أصدَر مركز حوار للدراسات والأبحاث في مطلعِ شهر كانون الأول من العام الجاري بحثاً تحت عنوان: "ماذا يريد السوريون؟"، وقد تضمّن البحثُ الذي نُشِر على الموقع الإلكتروني لمركز حوار نتائج وتحليلات لاستبيانٍ شاركَ فيه 4081 سورياً وسورية من داخل سوريا وخارجها، بالإضافة إلى مُشاركين ومشاركات من مُخيّم الزعتري في الأردن وأماكن اللجوءِ في لبنان.وبحسب المهندس مازن غريبه، المدير العام لمركز حوار ومسؤول البحث، كان الهدف من بحث "ماذا يريد السوريون؟" هو معرفة آراءِ السوريين، على اختلاف مشاربهم، إزاء التوصيف الأدقّ لما يجري في سوريا اليوم، والوقوف على التبايُنات القائمة بين السوريين في الداخل والمهجر ومُخيّمات اللجوء وأماكِنه حول الأزمة ومَخارجها المُحتملة، فَضلاً عن تحديد أولويات الشعب السوري الآنيّة والمستقبليّة.وأوضحت النتائج أن النسبة الأعلى من المشاركين، والتي بلغت 66.5%، تبنّت موقفاً سياسياً مُعارضاً لنظام الحكم ومؤيّداً لإنشاء دولة مدنيّة، وتَليها نسبة 23.7% للمشاركين الذين يُؤيدون النظام السوري مع ضرورة إصلاحات أساسيّة فيه، بالإضافة إلى نسبة 8.4% للذين حدّدوا موقفهم السياسي بمُعارضة نظام الحكم وتأييد إنشاء دولة إسلاميّة، بينما كانت النسبة الأدنى، وهي % 1.3، لمُؤيدي نظام الحكم كما هو بدون تعديل، ويُشير البحثُ هُنا إلى أن الخيارات السابقة هي فقط لأغراض بحثية صرفة، بَعيداً عمّا قد تُثيره هذه التناقضات من زيادة حدّة الانقسام في المجتمع السوري.وفي وصفِ الحدث السوريّ، بلغَت نسبة المشاركين الذين رأوا أن ما يحدث على الساحة السورية الآن هو مَزيجٌ من الثورة المُسلّحة والحرب الأهلية والحرب على الإرهاب والحرب بالوكالة بين دولٍ وقوى خارجيّة على الأرض السوريّة 41.4%.وأظهرت النتائج توافقاً لدى المشاركين إزاء ضرورة خروج المقاتلين الأجانب من طرفي النزاع السوري للحل، فأجاب 83.6% من السوريين المشاركين بضرورة خروج المقاتلين الأجانب من المعارضة المسلحة للحل، وكذلك 81.6% بضرورة خروج المقاتلين الأجانب من النظام.وتطرّق البحث أيضاً إلى دور المجتمع الدولي، وبالأخص إلى أثر كلٍّ من السياستين الأمريكية والروسية على الأزمة السورية، ويعتقدُ 83.7% من المشاركين أن الولايات المتحدة الأميركية غير جادّة بالوصول إلى حلٍّ في سوريا، ويرى 64.8% أن الحكومة الروسيّة غير جادّةٍ أيضاً.وفي سياق الحديث عن المجتمع الدولي، طَرح البحث سؤالاً عن آمال السوريين في حال عُقِدَت جولة مفاوضات ثالثة بعد فشل جنيف2، وبحسب إجابات المشاركين، تأتي الأولوية لخيار تشكيل جسم حُكمٍ انتقالي بنسبة 45%، ويليها بنسبة 24.1% الخيار الذي يَقضي بتشكيل جسم حُكمٍ انتقالي والحرب على الإرهاب معاً وبشكل متوازٍ.ووفقاً لنتائج البحث، جاءت أولويّة "إيقاف الحرب والعمل على السلم الأهلي" في صَدارة الأولويات الشخصية للسوريين، حيث حصلت على نسبة 54.1% من أصواتهم.أما الفصول الثلاثة الإضافية في بحث "ماذا يريد السوريون"، فقد خصّصها فريق البحث في مركز حوار لتسليط الضوء على "ما تريده المرأة السورية، ومن الذين يريدون دولة مدنية، ومن الذين يريدون دولة إسلامية".وفي الحديث عن المرأة السورية، بَيّنت نتائج البحث أن 70% من النساء السوريات يُعارضنَ النظام الحاكم في سوريا، وأنهنّ قد أظهرنَ مَيلاً أكثر من الرجال إزاء القضايا الإنسانية التي فَرضتها ظروفُ الأزمة السوريّة "المعتقلين والمخطوفين والمناطق المُحاصَرة"، كما كُنَّ أكثرَ تفاؤلاً بالحلول السياسيّة، وفَضّلنَ الأولويات العامة "إيقاف الحرب" وكذلك "انتصار الثورة" على أولوياتهنّ الفردية من الأمن والعيش الكريم، وترى 74.4% منهنّ أن السِّلم سيحلُّ في سوريا خلال مُدّة لن تتجاوزُ 10 سنوات.يُعرّف مركز حوار للدراسات والأبحاث عن نفسه بأنه مُؤسّسة أكاديمية بحثية سوريّة، مُهتمّة بنشر دراسات موضوعيّة، موسّعة وعميقة تُركّز على الشأن السوري في كلّ مجالاته، ويهدفُ إلى تحليل الواقع السوري الحالي ودراسة سياقاته التاريخية ووضعِ رؤى وتصوُّرات مستقبلية له للمُساهمة في بناء غدٍ سوريّ أفضَل.