العصفور: نحتاج مواد تتيح الطلاق حال إثبات تعليق المرأة
د.القاضي: المعلقة فريسة سهلة للاضطرابات النفسية والسلوكية
هدى حسين
عرضت "الوطن" في عدد أمس قصصاً لنساء معلقات في المحاكم عانين كثيراً ليحصلن على حريتهن بالطلاق دون جدوى. وأظهرت القصص تبعات اجتماعية خطيرة لقضية "تعليق" المرأة ومساومتها على حقوقها وحضانتها لأبنائها مقابل حصولها على الخلاص من حياة زوجية بات استمرارها مستحيلاً، وفي حين واصل الرجل حياته بكل أريحية ضاع عمر المرأة في متاهات المحاكم.
وفي قصص النساء ما يطرح تساؤلات قانونية ونفسية عن الأسباب والنتائج علها تعين في فهم واقع المشكلة وتضيء على مساحة غير مطروقة كثيراً في ما يتلعق بأحكام الأسرة والمحاكم الشرعية.
كل المرفوضة قضاياهن معلقات
تقول المحامية انتصار العصفور "لا وجود لما يسمى المرأة المعلقة، والمعلقات لفظ دارج يستخدم عندما يهجر الزوج زوجته، فتبقى معلقة لا متزوجة فعلاً ولا مطلقة".
وتوضح "تحدث حالات التعليق حين تخرج الزوجة من منزل الزوجية إما باختيارها ورغبة منها بالطلاق أو بطردها من المنزل. وعن نسبة المعلقات فنحن نستطيع قياسها بنسبة دعاوى الطلاق المرفوضة، فهي تعني أن الزوجة غير مطلقة فتكون في عداد المعلقات إلى حين انتهاء هذه الفترة إما بالصلح أي الرجوع للحياة الزوجية أو الطلاق ."
وعن كيفية إثبات النساء المتضررات بأنهن معلقات، تقول العصفور "لا يوجد شيء من هذا القبيل في القانون. لا يوجد دعوى إثبات التعليق. لكننا نستطيع القول إن المرأة معلقة في الوقت الذي يلجأ الزوج لهجران فراش الزوجة لمدة طويلة ويرفض طلاقها فتكون كالمعلقة استناداً للقرآن "فتذروها كالمعلقة"، ويستفاد من هذه النقطة في دعوى التطليق للضرر أي في حال إثبات الهجران كضرر واقع على الزوجة."
صعوبة إثبات الضرر في "الجعفرية"
وعن الوضع القانوني للمرأة "المعلقة"، تقول العصفور "الحكم القانوني يكون بأنها زوجة وتكون في حكم وولاية الزوج، فقانون أحكام الأسرة يعالج مشاكل الأسرة وما يكون على الأسرة، فالمعلقة أو الزوجة تدخل في القانون من خلال المواد التي تعطيها الحق في رفع الطلاق للضرر بسبب الهجران. أما الخلع فهو حالة من حالات الطلاق يقوم على بذل الزوجة لشيء معين بمقدار معين (للزوج) تفتدي نفسها به لكي تحصل على الطلاق. وفي هذه الحال لا تستحق نفقة العدة. ولكن قد تحصل المعلقة على طلاق للضرر بسبب الهجران وبذلك تحصل على كافة الحقوق مثل نفقة العدة، طبعاً جميع الزوجات الراغبات بالطلاق في حال رفع الدعاوى سيتحولن حتماً للتوافق الأسري كإجراء قانوني شكلي في جميع الدعاوى موضوعية."
وعن الأسباب التي تجعل المرأة معلقة، تقول العصفور "عادة تكون هجران فراش الزوجية، وامتناع الزوج عن التطليق في حالة طلبها أي حين ترغب الزوجة في الطلاق ولا يستجيب لها الزوج فتكون هناك فرقة بينهما دون طلاق، ورفض المحاكم لدعاوى الطلاق وطول نظر المحكمة للدعاوى، وكثرة المشاكل وخروج الزوجة من منزل الزوجية يجعلها معلقة، إذ تنص المادة ٩٨ من المطلب الثاني (التطليق للضرر) في حال أثبتت الزوجة بان الزوج هجرها وتركها معلقة دون عذر فلها أن تطلب الطلاق الضرر.. فان حالة التعليق تكون بعد هجر الزوج لزوجته وتركها مدة زمنية، أي لا هي للزواج ولا هي للطلاق، ففي هذه الحالة لها أن ترفع دعواها في المحكمة وتطلب الطلاق من الحاكم الشرعي (المحكمة المختصة)، وقد يكون التعليق بأن الزوج غائب وهنا نكون في حالة المفقود أو الغائب وأيضاً تلجأ الزوجة للمحكمة لتحصل على التطليق للغياب أو الفقدان وقد عولجت هذه المسألة في المواد 107 و 108 من قانون الأحوال الشخصية ."لكن العصفور تستدرك "من وجهة نظري قد يكون إثبات الضرر في دعاوى الطلاق صعباً نوعاً ما بالذات إمام الشرع الجعفري، فلو تم إثبات الهجران أو التعليق فسيكون أسهل لإيقاع الطلاق، ولو تم النص على مواد صريحة بشأن استحقاق المرأة للطلاق في حال إثبات تعليقها فسيكون ذلك أفضل لقضايا الطلاق للضرر".
