أثار قرار بريطانيا وكندا إغلاق سفارتيهما في مصر بسبب دواع أمنية والمخاوف من عملية إرهابية محتملة، وكذلك تحذير سفارتي أميركا وأستراليا رعاياهما من هجمات محتملة، علامات الاستفهام حول مغزى التحرك الجماعي من هذه السفارات وفي توقيت واحد لإعلان هذه التدابير.مسؤولو وزارتي الخارجية والداخلية المصرية عقدوا اجتماعا عاجلا لبحث الأمر والتنسيق بينهما بشأن التعاطي مع هذه التحذيرات والرد عليها دبلوماسيا وأمنيا، خاصة بعد ورود معلومات أن الأمر ربما يتكرر مع سفارات التاج الملكي البريطاني مثل أيرلندا وويلز.السفير البريطاني لدى مصر، جون كاسن، أكد في بيان صحافي، اليوم الاثنين، أن الخدمات العامة لدى السفارة البريطانية في القاهرة معلقة في الوقت الحالي، وقال "لقد اتخذنا هذا القرار لضمان أمن السفارة وموظفيها.وأضاف أنه من المهم أن يعلم الرعايا البريطانيون أن هذه الخطوة لن تؤثر على نصائح السفر البريطانية العامة المتعلقة بالسفر إلى مصر، مشيرا إلى أن الرعايا البريطانيين الذين يحتاجون إلى المساعدة مازال يمكنهم الحصول عليها من القنصلية.وتابع "إننا نعمل على إعادة كافة الخدمات بأسرع وقت ممكن وعلى إطلاع الرعايا البريطانيين في مصر وغيرهم من مستخدمي خدمات السفارة على المستجدات"، معربا عن امتنانه للتعاون الوثيق والمستمر مع الحكومة المصرية لتحقيق هذا الأمر.التحذيرات وفق ما ذكره مسؤول أمني مصري تأتي في إطار معلومات وردت لأجهزة الأمن بهذه الدول حول إمكانية تعرض سفاراتها بالقاهرة لأعمال إرهابية أسوة بما حدث لها في ليبيا وبعض البلدان المجاورة، لذا طلبت إجراءات احترازية للحماية، حيث طلبت السفارة البريطانية تعزيز التواجد الأمني حولها، خاصة من ناحية الباب الخلفي للسفارة، وتنظيم حركة المرور في بعض الشوارع المجاورة، ونفس الأمر لسفارة كندا التي طلبت إجراءات مماثلة، أما السفارة الأسترالية فالأمر مختلف، حيث حذرت مواطنيها في مصر من هجمات إرهابية محتملة ضد المواقع السياحية والوزارات الحكومية والسفارات، وهي معلومات غير دقيقة، لأن الأجهزة الأمنية المصرية في حالة تأهب مستمر، ولديها يقظة تامة لكل ما يحاك ضد مصر.اللواء علي الدمرداش، مساعد وزير الداخلية ومدير أمن القاهرة، أكد للوسائل الإعلام أن أجهزة الأمن لم تتلق أي بلاغات من وزارة الخارجية أو سفارات بريطانيا وكندا وأميركا بمنطقة جاردن سيتي بأي تهديدات، مضيفا أن التعزيزات الأمنية بالمنطقة مكثفة، حيث تتواجد فيها قوات أمن وأمن مركزي وكلاب بوليسية وعدد من الضباط والجنود، فضلا عن المتاريس والحصون المنيعة المشيدة حول مباني هذه السفارات، إضافة إلى الخدمات الأمنية الموجودة عند المتحف المصري، وكلها على أهبة الاستعداد للمعاونة.وأوضح مدير أمن القاهرة أن منطقتي جاردن سيتي والزمالك يتواجد بهما أكبر عدد من السفارات العربية والأجنبية، وهما مؤمّنتان تأمينا عاليا، إضافة إلى مناطق أخرى بالعاصمة يتواجد بها سفارات، مشيرا إلى أن طلبات السفارات تجد كل استجابة من أجهزة الأمن المصرية.اللواء محمد قاسم، مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة، أكد أن أزمة السفارة البريطانية انتهت، وتم تعيين خدمات أمنية بتمركزات جديدة، وتغيير لأماكن تواجد القوات، حسب ما طلب مسؤولو السفارة.