إن مهنة التدريس من أنبل المهن التي يعتمد عليها في بناء أجيال متعلمة تساعد في بناء الأوطان وازدهارها. ولكي يتحقق الهدف السامي من هذه المهنة لابد من وجود معلمين أكفاء مؤهلين تأهيلاً عالياً. هذا العام كالأعوام السابقة سوف يلتحق عدد كبير من خريجي الجامعات بسلك التدريس وسينتابهم القلق من هواجس العملية التعليمية وخاصة في الأشهر الأولى من مزاولة مهنة التدريس.

أخي المعلم، عند دخولك الصف الدراسي ستلاحظ عدداً من الطلاب متطلعين لما ستقدمه لهم من عظمة هذه الرسالة التي تحملها على عاتقك، ستلاحظ الشغوف والمتحمس الذي ينتظر منك أن تمده بمعلومات عظيمة فحاول أن تكون قدوة له، لأن كل تصرفاتك وعلاقاتك معه ستنعكس عليه إيجاباً أو سلباً. بالإضافة إلى أنك ستواجه أنماطاً وشخصيات مختلفة من الطلاب، فمنهم المهتم بدراسته يريد أن يتعلم كل جديد من معلومات ومهارات، ومنهم من هو غير مبالٍ تماماً بالدراسة وسيكون دورك حاضراً هنا بشكل كبير لتحفيزه وتوجيهه إلى أن تهديه لنور التعليم وحبه. علاوةً على أنك ستجد المرح والانطوائي والهادئ وغيرهم ممن يمتلكون صفات أخرى عديدة، لذلك عاملهم على الأسس الفردية فكما تعلم أن لكل طالب شخصية وقدرة معينة ويرجع إلى بيئة وثقافة اجتماعية مختلفة. وعليك أيضاً توجيههم للعمل الجماعي وتنمية روح الفريق الواحد لتحقيق الأهداف.

لابد أنك خضعت لدراسة نظرية عميقة للمحتوى العلمي وقد تدرب بعضكم عملياً في بعض المدارس، ومن الممكن أنك أدركت أن نجاح العملية التعليمية ينصب في كيفية وطريقة توصيل المعلومة إلى عقل الطالب وتقبل ما تقدمه بأسلوبك العلمي والمشوق ليضمن بقاء المعلومة في ذهنه إلى سنوات قادمة، وهذا ما يميزك كمعلم.

ومن مفاتيح نجاحك كمعلم في هذه المهنة:

أولاً: أن تحب حقل التدريس وتتقبل بيئة عملك، لأنه لا يمكنك أن تنجح في عملك أو تنتج فيه إذا لم تكن تحب التدريس وتستمتع به وتؤمن أشد إيماناً أن كل طالب قادر على التعلم ويستفيد من حضوره إلى المدرسة.

ثانياً: ثقتك بنفسك سلاحك لتتجاوز كل العقبات والتحديات التي قد تواجهك. تعلم من المواقف لتصحيح مسارك وترتيب أولوياتك. ليس هناك مجال للارتباك أو الخوف.

ثالثاً: لا ترسل صورة سلبية عنك للطلاب أو الزملاء أو حتى الإدارة، فدائماً دائماً حاول أنتَ أن تجد الحلول المفيدة لك ولطلابك.

رابعاً: أعد وحضر تحضيراً جيداً لدروسك وقدمها بطريقة فعالة وذلك بالتركيز على صياغة الأهداف وتنظيم التدريس واختيار الأنشطة والتنويع في أساليب التقويم من أجل التعلم.

خامساً: لا تنسى توظيف التكنولوجيا في التعليم، فقد أثبتت الدراسات الحديثة أن استخدامها يساعد ويسرع من فهم الطلاب. هذا الجيل هو جيل التكنولوجيا ودمج هذا العلم في عملية التعليم والتعلم سوف تحبب الطلاب في الدراسة وتكسبهم مهارات عديدة.

سادساً: حاول تكوين بيئة عمل إيجابية مع طلابك وزملائك في العمل لتشعر بالراحة والأمان، تعلم من ذوي الخبرة وكن على تواصل مع الجميع وشارك في مختلف الفعاليات التي تخدم المدرسة.

طبيعي جداً أنك ستواجه بعضاً من التحديات التي من الممكن أن تحبطك في الشهور الأولى على سبيل المثال: وجود زملاء محبطين - وهؤلاء لابد من تجنبهم في بداية العمل، الاستيقاظ مبكراً كل يوم دراسي، ولكن ما أن تتعود عليها ستكون شيئاً رائعاً مليئاً بالخير والبركة، ربما أيضاً قلة الوسائل التعليمية في مدرستك ولكن التدريس لابد أن يتم في أحلك الظروف، وعلى المعلم التفكير في توصيل المعلومة بمختلف الطرق وبالإمكانات والوسائل المتاحة. تأكد بأن هذه المحبطات والتحديات سوف تتلاشى مع مرور الوقت ومع التعرف أكثر على مناخ هذه المهنة العظيمة.

أخي المعلم، كنت تمتلك معلماً قدوةً لك، واليوم أتى دورك لتكون أنت قدوة لطلابك من خلال الاهتمام بمظهرك، لأن ذلك سينعكس على نفسيتك وتقبل الطلاب لك. وأظهر الاحترام لهم حتى يبادلوك هذا الاحترام، فالاحترام لا يفرض وإنما يكتسب...

ونصيحتي الأخيرة لك يا أخي: عليك مواصلة التعلم فتخرجك لا يعني أنك وصلت إلى مرحلة الكمال، بل بالعكس هي بداية لمواصلة التعلم، لأن الواقع يجبرك على الإطلاع والاستفادة من كل ما هو جديد في مجال تخصصك. فحاول حضور دورات تعليمية لمواكبة التطور في عالم التربية والتعليم..

بداية موفقة وأرجو لك ولطلابك مستقبلاً زاهراً.