لكل شعب من شعوب الأرض يوم يفخر به ويزهو .. يحتفي به ويعده رمزا لوطنيته وحريته واستقلاله .. وليوم الثامن عشر من ديسمبر في ذاكرة الأيام من تاريخ قطر الحافل بالعطاء عبق خاص ولون متميز ومشرق بإشراقة الوطن وإخلاص وتفاني الرجال الذين صاغوا البدايات الأولى في مسيرة بناء الوطن /الأرض والإنسان/، وسهروا على ترسيخها وساهموا في إعلاء شأنها على مرّ السنين ومازالوا على عهد الوفاء لهذا التاريخ قائمين .في الثامن عشر من ديسمبر من عام ألف وثمانمائة وثمانية وسبعين ميلادية كانت نقطة البداية ..وكان يوم التأسيس يوماً مجيداً من أيام قطر ويوماً فاصلاً في تاريخها..شكل جملة من المعاني السامية تلخصهما الحرية والسيادة...ففي هذا اليوم الذي يعد المفصل الأساس حين تولى المغفور له -بإذن الله - الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني مؤسس دولة قطر الحديثة الحكم وأرسى اللبنة الأولى لصرح الوطن ورسم ملامح الصورة للحلم الوطني بقطر الدولة المستقلة عبر مساعيه الدؤوبة في الحصول على اعتراف القوتين العظميين آنذاك العثمانية والبريطانية باستقلال قطر...ومن أجل بلوغ هذه الأهداف والمعاني السامية وترجمتها الى واقع عملي كان كفاح الأجداد والآباء الذين حملوا راية الوطن وسلموها كابرا عن كابر عالية خفاقة لجيل واعٍ مخلص لوطنه وأمته إلى أن بلغت مقام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى فحملها ونهض بها وكان حرياً بها وأهلًا لها .وفي العهد الميمون لسمو الأمير المفدى حرصت الدولة وما زالت على أن تظل هذه الراية وهامة الوطن عاليتين، ليكون الاستقلال مصاناً وسيادته كريمة حرة أبية تحفظها وتحافظ عليها الأجيال المتعاقبة..وها هي دولة قطر تحتفل اليوم بمناسبة عزيزة مجيدة ليكون الموعد مع الوطن والأرض والإنسان والإنجاز ...احتفال القيادة والشعب باليوم الوطني احتفاء بعقود زاخرة بالعطاءات حافلة بالإنجازات ومختلف مظاهر التقدم والنماء والازدهار والرفاه وطناً وإنساناً .في مثل هذا اليوم الأغر يسترجع الشعب البدايات ويتطلع الى المستقبل بروح الأمل والتفاؤل .. يحتفل بوطن مزهوا بامتلاكه ناصية قراره المستقل وسيادته التامة على ترابه الوطني وبما تبوأته دولة قطر من مكانة مرموقة بين الدول في عالم اليوم...عقود طويلة من عمر الاستقلال كانت وافرة الحصاد سخية العطاء ترسخ فيها الإنجاز وثبتت خلالها أركان البناء، حيث قطعت البلاد أشواطاً بعيدة على طريق التنمية والتقدم وحققت قفزات نوعية في مختلف مجالات النهوض الحضاري سياسياً واقتصادياً واجتماعياً .وحق لقطر "الدولة والشعب" أن تفخر بتاريخها ذي الماضي التليد وبحاضرها العتيد ومستقبلها المبشر بالخير العميم الواعد بالمزيد سيما وقد خطت واثقة في عقود قليلة من الزمن على درب التقدم والازدهار لتصبح دولة يشار اليها بالبنان بين منظومة دول العالم .والبداية كانت بالأرض والإنسان ولأجلهما سُخّرت كل الامكانات لتنطلق ورش الأعمار على امتداد الوطن ...فعلى الصعيد المحلي انصب اهتمام القيادة والدولة على وضع الأسس الراسخة لإقامة بنية تحتية متكاملة من الخدمات الرئيسية وتبعتها جنباً الى جنب نهضة عمرانية شاملة من مرافق وخدمات وطرق حديثة ومحطات للطاقة وتحلية مياه وحركة نقل جوي وبحري متنامية مع مواصلات متطورة وشبكة اتصالات وفق أحدث المواصفات العالمية ومصانع قل نظيرها في العالم....فيما يجري العمل الآن على قدم وساق لبناء واحدة من افضل شبكات المواصلات في البلاد "قطار ومترو انفاق" تختصر المسافات وتوفر الجهد والوقت على الإنسان . ولأن الإنسان هو الهدف والمحور في عملية التنمية فقد تركز الاهتمام عليه ومن أجله...