الخرطوم - عبدالناصر الحاج
عام 1946 كان هو عام فيضان نهر النيل برافديه، النيلين "الأبيض والأزرق" في السودان، ولهذا ظل السودانيون يؤرخون للعام 1946 بـ" عام الفيضان"، وهو العام الذي فاض فيه نهر النيل وبلغ منسوباً لم يحققه من قبل في السودان القديم.
في ذلك العام تحديدا، أطل على الوجود وجه الطفلة السودانية "أسماء محمد عبدالله" المولودة في العاصمة السودانية الخرطوم، تلك هي "أسماء" التي حملتها أمواج الثورة السودانية لتغدو وزيرة الخارجية السودانية في أول حكومة بعد الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير.
مصدر دبلوماسي لـ"الوطن" بوزارة الخارجية السودانية - فضل حجب اسمه - وصفها بـ "هبة النيل" لأرض السودان، وقال لـ "الوطن"، "ولدت أسماء محمد عبدالله في زمن "الفيضانات" حين تمرد نهر النيل على أرض السودان القديم في 1946، وعندما فاضت مواكب السودانيين بالثورة وغمرت السيول البشرية كل شوارع المدن في السادس من أبريل من العام الجاري، ها هي "أسماء" تبلغ شأناً عظيماً لم تُحظى به نساء السودان قاطبة، كأول إمرأة سودانية تتولي حقيبة وزارة الخارجية في تاريخ السودان القديم والحديث".
وباتت الدبلوماسية المحنكة أسماء محمد عبد الله، أول سيدة تتسلم وزارة الخارجية في تاريخ السودان.
وأدت عبد الله "73 عاماً"، الأحد، اليمين كوزيرة للخارجية في أول حكومة مدنية بعد عزل عمر البشير في إبريل الماضي.
وشاركت عبد الله، التي ارتدت الثوب الأبيض التقليدي ووضعت نظارة طبية، في أداء الحكومة، المؤلفة من 18 وزيراً، اليمين في القصر الرئاسي في الخرطوم، بحضور أعضاء المجلس السيادي بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان.
والمجلس السيادي مكلف الإشراف على المرحلة الانتقالية التاريخية التي ستستمر 39 شهراً وتمهد البلاد للحكم المدني.
وكانت عبدالله، التي درست لفترة في الولايات المتحدة، واحدة من أول ثلاث نساء التحقن بالسلك الدبلوماسي السوداني بعد التخرج في جامعة الخرطوم في العام 1971 بعد حيازتها درجة في الاقتصاد والعلوم السياسية.
يأتي تعيين عبدالله كجزء من خطة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك تشكيل حكومة تكنوقراط ولإحداث توازن جندري بين الرجال والنساء.
وقال دبلوماسي أوروبي، فضّل عدم ذكر اسمه، "بتعيين وزراء من النساء مثل أسماء عبدالله، يقدم السودان صورة إيجابية للعالم". وتابع "السودان يتغير".
وتخرجت أسماء محمد عبدالله من جامعة الخرطوم – كلية الاقتصاد، في عام 1969، وحصلت منها على بكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية، وكذلك دبلوم للعلاقات الدولية، فيما نالت ماجستير علاقات دولية من جامعة سيراكيوز في الولايات المتحدة الأمريكية ودبلوما عاليا في الترجمة من جامعة الخرطوم.
الخبير الدبلوماسي ومدير إدارة الأمريكتين السابق بوزارة الخارجية السودانية، السفير الرشيد أبوشامة، قال لـ "الوطن"، إن أسماء محمد عبدالله كانت من أوائل النساء اللائي التحقن بوزارة الخارجية في أغسطس من عام 1970، وتدرجت في سلالمها الوظيفية إلى أن أصبحت نائباً في إدارة الأمريكتين التي كان يديرها أبوشامة نفسه في عام 1988.
وأضاف أبوشامة، "كانت "أسماء" وقتها تتميز بشخصية طموحة وشجاعة، وكانت مثالاً للدبلوماسيات المؤهلات والنابغات في شتى ضروب المعرفة"، مشيراً إلى أنها "استطاعت في وقت وجيز أن تتنقل في السلك الدبلوماسي لتكتسب مزيداً من التجارب وصقل المعارف، حيث تنقلت ما بين سفارة السودان في السويد، والمغرب، وروسيا، وكذلك إلتحقت ببعثة السودان الدئمة في الأمم المتحدة".
وتابع تصريحاته الخاصة لـ"الوطن"، قائلاً "في أكتوبر 1991، وعندما شرع نظام المخلوع عمر البشير، في تطهير كل مؤسسات الخدمة المدنية من الموظفين غير الموالين لنظامه، تحت دعاوى ما يعرف بـ"قانون الصالح العام" تم فصل السفيرة أسماء محمد عبدالله من وزارة الخارجية على أساس ما يعرف عنها بعدم موالاتها للمشروع السياسي والفكري الذي يتبناه نظام المخلوع عمر البشير".
