أمين الشرقاوي*

كم كنت أتمنى التواجد في يوم تكرم الفائزين بالأمس ولكن منعني من ذلك تواجدي في مدينة نيويورك للمشاركة في الفعاليات الجانبية المنعقدة أثناء فترة أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث يتم حالياً عرض المشاريع المختلفة، والتي تصب في تحقيق أهداف التنمية المستدامة ومناقشة أبرز الحلول الممكنة للتحديات الحالية. كما أحب أن أنوه بأن بعض هذه الفعاليات تتم من خلال وبمشاركة الشباب من مختلف دول العالم.

تصّر مملكة البحرين، على إيصال رسالتها إلى العالم والمجتمع الدولي؛ بأن عملية التغيير التي تنشدها جميع الأمم، لا تحتاج إلى مساحات جغرافية واسعة، بقدر ما تتطلب قراراً قيادياً، وإرادة سياسية؛ يأتيان من قمة هرم الدولة؛ ممثلة في شخص جلالة الملك حمد بن عيسى ملك مملكة البحرين، والذي تحمل الجائزة اسم جلالته؛ في إشارة إلى أهمية الجائزة وما تحمله من مضامين وأهداف ومبادئ، تتجاوز مساحة البحرين الداخلية أو المحلية إلى العالمية؛ حيث انطلقت من مبنى الأمم المتحدة في نيويورك؛ لتنتشر عبر العالم، حاملة للشباب العالمي وللجهات المهتمة بقضايا الشباب ودعمه رسائل واعدة، نحو التمكين، ومد يد العون والمساندة، في سبيل تحويل هذا العالم نحو تحقيق أجندة التنمية المستدامة، وأهدافها السبعة عشر.

كما تصر مملكة البحرين– من خلال هذه الجائزة - على أن تكون نموذجاً حياً ومثالاً يحتذى، في المشاركة العالمية، التي ترتكز على بحث وإيجاد أفضل سبل الشراكات والمبادرات في مختلف المجالات، وعلى أكثر من صعيد، ومع أكثر من جهة، ولعل حرصها على تحقيق أهداف التنمية المستدامة بالتعاون مع مكاتب الأمم المتحدة المختلفة – على المستوى العالمي – يعد مؤشراً واضحاً، ودليلاً؛ على حسها المسؤول تجاه القضايا والمسائل التي تمس حياة الشعوب والمجتمعات الدولية، خارج نطاقها المحلي، كما يجسد – في الوقت ذاته – إيمان مملكة البحرين بأهداف التنمية المستدامة، وما تحمله من فرص قادرة على النهوض بهذه المجتمعات، والدفع بها نحو الأمام، لكيلا يتخلف فرد واحد منها عن ركب التقدم.

جائزة الملك حمد لتمكين الشباب من تحقيق أهداف التنمية المستدامة - في نسختها الثانية – تعد من المبادرات الاستثنائية – على المستوى الدولي – فهي تتوجه إلى ما يقارب ملياري نسمة من الشباب، أي ما يقارب ثلث سكان العالم؛ بهدف استثمار طاقاتهم، وتشغيل إمكانياتهم، وتحريك عامل الإبداع والابتكار لديهم؛ بوصفهم محرك التغيير في المجتمعات، بما لديهم من قابلية واستعداد نفسي وعقلي على استيعاب المتغيرات العالمية، ومواكبة مستجداتها، وفهمها، والتعامل معها، ولاسيما ما يتعلق بالعلوم التكنولوجية الحديثة وعلوم المستقبل، ولذلك فالتعويل عليهم كبير في تحقيق الأجندة العالمية للتنمية المستدامة، وتسريع تحقيق أهدافها السبعة عشر بحلول 2030.

واستطاعت هذه الجائزة البحرينية الأصل، والعربية الإقليم، بما تحمله من فكر تنموي موجه لهذه الفئة الشبابية والقائمين على دعمها من مؤسسات خاصة أو أهلية أو حكومية؛ أن تنتشر، ويذيع صيتها، ويرتفع صوتها الإعلامي بعيداً، بفضل عدة عوامل لعل أهمها تكاتف الجهود، بين مملكة البحرين ممثلة في وزارة شؤون الشباب والرياضة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالتعاون مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة، ومكاتبها حول العالم، التي عملت – بكل جهد - على الترويج لهذه الجائزة ودعمها وإدراتها، والشكر موصول للمنظمات التي قمنا بدعوتها للقيام بأعمال التحكيم وهم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، واليونيدو، والمكتب الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة، ومكتب الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، واليونيسيف، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.

لقد خرجت "جائزة الملك حمد لتمكين الشباب العالمي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة" إلى العالم بقوة، وتنافسية عالية، ونتوقع لها مزيداً من الاتساع والانتشار في السنوات القادمة، وإننا إذ نهنئ مملكة البحرين وقيادتها على هذا النجاح؛ فإننا نبارك للفائزين بهذه الجائزة القيمة، ونعدهم - كأفراد أو كمؤسسات - سفراء حقيقيين للتنمية المستدامة، ونأمل أن تعود جوائزهم بالنفع على مجتمعاتهم، بما يقودها إلى طريق التنمية المستدام والشامل في مختلف المجالات.

*المنسق المقيم لأنشطة الأمم المتحدة