لذلك تم توفير كل مستلزمات الارتقاء به لتأهيله بغرض نهوضه بالمسؤولية والمشاركة في البناء ..والدولة من جانبها هيأت له كل سبل التقدم والنهوض من تعليم إلزامي مجاني لمختلف مراحل العملية التعليمية والتربوية وبعثات داخلية وخارجية الى أرقى جامعات العالم ودورات تدريبية في أفضل المعاهد والمؤسسات المتخصصة، الى جانب توفيرها مدارس نموذجية وجامعات متكاملة الكليات من جامعة قطر الى ما تضمه المدينة التعليمية من جامعات تعمل وفق أحدث المعايير العلمية وخدمات طبية وصحية متكاملة بمراكز ومستشفيات حديثة تحتوي على أجود ما توصل اليه العلم من أجهزة ومعدات بكفاءات بشرية ذات مستويات راقية .وتعزيزا لمكانة قطر ودورها سعت القيادة الحكيمة الى المساهمة بفعالية في مختلف الأنشطة السياسية وكرست حضورها العملي في العديد من المؤتمرات والمنتديات الخليجية والعربية والإسلامية والدولية بوصفها عضوا أساسيا في المنظمات والمجالس الإقليمية والعالمية ...وهنا سجلت الدولة بدبلوماسيتها الفاعلة والنشطة نجاحات ملفتة في عالم السياسة الخليجية مجسدة دورها في تعزيز علاقات الأخوة والشراكة والتعاون مع الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية .وشهد هذا العالم نشاطا ملفتا لسياسة الدولة الخارجية تمثل في توسع على صعيد اقامة وتعزيز شبكة العلاقات الدبلوماسية والتنسيق السياسي والتعاون الاقتصادي مع دول من مختلف بقاع العالم ومع منظمات إقليمية ودولية فاعلة ...مثلما شهد العام الجاري زيارات وجولات مشهودة ولقاءات أخوية متميزة لحضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى مع أشقائه قادة دول المجلس وجولة سموه على عواصمها وحضوره على رأس وفد الدولة القمة العربية الافريقية ثم القمة العربية بالكويت .ولم يقف حراك دولة قطر أو يقتصر على الساحة الخليجية بل امتد ليشمل الساحة العربية شمالا وغربا والساحة الدولية إذ كان لحضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى بصماته الواضحة في سجل التعاون الدولي والمواقف المبدئية والثابتة تجاه قضايا العالم ،بينها سموه من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك وحققها واقعا عبر زياراته التاريخية لكل من فرنسا وبريطانيا غربا ومن ثم الصين وكوريا الجنوبية شرق العالم .وبروح لا تعرف الكلل واصلت القيادة ممثلة بحضرة صاحب السمو الأمير المفدى والى جانبه كبار مسؤولي الدولة مساعي الخير والتواصل والتعاون مع مختلف الدول العربية انطلاقا من ثوابت مبدئية آمنت بها دولة قطر وتبنت من أجلها قضايا الأمة العربية وأماني شعوبها فكان دعمها لهذه الشعوب في الربيع العربي الساعي الى الحرية والديمقراطية فضلا عن تقديمها كل أشكال المساعدة بالمساهمة الفاعلة في دعم اقتصاد العديد من الدول العربية والقيام بجهود حثيثة لحل اشكالات ونزاعات قائمة على الساحة العربية من السودان الى اليمن الى لبنان ..ولم تدخر الدولة جهدا في مواصلة دعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة على مختلف الصعد ..ومشاركتها القوية في لجنة السلام العربية ولجنة القدس وكافة مبادرات الجامعة العربية واجتماعاتها ولقاءاتها الرامية الى تعزيز العمل العربي المشترك وتفعيله .ودولة قطر التي نهضت بدور ايجابي كامل التبعات والمسؤوليات سواء من خلال الاستضافة والمشاركة في مختلف المؤتمرات واللقاءات الدولية كان لها حضورها البارز على صعيد قضايا المنطقة والعالم ،حيث استقبلت الدوحة هذا العام العديد من قادة الدول العربية والإسلامية والأجنبية وشاركت بفعالية في اجتماعات منظمة المؤتمر الاسلامي وبذلت جهودها من أجل تطوير العمل الإسلامي الموحد دعما لقضايا الأمة ..