وأضاف "منذ ذلك التاريخ حملت "أسماء" حقائبها وتوجهت شطر العاصمة المغربية الرباط حيث يقيم زوجها هناك، وفي الرباط عملت "أسماء" في الأمانة العامة للمنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة، وشغلت أيضاً منصباً في الأمانة العامة لوزراء العدل العرب بالرباط والمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم بالرباط أيضاً".
وأوضح أنه "منذ عام 2009، عادت "أسماء" إلى أرض السودان، تعيش بين أهلها، تقاسمهم العيش والهموم، حيث إقتصرت رحلة كفاحها في مكتب للترجمة في الخرطوم بشراكة مع عدد من السفراء المعاشيين لخدمات المؤتمرات".
وبعد أن تفجرت الثورة السودانية في ديسمبر من العام الماضي، كانت "أسماء" مثل غيرها من نساء السودان اللائي تفاعلن مع الثورة تأييداً ودعماً معنوياً، لما تحمله في ذاكرتها الشخصية من مآسٍ قديمة بسبب سياسات النظام المخلوع الذي حرمها من مواصلة مشوارها الدبلوماسي من داخل وزارة الخارجية السودانية.
يقول السودانيون إن رئيس مجلس وزراء السودان المعين حديثاً، د. عبدالله حمدوك، هو من دفع بترشيح أسماء محمد عبدالله لتولي منصب وزير خارجية حكومته الجديدة، استناداً إلى كفاءاتها ومعرفتها عن كثب بدهاليز الوزارة، فضلاً عن ثقته في مقدراتها المعرفية في إحداث تحولاً نوعياً وانفتاحاً في علاقات السودان الخارجية في كافة محاوره العربية والأفريقية والدولية.
وبهذا التعيين تكون الدبلوماسية أسماء محمد عبد الله أول امرأة تحتل منصب رئاسة وزارة الخارجية في السودان، والثالثة في العالم العربي بعد الوزيرتين الموريتانيتين الناها بنت مكناس، وفاطمة فال بنت أصوينع.
وهكذا رسيت سفينة التاريخ الشخصي لـ"أسماء محمد عبدالله" على ضفاف النجومية السياسية والدولية في سودان ما بعد "البشير"، وكأن ميلادها في أزمنة فيضان النهر القديم هو من أرساها على قمة وزارة الخارجية السودانية عندما تجدد فيضان النهر مرة أخرى في سبتمر من العام الجاري 2019.
عام 1946 كان هو عام فيضان نهر النيل برافديه، النيلين "الأبيض والأزرق" في السودان، ولهذا ظل السودانيون يؤرخون للعام 1946 بـ" عام الفيضان"، وهو العام الذي فاض فيه نهر النيل وبلغ منسوباً لم يحققه من قبل في السودان القديم.
في ذلك العام تحديدا، أطل على الوجود وجه الطفلة السودانية "أسماء محمد عبدالله" المولودة في العاصمة السودانية الخرطوم، تلك هي "أسماء" التي حملتها أمواج الثورة السودانية لتغدو وزيرة الخارجية السودانية في أول حكومة بعد الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير.
مصدر دبلوماسي لـ"الوطن" بوزارة الخارجية السودانية - فضل حجب اسمه - وصفها بـ "هبة النيل" لأرض السودان، وقال لـ "الوطن"، "ولدت أسماء محمد عبدالله في زمن "الفيضانات" حين تمرد نهر النيل على أرض السودان القديم في 1946، وعندما فاضت مواكب السودانيين بالثورة وغمرت السيول البشرية كل شوارع المدن في السادس من أبريل من العام الجاري، ها هي "أسماء" تبلغ شأناً عظيماً لم تُحظى به نساء السودان قاطبة، كأول إمرأة سودانية تتولي حقيبة وزارة الخارجية في تاريخ السودان القديم والحديث".
وباتت الدبلوماسية المحنكة أسماء محمد عبد الله، أول سيدة تتسلم وزارة الخارجية في تاريخ السودان.
وأدت عبد الله "73 عاماً"، الأحد، اليمين كوزيرة للخارجية في أول حكومة مدنية بعد عزل عمر البشير في إبريل الماضي.
وشاركت عبد الله، التي ارتدت الثوب الأبيض التقليدي ووضعت نظارة طبية، في أداء الحكومة، المؤلفة من 18 وزيراً، اليمين في القصر الرئاسي في الخرطوم، بحضور أعضاء المجلس السيادي بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان.
والمجلس السيادي مكلف الإشراف على المرحلة الانتقالية التاريخية التي ستستمر 39 شهراً وتمهد البلاد للحكم المدني.
وكانت عبدالله، التي درست لفترة في الولايات المتحدة، واحدة من أول ثلاث نساء التحقن بالسلك الدبلوماسي السوداني بعد التخرج في جامعة الخرطوم في العام 1971 بعد حيازتها درجة في الاقتصاد والعلوم السياسية.