سيكولوجية المعلقة
الطبيب النفسي د.محمد القاضي يرى أن "الشرائع السماوية نزلت وشرعت القوانين بهدف إصلاح حياة الفرد وتنظيم العلاقات بينه وبين بني جنسه، لجعله آمناً ومستقراً لتحقيق الغاية التي خلق من أجلها، والزواج من الشرائع التي تهدف لتنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة في إطار شرعي يحفظ لكل منهما حقوقه بما يضمن استمرار حياة هانئة للطرفين، وتساعد كل منهما على إشباع احتياجاته الإنسانية الفطرية من العواطف، والشعور بالأمان، والانتماء، والسكن، لبناء مجتمع قوي ومتماسك."
ويضيف "شرع الزواج ليصلح حياة الفرد، والطلاق أيضاً شرع للغاية نفسها. وكما أن حماية كيان الأسرة من التفكك أمر مهم جداً، فأحيانا الاستمرارية تكون هلاكاً ويكون الطلاق مهماً جداً لاستقامة الحياة واستقرارها. وبين رغبة البعض في الانتقام من الطرف الآخر المستترة في فضيلة الحفاظ على كيان وتماسك الأسرة وبين حقوق واحتياجات غير مشبعة بسبب العناد والخلاف بين الزوجين تضيع كثير من الزوجات، فلا هي زوجة مثل باقي الزوجات اللاتي حصلن على منافع الزواج واستقرار الأسرة، ولا هي مطلقة مثل باقي النساء اللاتي حصلن على حريتهن في تحديد مسارهن، ما يؤدي إلى وقوعها فريسة سهلة لكثير من المشاعر المزعجة والاضطرابات النفسية والسلوكية، فالمعلقة يسيطر عليها دائماً شعور بالقيد والأسر وعدم امتلاك زمام أمور حياتها، كما يسيطر عليها الشعور بالظلم وقلة الحيلة والضعف والعجز، مما يستجلب شعور الحسرة على ضياع الوقت وأفضل أيام العمر، وبالتالي يتمكن منها شعور الحزن والكآبة بسبب كثرة التفكير في ما فات."
الضرر يطول الأبناء
ويقول د.القاضي "المعلقة تعيش دائماً في خوف وقلق مما هو آت بسبب عدم وضوح الرؤية للمستقبل وعدم قدرتها على التخطيط واتخاذ القرار، إذ تعيش في حالة ترقب دائم لما ستؤول إليه الأمور مع كل جلسة تنتظر فيها الحكم لتنفك من حالة الضبابية التي تعيشها، تعيش في حالة صدمة وألم في كل مرة يتم فيها التأجيل، وفقدان للأمل في المستقبل عند رؤية حالات مشابهة مر عليها سنوات دون التحرك في الحياة قدر أنملة. ولا ننسى الخوف من نظرة المجتمع والقيل والقال والتدخلات التي تخترق حياتها من القاصي والداني، ما يزيد الشعور بعدم الأمان وانتهاك الخصوصية."
وعن الأضرار النفسية لهذا الوضع، يقول د.القاضي "لا تقتصر الأضرار على الزوجة بل تمتد للأبناء أيضاً، فالأبناء يشاهدون ويسمعون ويفهمون كل ما يدور حولهم من صراعات وخلافات بين الأبوين، ويزداد الأمر سوءاً وتعقيداً إذا وصلت الخلافات إلى المحاكم وامتد زمنها لأمد بعيد. ولا شك في أنه إذا استحالت العشرة بينهما وكان الانفصال أقوم لحياة الطرفين واتفقا على إدارة حياتهما بعد الانفصال بتفاهم ونضج كان ذلك أفضل للأبناء من العيش مع أبوين دائمي الخلاف والنزاع وعدم التفاهم تحت سقف واحد".