وبذات الحماس الذي شاركت فيه بالمؤتمرات الإقليمية والعربية والإسلامية سجلت حضورا مؤثرا في المؤتمرات الدولية وتوجتها بحضور صاحب السمو الأمير المفدى على رأس وفد رفيع المستوى ومشاركته في افتتاح الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة ولقاءات سموه على هامشها مع عدد من قادة وزعماء دول العالم الأعضاء بالأمم المتحدة ...ولاشك أن علاقات دولة قطر الدولية مع المنظمات والهيئات ومختلف الدول تتسم بالتعاون والتنسيق والمشاركة في تحقيق الأهداف السامية للبشرية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا . ولأن دولة قطر تستمد سياستها الخارجية من أعراف وتقاليد وقيم ومبادئ راسخة لديها فهي تقيم علاقاتها مع جميع دول العالم ومنظماته على أسس ثابتة من الاحترام المتبادل القائم على سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لها واحترام حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية والمصالح المشتركة .فقد حظيت باحترام وتقدير المجتمع الدولي بمختلف دوله وهيئاته ...وهي في ذكرى يومها الوطني تستذكر باعتزاز ما بنته من علاقات متينة ووثيقة مع الجميع في هذا العالم بما وضعها في مصاف الدول الهامة ذات المكانة المرموقة .وإذا كانت دولة قطر بقيادتها الحكيمة وشعبها الوفي يحتفيان هذه الأيام بذكرى اليوم الوطني فإنها تتطلع الى المستقبل بروح من الأمل والتفاؤل يد تخطط ويد تبني ،بحيث تحولت البلاد الى خلية نحل من العمل على طريق تحقيق رؤية قطر التنموية 2030 واضعة نصب عينيها مواطنها الذي عليه تعول في ورشة العمل والإنجاز وحصادها من الإنجاز على مختلف الصعد يتحدث عن نفسه على أرض الواقع ولسان حالها يقول للشعب إن بين الولاء والانتماء قاسم مشترك عنوانه تحمل المسؤولية وإدراك الواجب ومعرفة الحقوق وممارسة الحرية عند حدودها القانونية والانسانية وفوق هذا وذاك وضع الوطن في صميم الافتداء وتغليب مصلحته على كل مصلحة .والوعي بكل هذه المعاني إنسانيا وأخلاقيا يعني مفهوم المواطنة بأبعادها القيمية المتمثلة أولا وآخرا في أن خدمة الوطن شرف لا يدانيه شرف ...ومع حلول هذه الذكرى المجيدة وبما أن المواطن الإنسان في المفهوم القيادي لدولة قطر والفكر السديد لقائد المسيرة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى هو أغلى الثروات والوطن حاضنة جميع أبنائه المخلصين انصب اهتمام القيادة على تعزيز معاني الولاء والانتماء لدى الإنسان بتغذية وعيه الوطني سياسيا واجتماعيا وثقافيا ..وعليه ينطلق وعي الإنسان بمواطنته الصالحة من تكريس مبدأ خدمة المجتمع وحماية مكتسباته والدفاع عن حماه ،ويبدأ الأمر بإدراك الواجب والمسؤولية تجاه الآخر أولا ثم اتجاه الدولة وقوانينها وسيادتها ثم الحرية المسؤولية وصولا الى المواطنة الصالحة . وقائمة حصاد الإنجاز هذا العام طويلة تبدأ وتكاد لا تنتهي تتحدث بنفسها عن نفسها عبر كل مؤسسات الدولة ووزارتها وهيئاتها المتعددة العامة منها والخاصة .وتأتي هذه المناسبة الوطنية الهامة هذا العام لتؤكد من جديد مدى ارتباط دولة قطر قيادة وشعبا بهويته الوطنية وامتداده القومي وعقيدته الإسلامية وتاريخه وتمسكه بثوابته وقيمه الإنسانية ولتجسد المُثل العليا التي شُيد عليها هذا الوطن وتقدير الرجال والنساء الذين ساهموا في بناء صرحه الشامخ الامن المستقر والمزدهر .
International
ذكرى اليوم الوطني لدولة قطر ... محطة لحصاد الإنجازات
17 ديسمبر 2014