محمد الدرويش

كلّ شخص لديه طريقة للحياة، نظرة معينة وسلوك محدد وبعض الصفات التي تميز أي شيء عن شيء آخر أو تميزه عن الآخرين، وكذلك أندية كرة القدم دائماً ما تشتهر بهويةٍ معينة، وتُعرف بإسلوب لعبها الفريد والتكتيك الجميل الذي تتمتع به وهذا ما يجعلها تتفوق على أندية أخرى وتمنحها هويةً فريدة، وهنا نحن نتكلم عن كبار الأندية في القارة العجوز مثل ريال مدريد، برشلونة بايرن ميونيخ، ميلان، مانشستر سيتي وجاره مانشستر يونايتد الذي دخل أزمة فقدان الهوية منذ عدة مواسم وازداد الوضع سوءاً هذا الموسم، الأمر الذي وضع مستقبل المدرب أولي غونار سولسكاير على المحك، فهو أمام خيارين أحدهما مرّ أولهما خطر الإقالة والآخر هو النجاح الذي قد يدخله التاريخ بشريطة أن يعيد للشياطين الحمر هويتهم المفقودة منذ رحيل السير اليكس فيرجسون.

وبما أنّ الحديث بدأ عن فيرجسون، فقد يكون لكثرة تغيير المدربين أثرُّ واضح على فقدان المان يونايتد للهوية، فمنذ أن تولى ماورويسيو بوكيتينو على سبيل المثال لا الحصر مهمة تدريب توتنهام بعام 2014، تناوب على رأس الإدارة الفنية لليونايتد 4 مدربين لهم تاريخهم وسجلهم الناصع بالبطولات والألقاب وهم ديفيد مويز، لويس فان غال ومن بعده السبيشل ون جوزيه مورينيو وأخيراً أولي غونار سولسكاير الذين فشلوا في إعادة مانشستر يونايتد لهويته الشهيرة.

ورغم البداية المبشرة للمدرب النرويجي في منتصف الموسم الماضي إلا أن أرقامه السيئة هذا الموسم قد وضعته تحت خطر الإقالة، حيث تشير الإحصائيات الى أنه قاد الشياطين الحمر لأسوء سجلٍ من النقاط في الدوري الإنجليزي إذ لم يحرز مانشستر يونايتد معه سوى 49 نقطة من 28 مباراة عدا ذلك فشل الفريق بالوصول الى مسابقة دوري أبطال أوروبا وحقق رقماً سيُسجل في تاريخ النادي " بالخزي والعار " بعد أن فشل ولأول مرة في تسديد أي كرة على المرمى في مسابقة الدوري الأوروبي بالمباراة التي جمعته بفرق الكمار الهولندي يوم الخميس الماضي عدا فشله عن تحقيق الفوز على أرضه في آخر 10 مباريات وغيرها الكثير من الأرقام السلبية التي تقودنا لشيء واحد وهو أن المانيو قد بدأ بفقدان هويته وأصبحت مكانته التاريخية المحلية والقارية مهددة بالخطر.

ومن أجل أن يستعيد القطب الأول لمدينة مانشستر هويته المفقودة، فإن أمام سولسكاير مهمة محفوفة بالمخاطر تجعله أمام خيارين لا أكثر وهما الأول أن يعيد للنادي هيبته التاريخية وسطوته الكروية المرعبة وإما أن يخرج مطروداً مغضوباً عليه من قبل الجماهير الكروية التي بدأت تتململ من الوضع الحالي للفريق الإنجليزي الذي كان قبل أعوام فقط بعبعاً مخيفاً لكبار الأندية في القارة العجوز.

وتكمن مشكلة مانشستر يونايتد في نقص الجودة الفنية الجماعية على الكرة لتركيز المدرب على اللاعبين الشباب، إذ يناضل الفريق لخلق العديد من الفرص وعندما يفعلون ذلك يفشلون فعليا في ترجمتها لأهداف محققة وذلك لاعتماد سولسكاير على مهاجمين قد يفتقدون للخبرة اللازمة في دوري يُعد الأقوى والأكثر تعقيداً في العالم في العالم.

ولايمكن تجاهل أن فرص اللعب أسبوعياً التي يوفرها سولسكاير للشباب قد تطورهم وتزيد من نضجهم الكروي لكن اللعب بمفرده لا يحسن اللاعب إن لم يكن محاطاً بنظامٍ ذا جودة عالية من التدريب والتحفيز وكذلك لاعبي الخبرة، ولا اشكك هنا بإمكانيات أي لاعبٍ في منظومة هذا الفريق العريق إلا أنهم وليشكلوا قوّة حقيقية في المستقبل عليهم الخضوع لنمطٍ خاص من التدريب وكذلك لقيادةٍ تمنحهم التوجيهات اللازمة والصحيحة داخل الملعب وهذا ما لم يتوفر في الفرنسي بول بوغبا أو غيره ممن حمل شارة قيادة المان يونايتد سواء أكان بعد أم قبل.

ويعد سولسكاير جزءاً من هوية مانشستر، ما يمنحهُ حتى لحظات كتابة هذه السطور أفضلية على غيره من المدربين، وذلك لأنه مازال يحتفظ بثقة معظم المشجعين الذين يفضلون معه مواصلة ترميم الفريق من الداخل تجنباً لعملية الهدم والبناء من جديد، حيث تفضل معظم الجماهير قبول هذه الحقيقة ومواصلة فقدان بعض النقاط أو حتى الخروج بلا شيء هذا موسم على أمل تحسن الأداء وجهوزية الشياطين الحمر بشكلٍ أفضل للعام القادم.

وبغض النظر عن عدم الاعتماد على منح اللاعبين مزيداً من فرص اللعب والتركيز على التدريبات وزيادة الجودة وكذلك تجديد الثقة بالمدرب سولسكاير، فإن الفريق بحاجة لما يشبه " الثورة " خلال فترة الميركاتو الشتوي القادم أو حتى الصيفي بإبرام تعاقدات من العيار الثقيل وبلاعبٍ سوبر على الأقل في كل مركز تجنباً لازدياد الأمر سوءاً، ومن حسن الحظ أن الفريق مازال يحتفظ بموارده المالية اللازمة والكافية لتحقيق صفقاتٍ تضمن للفريق النجاح وإستعادة الهوية المفقودة.