د.القاضي: المعلقة فريسة سهلة للاضطرابات النفسية والسلوكية
هدى حسين
عرضت "الوطن" في عدد أمس قصصاً لنساء معلقات في المحاكم عانين كثيراً ليحصلن على حريتهن بالطلاق دون جدوى. وأظهرت القصص تبعات اجتماعية خطيرة لقضية "تعليق" المرأة ومساومتها على حقوقها وحضانتها لأبنائها مقابل حصولها على الخلاص من حياة زوجية بات استمرارها مستحيلاً، وفي حين واصل الرجل حياته بكل أريحية ضاع عمر المرأة في متاهات المحاكم.
وفي قصص النساء ما يطرح تساؤلات قانونية ونفسية عن الأسباب والنتائج علها تعين في فهم واقع المشكلة وتضيء على مساحة غير مطروقة كثيراً في ما يتلعق بأحكام الأسرة والمحاكم الشرعية.
كل المرفوضة قضاياهن معلقات
تقول المحامية انتصار العصفور "لا وجود لما يسمى المرأة المعلقة، والمعلقات لفظ دارج يستخدم عندما يهجر الزوج زوجته، فتبقى معلقة لا متزوجة فعلاً ولا مطلقة".
وتوضح "تحدث حالات التعليق حين تخرج الزوجة من منزل الزوجية إما باختيارها ورغبة منها بالطلاق أو بطردها من المنزل. وعن نسبة المعلقات فنحن نستطيع قياسها بنسبة دعاوى الطلاق المرفوضة، فهي تعني أن الزوجة غير مطلقة فتكون في عداد المعلقات إلى حين انتهاء هذه الفترة إما بالصلح أي الرجوع للحياة الزوجية أو الطلاق ."
وعن كيفية إثبات النساء المتضررات بأنهن معلقات، تقول العصفور "لا يوجد شيء من هذا القبيل في القانون. لا يوجد دعوى إثبات التعليق. لكننا نستطيع القول إن المرأة معلقة في الوقت الذي يلجأ الزوج لهجران فراش الزوجة لمدة طويلة ويرفض طلاقها فتكون كالمعلقة استناداً للقرآن "فتذروها كالمعلقة"، ويستفاد من هذه النقطة في دعوى التطليق للضرر أي في حال إثبات الهجران كضرر واقع على الزوجة."
صعوبة إثبات الضرر في "الجعفرية"
وعن الوضع القانوني للمرأة "المعلقة"، تقول العصفور "الحكم القانوني يكون بأنها زوجة وتكون في حكم وولاية الزوج، فقانون أحكام الأسرة يعالج مشاكل الأسرة وما يكون على الأسرة، فالمعلقة أو الزوجة تدخل في القانون من خلال المواد التي تعطيها الحق في رفع الطلاق للضرر بسبب الهجران. أما الخلع فهو حالة من حالات الطلاق يقوم على بذل الزوجة لشيء معين بمقدار معين (للزوج) تفتدي نفسها به لكي تحصل على الطلاق. وفي هذه الحال لا تستحق نفقة العدة. ولكن قد تحصل المعلقة على طلاق للضرر بسبب الهجران وبذلك تحصل على كافة الحقوق مثل نفقة العدة، طبعاً جميع الزوجات الراغبات بالطلاق في حال رفع الدعاوى سيتحولن حتماً للتوافق الأسري كإجراء قانوني شكلي في جميع الدعاوى موضوعية."
وعن الأسباب التي تجعل المرأة معلقة، تقول العصفور "عادة تكون هجران فراش الزوجية، وامتناع الزوج عن التطليق في حالة طلبها أي حين ترغب الزوجة في الطلاق ولا يستجيب لها الزوج فتكون هناك فرقة بينهما دون طلاق، ورفض المحاكم لدعاوى الطلاق وطول نظر المحكمة للدعاوى، وكثرة المشاكل وخروج الزوجة من منزل الزوجية يجعلها معلقة، إذ تنص المادة ٩٨ من المطلب الثاني (التطليق للضرر) في حال أثبتت الزوجة بان الزوج هجرها وتركها معلقة دون عذر فلها أن تطلب الطلاق الضرر.. فان حالة التعليق تكون بعد هجر الزوج لزوجته وتركها مدة زمنية، أي لا هي للزواج ولا هي للطلاق، ففي هذه الحالة لها أن ترفع دعواها في المحكمة وتطلب الطلاق من الحاكم الشرعي (المحكمة المختصة)، وقد يكون التعليق بأن الزوج غائب وهنا نكون في حالة المفقود أو الغائب وأيضاً تلجأ الزوجة للمحكمة لتحصل على التطليق للغياب أو الفقدان وقد عولجت هذه المسألة في المواد 107 و 108 من قانون الأحوال الشخصية ."لكن العصفور تستدرك "من وجهة نظري قد يكون إثبات الضرر في دعاوى الطلاق صعباً نوعاً ما بالذات إمام الشرع الجعفري، فلو تم إثبات الهجران أو التعليق فسيكون أسهل لإيقاع الطلاق، ولو تم النص على مواد صريحة بشأن استحقاق المرأة للطلاق في حال إثبات تعليقها فسيكون ذلك أفضل لقضايا الطلاق للضرر".
