(بوابة العين الإخبارية): تسبب العدوان التركي على سوريا في نزوح أكثر من 60 ألف مدني ومقتل 30 شخصاً من الجانبين في أول أيام العملية العسكرية التي عدها مراقبون "انتهاكاً سافراً" لسيادة الدولة.

وقوبل العدوان، الذي بدأ عصر الأربعاء، بتنديد عربي ودولي واسع، فيما لوح الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بفرض عقوبات على نظام رجب طيب أردوغان.

وتأتي العملية العسكرية وسط مخاوف من مصير المجهول لآلاف إرهابيي داعش المحتجزين في مخيمات تابعة لقوات سوريا الديمقراطية الذين يمكنهم اغتنام الفرصة للفرار.

وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، الخميس، عن نزوح أكثر من 60 ألف مدني من مناطقهم شمال شرق سوريا جراء العدوان التركي.

وأكد المرصد تواصل عمليات النزوح من مناطق متفرقة شرق الفرات جراء العدوان التركي على المنطقة، مشيراً إلى ارتفاع أعداد النازحين إلى أكثر من 60 ألف مدني تركوا مدنهم وبلدانهم وقراهم خلال 24 ساعة، من بداية اقتحام القوات التركية الأراضي السورية.

وأضاف المرصد السوري أن كلا من مدينة "الدرباسية" و"رأس العين" باتتا شبه خاليتين من سكانهما، عقب الاشتباكات العنيفة التي شهدتها بين قوات سوريا الديمقراطية والقوات التركية المعتدية على الأراضي السورية.

وأشار إلى مقتل 30 شخصاً بينهم 8 مدنيين وإصابة 33 في صفوف "قوات سوريا الديمقراطية" والجيش التركي بمنطقتي تل أبيض ورأس العين، في اليوم الأول للعدوان التركي.

وتصدت قوات سوريا الديمقراطية، لمحاولة اقتحام سعت إليها القوات التركية ضد قرى حدودية شمالي البلاد، فيما تتواصل الاشتباكات الضارية في تلك المناطق، حيث تشن أنقرة عدواناً قوبل بإدانة عربية ودولية واسعة.

كما أسقطت القوات طائرة استطلاع تابعة للجيش التركي كانت تحوم فوق سماء قرية قصر ديب التابع لمنطقة ديرك.

وأكدت وكالة أنباء "هاوار" الكردية أن "الطائرة سقطت في الجانب التركي".

وأشارت كذلك إلى أن قوات سوريا الديمقراطية استهدفت 4 دبابات للجيش التركي ودمرتها، بينما كانت تقصف المدنيين في تل أبيض.

وذكر شهود عيان من بلدة أقجة قلعة التركية أن زخات من الصواريخ أطلقت عبر الحدود على بلدة تل أبيض السورية وتصاعد الدخان من هدفين على الجانب السوري من الحدود.

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، الخميس، عن مقتل 10 من المسلحين الموالين لتركيا خلال اشتباكات عنيفة في مدينة "رأس العين" شمال شرق سوريا.

وأضاف المرصد أن اشتباكات عنيفة دارت في مدينة "رأس العين" وقرية أم الخير الواقعة جنوب المدينة، بين قوى الأمن الداخلي "الاسايش" من جانب، وعناصر مسلحة موالية لتركيا من جانب آخر، واستمرت لساعات، جرى خلالها قطع طريق "رأس العين – الحسكة".

وانتفضت دول العالم ضد العدوان التركي على سوريا، واعتبرته "عدواناً وانتهاكاً" لسيادة البلد الذي يعاني ويلات الحرب منذ سنوات.

عاصفة انتقادات ووعيد شملت استدعاء للسفراء وتوعدا بتدمير الاقتصاد وتنديداً بالهجوم، وسط مخاوف من تعزيزه لتنظيم داعش الإرهابي وإحيائه للجماعات المتطرفة بسوريا.

وأعلنت الجامعة العربية عقد اجتماع طارئ، السبت المقبل، على مستوى وزراء الخارجية العرب لبحث العدوان التركي على شمال سوريا.

وتعليقا على العدوان التركي، قالت مايا كوسيانيتش المتحدثة باسم الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، الخميس، إن "التطورات الأخيرة خطيرة للغاية، وسيكون خيار العقوبات مطروحا على طاولة اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين، الإثنين المقبل".

ولوحت بقطع المساعدات المالية الأوروبية المقدمة لها من أجل اللاجئين، إذا قامت بتسكينهم في "منطقة آمنة" أو انتهكت المعايير الدولية في هذا الخصوص.

وبحسب الموقع الإلكتروني لصحيفة "يني جاغ" التركية، فإن كوسيانيتش أكدت أن "المساعدات المالية تقدم من أوروبا لتركيا في إطار اتفاقية اللجوء من أجل الإبقاء على اللاجئين داخل الحدود التركية".

وتابعت، "وبالتالي فإنه في حالة نقلهم أو تسكينهم لمنطقة آمنة تسعى أنقرة لتأسيسها في الشمال السوري بشكل أحادي الجانب، لن يكون هناك أي مبرر لتقديم تلك المساعدات ثانية".

