نعم، هي أقوى نكتة على الصعيد السياسي، وتمهيداً لها سأسألكم سؤالاً مباشراً:

«قطاع الطرق».. هل يمكنهم «حماية الطرق»؟!

سؤال إجابته بالطبع «لا»، إلا إن فرضوا هيمنتهم على الطرق، بالتالي تكون هذه الطرق تابعة لهم، وعليه سيقومون بـ«بسط سطوتهم» عليها، ولن «يحموا» الناس من المخاطر فيها، لأن أساس الخطورة هم.

بنفس المنطق، لا يمكن ائتمان «إرهابي» على «أمن» الآخرين، لأنه إرهابي، ومنهجه يقوم على استهداف الآخرين، والاعتداء عليهم، فمفهوم «السلام» لديه يعارض كل السبل التي تسهل عليه تحقيق أهدافه.

وعليه فإن الاقتراح الإيراني الذي أشار له وزيرهم «غير الظريف» ظريف سابقاً، أو رئيسهم خلال اجتماعات الأمم المتحدة مؤخراً، ليس سوى «نكتة سمجة» يمكن أن تعتبر «النكتة الأقوى لعام 2019».

النكتة أو «المقترح الإيراني» يقول بأن النظام الإيراني يقترح إنشاء تحالف لحماية الأمن في الخليج، طبعاً لم يقولوا «الخليج العربي» لأنه «فارسي» بالنسبة إليهم، المهم، هذا التحالف يضم إيران ودول الخليج العربي ويمكن إضافة العراق واليمن، بحسب الفكرة الإيرانية، وتكون مهمته تأمين الأمن والسلام في المياه الإقليمية داخل محيط الخليج.

طبعاً من ينظر للمقترح سيستوعب أنها محاولة إيران لعرقلة عملية إنشاء التحالف الدولي لحماية الأمن البحري في منطقة الخليج العربي، وذلك بعد عمليات الاعتداءات المتكررة على ناقلات النفط الخليجية والعالمية، والتي تقف إيران وراءها.

نعم إيران لا تريد الوجود الأمريكي في المنطقة، ولا تريد تعزيزه بوجود بريطاني وفرنسي وحتى ياباني باعتبار أن أحد الناقلات التي استهدفتها إيران تعود لليابان، إذ زيادة القوى العالمية بوجودها في منطقتها لحماية مصالحها التجارية وتحديداً النفطية، هو ما سيجعل عيوناً عالمية أكثر تتفتح وترى الإرهاب الإيراني بشكله الحقيقي، وهو الشكل الذي تريد إيران تحويره حتى لا يستوعبه العالم بشكل دقيق، بل يظل يعتمد على ما تعتبره «ادعاءات» لدول خليجية وعربية لا تريد «التعايش» مع إيران!

لكنني أعود وأصف المشهد بـ«النكتة» السمجة أو حتى السخيفة، من نظام كثيراً ما يفرد عضلاته ليوهمك بأنه «نمر قوي»، لكن الحقيقة تثبت أنه «نمر من ورق» ليس إلا. النكتة تتمثل بأن إيران تقدم هذه الدعوة بهدف «حماية أمن الخليج»، لكن السؤال: «إيران تريد أن تحميه ممن؟!»، إذ العالم بأسره - حتى المرتبط مع إيران باتفاقات وعلاقات - يعرف تماماً أن «مصدر التهديد الوحيد» في مياه الخليج العربي هو النظام الإيراني ولا أحد غيره. العالم يعرف تماماً أن استهداف ناقلات النفط تم من قبل إيران، وبعد تهديدات وتلويحات مباشرة، سبقتها تصريحات بإغلاق مضيق هرمز، وتأكيد ضرب الناقلات، فهل تريدنا إيران أن نفهم أنها ستحمينا من شرها هي؟!

مملكة البحرين ردت على هذه «السخافة الإيرانية الجديدة» بأنها مع التحالف العالمي الذي يتصدى للإرهاب، والذي يضع مصالح دول العالم وأمن الشعوب ضمن أولوياته، وهذا هو الرد المطلوب، إذ ما تقوم به إيران اليوم عبر تصريحات مسؤوليها ما هي إلا «هرطقة كلامية» خوفاً من رد فعل دولي له تداعياته وتأثيراته عليها، خاصة بعد استهدافها الصريح لمنشآت النفط في المملكة العربية السعودية.

المشهد في خلاصته مضحك، نظام «إرهابي» يهدد ويتوعد، وحينما يسقط في يده وتكتشف مؤامراته، يتحول لنظام يمارس «الكوميديا والهزل».