سيكولوجية المعلقة
الطبيب النفسي د.محمد القاضي يرى أن "الشرائع السماوية نزلت وشرعت القوانين بهدف إصلاح حياة الفرد وتنظيم العلاقات بينه وبين بني جنسه، لجعله آمناً ومستقراً لتحقيق الغاية التي خلق من أجلها، والزواج من الشرائع التي تهدف لتنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة في إطار شرعي يحفظ لكل منهما حقوقه بما يضمن استمرار حياة هانئة للطرفين، وتساعد كل منهما على إشباع احتياجاته الإنسانية الفطرية من العواطف، والشعور بالأمان، والانتماء، والسكن، لبناء مجتمع قوي ومتماسك."
ويضيف "شرع الزواج ليصلح حياة الفرد، والطلاق أيضاً شرع للغاية نفسها. وكما أن حماية كيان الأسرة من التفكك أمر مهم جداً، فأحيانا الاستمرارية تكون هلاكاً ويكون الطلاق مهماً جداً لاستقامة الحياة واستقرارها. وبين رغبة البعض في الانتقام من الطرف الآخر المستترة في فضيلة الحفاظ على كيان وتماسك الأسرة وبين حقوق واحتياجات غير مشبعة بسبب العناد والخلاف بين الزوجين تضيع كثير من الزوجات، فلا هي زوجة مثل باقي الزوجات اللاتي حصلن على منافع الزواج واستقرار الأسرة، ولا هي مطلقة مثل باقي النساء اللاتي حصلن على حريتهن في تحديد مسارهن، ما يؤدي إلى وقوعها فريسة سهلة لكثير من المشاعر المزعجة والاضطرابات النفسية والسلوكية، فالمعلقة يسيطر عليها دائماً شعور بالقيد والأسر وعدم امتلاك زمام أمور حياتها، كما يسيطر عليها الشعور بالظلم وقلة الحيلة والضعف والعجز، مما يستجلب شعور الحسرة على ضياع الوقت وأفضل أيام العمر، وبالتالي يتمكن منها شعور الحزن والكآبة بسبب كثرة التفكير في ما فات."
الضرر يطول الأبناء
ويقول د.القاضي "المعلقة تعيش دائماً في خوف وقلق مما هو آت بسبب عدم وضوح الرؤية للمستقبل وعدم قدرتها على التخطيط واتخاذ القرار، إذ تعيش في حالة ترقب دائم لما ستؤول إليه الأمور مع كل جلسة تنتظر فيها الحكم لتنفك من حالة الضبابية التي تعيشها، تعيش في حالة صدمة وألم في كل مرة يتم فيها التأجيل، وفقدان للأمل في المستقبل عند رؤية حالات مشابهة مر عليها سنوات دون التحرك في الحياة قدر أنملة. ولا ننسى الخوف من نظرة المجتمع والقيل والقال والتدخلات التي تخترق حياتها من القاصي والداني، ما يزيد الشعور بعدم الأمان وانتهاك الخصوصية."
وعن الأضرار النفسية لهذا الوضع، يقول د.القاضي "لا تقتصر الأضرار على الزوجة بل تمتد للأبناء أيضاً، فالأبناء يشاهدون ويسمعون ويفهمون كل ما يدور حولهم من صراعات وخلافات بين الأبوين، ويزداد الأمر سوءاً وتعقيداً إذا وصلت الخلافات إلى المحاكم وامتد زمنها لأمد بعيد. ولا شك في أنه إذا استحالت العشرة بينهما وكان الانفصال أقوم لحياة الطرفين واتفقا على إدارة حياتهما بعد الانفصال بتفاهم ونضج كان ذلك أفضل للأبناء من العيش مع أبوين دائمي الخلاف والنزاع وعدم التفاهم تحت سقف واحد".