إن من أهم قواعد تطوير العمل الحكومي وخلق فرص وأفكار جديدة، لابد أن يقوم بشكل كبير على فريق العمل الواحد، وعلى الفعل الجماعي، وعلى تجديد الدماء، ومحاولة التخلص من الأساليب القديمة في العمل. دون ذلك، ستظل الحكومة-أية حكومة كانت- تنتج نفسها بشكل سيء، وستظل قواعد العمل لا تتغير إلا بشكل يشبه مشي السلحفاء.

ليس هذا وحسب، بل سيظل طاقم العمل الحكومي سواء من مسؤولين كبار أو من موظفين صغار لا يتطورون أبداً إلا إذا تم فرض التطوير فوق رؤوسهم فرضاً، وهذا الأمر يتنافى وحركة التغيير العالمية فيما يخص عمل النظام الحكومي في أية دولة من دول العالم.

في دبي، وقبل أيام فقط، كلنا قرأ خبر ترؤس سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، جلسة سنوية للعصف الذهني مع فريق عمله بكل سلاسة وبكل تواضع وحب، ومن دون وضع حاجز ومنصات وبروتوكولات رسمية أثناء الجلسة. الأهم من كل ذلك وفي أثناء الجلسة قال سموه بإنه وخلال «الفترة المقبلة نحتاج إلى أفكار استثنائية لتطوير الاقتصاد والارتقاء بخدمات المواطنين. نحتاج إلى أفكار مبتكرة.. ودماء جديدة.. وطاقات متجددة من أجل وطن لم يبخل علينا بشيء».

بهذه القواعد الحية والمتجددة يترأس حاكم دبي جلسته مع طاقمه الشبابي والاستماع لهمومهم وتطلعاتهم وأفكارهم عن قرب، لأنه يدرك أن تطوير أية حكومة كانت لابد أن تقوم على أفكار جديدة، وهذا لا يحدث إلا عبر جلسات شفافة وصريحة قوامها الحوار والتجديد والاعتماد على ما يسمى اليوم «بالعصف الذهني» لإخراج أفضل ما في جعبة المسؤولين والعاملين في الحقل الرسمي بأفكار مبتكرة من شأنها أن تطور العمل الحكومي، خصوصاً فيما يتعلق بالخدمات المُقَدَّمة للجمهور.

هذا الوعي بأهمية تطوير العمل الحكومي وإدخاله حيز الفضاء التكنولوجي والرقمي يلغي من طريقه كل أشكال البيروقراطية، وملء الاستمارات المملة في صالات انتظار المراجعين، وتأخير المواعيد، والاعتماد على إنجاز مئات المعاملات على موظف كسول ومسؤول ليس بأهل للمسؤولية.

إن طرد الكسل والورق والرقاد والتأخير والمماطلة «والتطفيش» من أروقة الجهات الحكومية، لا يكون إلا بقرارات صارمة، وبتحريم استخدام الأوراق والاستمارات الطويلة التي كانت تستخدمها الدول المتقدمة في ستينيات القرن المنصرم، إلى حيث العمل بِنَفَسِ الفريق الواحد، ومن خلال الدماء الجديدة الشابة، وعبر منصات رقمية متطورة، وجلسات مكاشفة، واجتماعات عصف ذهنية مُنتِجَة، للخروج من كل هذا الجهد بأفضل الحلول والابتكارات، وذلك في سبيل الوصول إلى خدمات أفضل يستفيد منها كل المواطنين والمقيمين والمستثمرين. ومن هنا نؤكد ونقول «اعصفوا بأذهانكم يرحمكم الله».