين والسجناء هو أنهم يتحدثون عن فظاعة التعذيب في سجون الدول التي يتخذون منها موقفاً وينكرون حصول شيء من ذلك في سجونهم التي يزداد عددها باستمرار ويفضح ما يجري فيها بعض من يخرج منها وهو لايزال قادراً على الكلام.

الحديث عن الذي يحدث في سجون النظام الإيراني يشيب منه الولدان، وهو حديث يؤلم مستمعيه كثيراً لأنه يكشف عن الذي يحدث في دولة تعتبر نفسها إسلامية وتطبق الشرع الإسلامي وترفع شعارات حقوق المعتقل والسجين. الحقيقة المؤلمة هي أنه لا يوجد حقوق في غرف النظام الإيراني المغلقة لا للمعتقل ولا للسجين ولا لصغير أو كبير ولا لذكر أو أنثى، فالجميع فيها سواسية!

كل من يقول بأن هذا الكلام مبالغ فيه ولا يعبر عن الواقع عليه أن يثبت عكسه، وكل من يقول بأن نظام الملالي لا يمارس هذا الإجرام يضحك على نفسه لكنه بالتأكيد سيصدقه لو وقع في أيدي جلاوزته وأدخل إحدى تلك الغرف التي دخلتها تلك الطالبة البريطانية ويعاني فيها حالياً الكثيرون من أمثال نازانين زاغري وكثيرون ممن يشك أعوان النظام في أنهم من المنتمين لمنظمة مجاهدي خلق أو المتعاطفين معهم وكثيرون من الذين تم ويتم القبض عليهم وهم يمارسون «حقهم» في المطالبة بإسقاط نظام الملالي بـ»الطرق السلمية».

لا ينفك النظام الإيراني عن الحديث عن الدول الأخرى وتوجيه ما يشاء من اتهامات لها بالإساءة إلى حقوق الإنسان، لكنه يأبى أن يرى ما هو فيه وما يمارسه ويمنع الآخرين من قوله.