محمد الدرويش

سقط نادي آرسنال خلال المواسم الثلاثة الماضية بسلسلة من النتائج السلبية ودخل أزمة الابتعاد عن منصات التتويج والمنافسة على البطولات والألقاب سواءً تلك القارية أو حتى على الصعيد المحلي، وأؤمن تماماً أن الهبوط في المستوى الذي رافق مدفعجية لندن ما هو إلا بسبب سوء الإدارة وابتعادها عن وضع خطط منهجية ورؤوية واضحة المعالم لمستقبل الفريق، الذي كان في يومٍ من الأيام وقبل عقدٍ من الزمن فقط أحد العمالقة والبُعبع المُخيف الذي تخشى مواجهته حتى كبار فرق القارة العجوز.

وبعد محاولة إدارة المدفعجية تغيير منهجها المستقبلي، بدأ ذلك قبل عامين تحديداً عندما رحل أحد وأهم أركان الحرس القديم، المدير الفني للفريق آرسين فينغر الذي تخلى عن منصبه لصالح اختيار وتعيين الإسباني أوناي إيمري أحد أفضل المدربين في العالم على رأس الإدارة الفنية للجنرز، والذي نجح في تلك الفترة نجاحاً منقطع النظير سواءً على الصعيد المحلي مع باريس سان جيرمان في فرنسا أو قارياً وأوروبياً مع إشبيلية الذي قاده الإسباني للفوز بلقب بطولة الدوري الأوروبي ثلاث مرات متتالية، ولكن هذا لم يشفع له وفشل بدوره في إعادة آرسنال ضمن قائمة الأربعة الأوائل في إنجلترا رغم ما يتمتع به من جودة كمدرب ذي إطلاعٍ واسع وخبرة كبيرة على صعيد كرة القدم الأوروبية.

ولا تبدو مشكلة آرسنال فنية -تكتيكية بقدر ما هي إدارية- تنظيمية لإهمال إدارة الفريق الجانب الرياضي نوعاً ما وعدم السعي منها لمدّ الفريق بلاعبين جدد وهذه أكبر المشاكل التي يواجهها ممثل العاصمة لندن، الأمر الذي بدأ يثير غضب واستياء الجماهير التي أصبحت تتشوق من جديد لرؤية آرسنال نسخة "تيري هنري" وهم يصولون ويجولون في الملاعب الإنجليزية طولاً وعرضاً ضاربين بيدٍ من حديد كل منافسٍ لهم.

جزء من مشكلة آرسنال اليوم يعود إلى بخل إدارة النادي وعدم نجاح المدرب في عقد الصفقات التي يود القيام بها، ورغم التعاقد مع نيكولاس بيبي من ليل في صفقة قياسية بتاريخ النادي بلغت 72 مليون جنيه إسترليني جعلته الأغلى في تاريخ آرسنال وكذلك أغلى لاعب أفريقي في التاريخ، إلا أنّ تعاقداً واحداً ليس كافياً من أجل حل الأزمة ودفن المشكلة فالفريق بحاجة إلى مدافعين على الأقل واحد في مركز قلب الدفاع الذي يحتاج للاعب قائد قادر على منح الثقة لزملائه في الفريق والثاني ظهير من المستوى الأول يستطيع سد الثغرات التي قد يخلفها تقدم لاعبو الأجنحة أو حتى عن طريق المساندة الأمامية للمهاجمين.

ومن أهم المشاكل التي يعاني آرسنال منها هي غياب القائد الملهم للفريق وبدأت تظهر هذه المشكلة خصوصاً في ظل التراجع الرهيب بمستوى صانع الألعاب والنجم الذي من المفترض أن يكون اللاعب الأول في صفوف الفريق الألماني مسعود أوزيل ولا يمكن لأحد أن ينكر ما يتمتع به أوزيل -في أفضل حالاته- من مهارة وجودة، إلا أنه يفتقر للعب دور القائد القادر على بثّ الروح والحماس من جديد في صفوف الفريق أثناء المباريات.

ولا تتوقف مشاكل آرسنال عند هذا الحدّ، بل يبدو أن إدارة النادي فهمت أين هي المشكلة وبما يكمن الحل من خلال تعيين السويدي فريدي ليونبيرغ للعمل في الفريق الأول جنباً إلى جنب مع إيمري وستكون مهمته الأساسية هي دمج المواهب الواعدة من فريق الشباب في صفوف الفريق الأول، وما يتمتع به نجم آرسنال سابقاً من خبرة داخل أسوار ملعب الإمارات قد تعطي حلولاً إضافية للفريق إن علمنا أيضاً أنه كان أحد نجوم الجيل الذهبي للفريق تحت قيادة تيري هنري في العقد الماضي.

تعديلات بسيطة يجب القيام بها ستعطي إيمري بعض الحلول لتصحيح ما يمكن تصحيحه، مجرد العودة ضمن قائمة الأربعة الأوائل الموسم القادم سيكون إنجازاً بحد ذاته لآرسنال وكرأي شخصي اعتبره إنجازاً لا يقل أهمية عن الفوز بلقبٍ جديد مهمة آرسنال الرئيسة هي العودة لمقارعة الكبار في إنجلترا وإثبات الوجود، بعدها يمكن للمدفعجية الحلم واللعب من أجل العودة تدريجياً للمنافسة على الألقاب والبطولات من جديد.