وأضاف أن المخاوف من الهجمات الإرهابية على السفارات في مصر تأتي كرد فعل بسبب ما حدث من هجمات على عدد من السفارات خارج مصر، وهو الأمر الذي يؤدي لمطالبة سفارات الدول بالضغط على الحكومات ومضاعفة عمليات التأمين وغيرها، تحسبا لوقوع هجمات مماثلة، في حين قال اللواء هشام لطفي، رئيس مباحث قطاع غرب القاهرة، إن قوات الأمن قامت بإعادة ترسيم الشوارع المحيطة بالسفارة البريطانية، وتنظيم حركة المرور والسيارات.السفير بدر عبدالعاطي، المتحدث باسم الخارجية المصرية، أكد لـ"العربية.نت" أن إغلاق السفارة البريطانية إجراء احترازي، مضيفا أنه منذ حادث تفجير السفارة الأميركية في ليبيا ومعظم السفارات الغربية تتخذ إجراءات أمنية مشددة، وربما يكون مبالغا فيها حتى لا يتحملوا مسؤولية وقوع عمل إرهابي، ورغم تلك المبالغة فمصر مستمرة في دورها لتأمين كافة السفارات.وأضاف أن السفارة البريطانية أبلغت وزارة الخارجية المصرية ببعض ملاحظاتها الأمنية، وأنهم سيغلقون المبنى كإجراء احترازي ضد إمكانية حدوث أي أعمال إرهابية، مضيفا أنه طبقا للقانون والأعراف الدولية يحق لكل سفارة اتخاذ الإجراءات الاحترازية الخاصة بها، ومصر من دورها تأمين كافة السفارات، لكن لابد من عدم المبالغة وعدم تقييد حرية الحركة للمواطنين المصريين في الشوارع المحيطة بالسفارة وغيرها من السفارات بحجة الإجراءات الأمنية.وقال عبدالعاطي إن وزارة الخارجية اتصلت بجميع السفارات اليوم، وتأكدت أن الأمر لا يعدو سوى رغبة منهم في زيادة الاحتياطات الأمنية، مؤكدا أن الوزارة طمأنتهم بأن الأجهزة الأمنية تتخذ كافة الإجراءات لتأمين البعثات الدبلوماسية.اللواء محي نوح، وكيل جهاز المخابرات السابق يؤكد لـ"العربية.نت" أن مزاعم وجود مخاوف من أعمال إرهابية محتملة كلام مرسل لا يستند للحقيقة ولا يمت للواقع بصلة، فلم يحدث في مصر أي اعتداء على سفارة أجنبية، كما أن قوات الجيش والشرطة وأجهزة المعلومات في مصر في يقظة تامة وتأهب غير مسبوق لحماية البلاد من أي أخطار خارجية أو داخلية.وقال إن الملاحظة الدقيقة لهذه التدابير تعني أن بعض الدول الغربية، وعلى رأسها بريطانيا، لديها معلومات بوقوع عمل إرهابي كبير في مصر، وهو ما يجعل أجهزة الأمن المصرية تضيء الإشارات الحمراء، فبريطانيا من المعروف أنها ترعى جماعة الإخوان، وعاصمتها لندن هي مقر التنظيم الدولي للإخوان، ومن خلال وجود التنظيم على أراضيها، ومن المؤكد أنها اخترقته جيدا من الداخل علمت أجهزة معلوماتها بتدبير الإخوان وحلفائهم في مصر لعمل إرهابي كبير، وهو أمر ليس مستبعدا، خاصة مع قرب قدوم 25 يناير، وفشل الدعوات لتظاهرات 28 نوفمبر، ولذلك فنحن نشكر سفارة بريطانيا أنها نبهت أجهزتنا على ما يحاك ضدنا في الظلام.نوح استبعد وجود ضغوط من الدول الغربية على مصر من خلال هذه التحذيرات لتقديم مساعدات أكثر في الحرب على داعش، مؤكدا أن داعش موجود في ليبيا، ومصر تبذل قصارى جهدها لحماية حدودها الغربية، وليست مستعدة لمغامرات غير محسوبة خارجها، كما أن التهديدات والتحركات ربما تكون ضمن حرب نفسية تهدف للإيحاء بفقدان الأمن في مصـــر، ولوقف الرغبة الجامحة في الاستثمار بها من جانب قبرص واليونان وكوريا والصين وإيطاليا وفرنسا وفيتنام، إضافة إلى دول الخليج العربي.ويختتم وكيل المخابرات المصرية حديثه بالقول: مصر آمنة ولا داعي لكل هذه المبالغات .