يأتي تعيين عبدالله كجزء من خطة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك تشكيل حكومة تكنوقراط ولإحداث توازن جندري بين الرجال والنساء.
وقال دبلوماسي أوروبي، فضّل عدم ذكر اسمه، "بتعيين وزراء من النساء مثل أسماء عبدالله، يقدم السودان صورة إيجابية للعالم". وتابع "السودان يتغير".
وتخرجت أسماء محمد عبدالله من جامعة الخرطوم – كلية الاقتصاد، في عام 1969، وحصلت منها على بكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية، وكذلك دبلوم للعلاقات الدولية، فيما نالت ماجستير علاقات دولية من جامعة سيراكيوز في الولايات المتحدة الأمريكية ودبلوما عاليا في الترجمة من جامعة الخرطوم.
الخبير الدبلوماسي ومدير إدارة الأمريكتين السابق بوزارة الخارجية السودانية، السفير الرشيد أبوشامة، قال لـ "الوطن"، إن أسماء محمد عبدالله كانت من أوائل النساء اللائي التحقن بوزارة الخارجية في أغسطس من عام 1970، وتدرجت في سلالمها الوظيفية إلى أن أصبحت نائباً في إدارة الأمريكتين التي كان يديرها أبوشامة نفسه في عام 1988.
وأضاف أبوشامة، "كانت "أسماء" وقتها تتميز بشخصية طموحة وشجاعة، وكانت مثالاً للدبلوماسيات المؤهلات والنابغات في شتى ضروب المعرفة"، مشيراً إلى أنها "استطاعت في وقت وجيز أن تتنقل في السلك الدبلوماسي لتكتسب مزيداً من التجارب وصقل المعارف، حيث تنقلت ما بين سفارة السودان في السويد، والمغرب، وروسيا، وكذلك إلتحقت ببعثة السودان الدئمة في الأمم المتحدة".
وتابع تصريحاته الخاصة لـ"الوطن"، قائلاً "في أكتوبر 1991، وعندما شرع نظام المخلوع عمر البشير، في تطهير كل مؤسسات الخدمة المدنية من الموظفين غير الموالين لنظامه، تحت دعاوى ما يعرف بـ"قانون الصالح العام" تم فصل السفيرة أسماء محمد عبدالله من وزارة الخارجية على أساس ما يعرف عنها بعدم موالاتها للمشروع السياسي والفكري الذي يتبناه نظام المخلوع عمر البشير".
وأضاف "منذ ذلك التاريخ حملت "أسماء" حقائبها وتوجهت شطر العاصمة المغربية الرباط حيث يقيم زوجها هناك، وفي الرباط عملت "أسماء" في الأمانة العامة للمنظمة العربية للدفاع الاجتماعي ضد الجريمة، وشغلت أيضاً منصباً في الأمانة العامة لوزراء العدل العرب بالرباط والمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم بالرباط أيضاً".
وأوضح أنه "منذ عام 2009، عادت "أسماء" إلى أرض السودان، تعيش بين أهلها، تقاسمهم العيش والهموم، حيث إقتصرت رحلة كفاحها في مكتب للترجمة في الخرطوم بشراكة مع عدد من السفراء المعاشيين لخدمات المؤتمرات".
وبعد أن تفجرت الثورة السودانية في ديسمبر من العام الماضي، كانت "أسماء" مثل غيرها من نساء السودان اللائي تفاعلن مع الثورة تأييداً ودعماً معنوياً، لما تحمله في ذاكرتها الشخصية من مآسٍ قديمة بسبب سياسات النظام المخلوع الذي حرمها من مواصلة مشوارها الدبلوماسي من داخل وزارة الخارجية السودانية.
يقول السودانيون إن رئيس مجلس وزراء السودان المعين حديثاً، د. عبدالله حمدوك، هو من دفع بترشيح أسماء محمد عبدالله لتولي منصب وزير خارجية حكومته الجديدة، استناداً إلى كفاءاتها ومعرفتها عن كثب بدهاليز الوزارة، فضلاً عن ثقته في مقدراتها المعرفية في إحداث تحولاً نوعياً وانفتاحاً في علاقات السودان الخارجية في كافة محاوره العربية والأفريقية والدولية.
وبهذا التعيين تكون الدبلوماسية أسماء محمد عبد الله أول امرأة تحتل منصب رئاسة وزارة الخارجية في السودان، والثالثة في العالم العربي بعد الوزيرتين الموريتانيتين الناها بنت مكناس، وفاطمة فال بنت أصوينع.
وهكذا رسيت سفينة التاريخ الشخصي لـ"أسماء محمد عبدالله" على ضفاف النجومية السياسية والدولية في سودان ما بعد "البشير"، وكأن ميلادها في أزمنة فيضان النهر القديم هو من أرساها على قمة وزارة الخارجية السودانية عندما تجدد فيضان النهر مرة أخرى في سبتمر من العام الجاري 2019.