نتابع تطورات الذكاء الاصطناعي في البحرين ونحن في حالة من الانبهار عما بات العلم قادراً على تقديمه من خلال تكنولوجياته المتقدمة، نراقب بغبطة الاندماج الكبير والإنتاج المتسارع الذي باتت تضطلع به دول خليجية في المجال نحو الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، ونتطلع في البحرين أن نحقق شيئاً من هذه المنجزات وأن نكون في وقت قريب في دائرة الدول المنتجة لتقنيات الذكاء الاصطناعي والعاملة على تطويرها باستمرار، ولكن ذلك يستلزم كثيراً من الإعداد قبل الولوج في العملية الإنتاجية حسب المأمول. إن الجهود التعليمية الأخيرة للتأسيس لدراسة تقنيات الذكاء الاصطناعي وعلوم المستقبل، تبعث في نفوس البحرينيين الأمر بقرب فرصة المشاركة في المجال، وتُعلَّق عليها كثيرٌ من الآمال، ما يجعلنا نؤكد على أهمية أن ترقى مخرجات تلك الجهود إلى حجم التطلعات، وأن يتم تهيئة ذلك للطلبة حتى قبل دخولهم الجامعات من خلال تطوير بعض المقررات الدراسية العلمية التي تجعل انخراطهم في تخصصات علوم المستقبل أمراً يسيراً ويذلل التحديات التي ستتم مواجهتها فيها.

أما الثغرة الحالية التي قد نواجهها في سبيل بناء الكفاءات بعد تخرجها، مسألة اكتساب الخبرة والممارسة العملية للمجال، وقد لفتني في هذا السياق طرح مميز للدكتور جاسم حاجي قبل يومين تناول فيه التطور الهائل الذي بلغته المملكة العربية السعودية لاسيما في مدينة «نيوم» التي شهدت قفزات نوعية مذهلة، حتى باتت «تحتوي على روبوتات أكثر من البشر» حسب تعبيره، ومن خلال ما حصلت عليه مملكة البحرين من دعم متواصل من الشقيقة الكبرى السعودية على كثير من الأصعدة، جاء طرح حاجي في محله بالتعويل على استفادة البحرينيين من مدينة «نيوم» لما هي عليه من تطور في مجال تقنيات المستقبل ومن بينها الذكاء الاصطناعي والروبوتات.

* اختلاج النبض:

إن القفزة التي تتطلع البحرين للحصول عليها في مجال الذكاء الاصطناعي لا تقف على الجهود التعليمية وحدها -وإن كانت ذات أهمية بالغة- فالأمر يستلزم تكاتف الجهات وتواصل الجهود، ولعله أصبح من الضرورة بمكان بدء التفكير بتوجيه مخرجات الجامعة المرتقبة من البداية للحصول على الفرص التدريبية في «نيوم» بالتنسيق المسبق بين البلدين والجهات المعنية في كل بلد منهما، وإتاحة الفرصة بموجب اتفاق مسبق لتوظيف نسبة من هؤلاء الخريجين البحرينيين هناك على سبيل التطوير ولفترة محددة من الزمن، على أن تعمل البحرين بخط موازٍ على تأسيس مشروعاتها الخاصة في المجال، والاستفادة من أولئك الخريجين الذين تم اكتسابهم للخبرات في «نيوم» ليكونوا الرافد الحقيقي للبلد في مجال الذكاء الاصطناعي والمؤسس الفعلي لنهضته.