وتطرقت إلى "التشديد على أهمية الالتزام بالمعايير الموضوعة من قبل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين".

وأشارت إلى أن "العدوان التركي على سوريا سيعزز من فرص وقوع ضحايا من المدنيين، وسيعقد الأمور أكثر مما سبق، لذلك لا بد من حل الأمر سياسياً وليس عسكرياً".

وتابعت، "إذا كانت تركيا تريد أن تكون عضوة بالاتحاد الأوروبي فعليها ألا تبتعد عن السياسة الخارجية التي ينتهجها ذلك الكيان".

وأوضحت أن "قادة ورؤساء حكومات الدول الأوروبية سيتناولون نفس الموضوع في قمتهم المرتقبة يومي 17-18 أكتوبر الجاري في بروكسل".

وحذرت صحف غربية بينها "لوبوان" الفرنسية من أن العدوان التركي بمثابة هدية لإيران وحلفائها في المنطقة ولتنظيم داعش الإرهابي.

وأضافت، "بهذه الطريقة يسهم أردوغان في زيادة زعزعة الاستقرار في المنطقة من خلال مهاجمة خصم داعش الأول المحلي الرئيس، الأمر الذي يسهل عملية إعادة تشكيل التنظيم الإرهابي، وسط مخاوف المصير المجهول لآلاف الإرهابيين المحتجزين، الذين يمكنهم اغتنام الفرصة للفرار".

وفور تحليق طائرات العدوان التركي فوق الأراضي السورية، وقبل أن تدمر قذائفها البربرية حياة أطفال ونساء أكراد سوريا، كانت المخاوف تتفاقم في ليبيا كذلك، فما ترتكبه الآلة العسكرية التركية من مجازر بحق أكراد "رأس العين" والقامشلي وغيرهما، ذاقه الليبيون مراراً من ذات الأيادي الأردوغانية العابثة.

بيد أن المخاوف هذه المرة تتعدى الأضرار المباشرة إلى خطر يهدد أمن المنطقة بأكملها، عنوانه "دور أنقرة في تخريب الوضع الليبي" الذي يتهيأ لمرحلة جديدة من المفترض أن تبدأ بمؤتمر برلين المزمع انعقاده أواخر أكتوبر الجاري.

وما بين مصراتة والقامشلي تتوحد أجندة الإرهاب التركي والمشروع التوسعي لأردوغان الذي يقوم على تفريخ الأزمات الواحدة تلو الأخرى.

وهو الأمر الذي نبه إليه اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، محذراً من أن يؤدي عدوان أنقرة الأخير على سوريا إلى تدفق عناصر تنظيم داعش الإرهابي إلى الأراضي الليبية.

وقال المسماري، في مؤتمر صحفي مساء الأربعاء، إن عدد هذه العناصر يقدر بالآلاف وإن أردوغان الذي بدأت قواته بقصف سجونهم سيبحث لهم عن ملاذ آمن لدى حلفائه في ليبيا عبر مصراتة وطرابلس وزوارة بما يشكل تهديداً كبيراً لأمن المنطقة بالكامل.

ويجتمع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في وقت لاحق من اليوم الخميس، لبحث الوضع في سوريا بناء على طلب الدول الأوروبية الخمس الأعضاء: بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وبولندا.

فيما انتفضت دول العالم ضد العدوان التركي على سوريا، أعلن وزير الدفاع القطري دعم بلاده لهذه العملية العسكرية التي أسفرت عن مقتل وإصابة عشرات المدنيين.

وبحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع التركية، أجرى وزير الدفاع خلوصي أكار، اتصالاً هاتفياً بنظيره القطري خالد بن محمد العطية، زوده فيه بمعلومات عن عملية "نبع السلام" التي أطلقتها القوات التركية في مناطق شرق الفرات السورية.

وكشفت وزارة الدفاع التركية عن تنسيقها مع النظام القطري بخصوص العملية العسكرية التي أسفرت عن مقتل وإصابة العشرات في صفوف المدنيين، وقوبلت بانتقادات دولية.

موقف وزير الدفاع القطري جاء متسقاً مع موقف الأمير تميم بن حمد آل ثاني، الذي أجرى اتصالا هاتفيا، مساء الأربعاء، بالرئيس التركي بعد ساعات من الهجوم وامتنع خلاله عن إدانة أو وقف العدوان التركي.

وقالت وكالة الأنباء القطرية إن تميم أجرى اتصالا هاتفيا بأردوغان جرى خلاله "استعراض العلاقات الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين وسبل دعمها وتعزيزها، إضافة إلى مناقشة آخر التطورات الإقليمية والدولية، لا سيما مستجدات الأحداث في سوريا".

الدعم القطري جاء مخالفاً للإجماع العربي والدولي للعدوان التركي، الذي اعتبره مراقبون "انتهاكا" لسيادة البلد الذي يعاني ويلات الحرب منذ سنوات.