كريم رضي
يقول المتنبي في لاميته الشهيرة: "لك يا منازل في القلوب منازل/ أقفرت أنت وهن منك أواهل.. ولقد علمن وما علمت وإنما / أولاكما ببكى عليه العاقل".
ينحاز عمنا العظيم (المتنبي) أيقونة الشعر الخالدة بوضوح في هذه الأبيات إلى الكائن العاقل (الإنسان) ويصفه بأنه أحق بأن نبكي له ونتألم من أجله من الكائن غير العاقل مثل "الجماد" المتمثل في المنازل والأبنية.
هذا ما يبدو لأول وهلة لكن لو أعدنا القراءة مرة أخرى سنتساءل.. كيف إذن جعل المتتبي للمنازل منازل في القلوب؟! بل قل كيف إذا كانت ليست أولى بالبكاء والتألم كيف جعلها هي أولاً قبل القلوب.
يقول أستاذنا الناقد الكبير د.علوي الهاشمي في دراسته "ما قالته النخلة للبحر": "إن كشف المضمون الإنساني للطبيعة هو مرحلة أكثر وعياً وأعمق شعوراً من مراحل تعامل الشاعر مع الطبيعة، لأنها توسع من دائرة الأنا لتشمل الآخر" انتهى الاقتباس. وهنا نفهم ماذا يعني أن تكون للمنازل منازل في قلوب الشاعر بلحاظ مضمونها الوجودي.
ستتسع الطبيعة اليوم لتشمل ما هو أكثر من النخل والبحر والمنازل، فتشمل حتى الكائنات التي نصنعها نحن ثم ننفخ فيها من روحنا فتصبح إنساناً آخر.
في روايتها الصادرة منذ مئتي سنة في 1818 "فرانكشتاين" تروي الكاتبة الإنجليزية ماري شيلي قصة أحزان ومشاعر المخلوق الذي صنعه من مادة جامدة العالم البروفسور الكيميائي "فيكتور فرانكشتاين" ليجده وقد تحول إلى وحش ضخم وحزين يبحث عن رفيقة له، فيطلب من العالم الذي صنعه أن يخلق أنثاه.
أما في رواية "هيا نشتر شاعراً" للروائي البرتغالي ألفونسو كروش الصادرة العام ٢٠١٥ فنقرأ قصة العائلة التي تشتري شاعراً من متجر يبيع شعراء ورسامين وفنانين حيث تعيش العائلة مع الشاعر سردية جميلة وحزينة تراوح نصها بين تشيؤ الإنسان وأنسنة الأشياء.
هل غامر الانسان بأنسنة ما حوله حيث أضاف لحزنه أحزاناً ولعبئه أعباء؟ ولم نتألم ونحن نشاهد فيلم أنيميشن مثل "كوكب آفاتار"؟ هل هي طفولتنا تعود إلينا ونحن نختزن منها لا شعورياً حيلة آبائنا كلما تألمنا من اصطدام خاطئ بباب أو كرسي، بأن يقولوا لنا: "اضرب الكرسي أو الباب دح"؟
هل نحن مقبلون على عالم جديد سنشعر فيه بحزن العربة (السيارة) ونحن نصدم بها ومشاعر الحاسوب المحمول تحت ضغط العمل والتنقل ومرض الهاتف النقال ونحن ننهكه بأعبائنا؟.
ذات مرة كنت في زيارة لصديق فوجدت رفوف مكتبته الخشبية تداعت من ثقل الكتب. قلت له "ياصديقي رفوفك من جيد الخشب، لم يوهنها ثقل ما في الكتب من وزن، بل ثقل ما فيها من أسى".
يقول المتنبي في لاميته الشهيرة: "لك يا منازل في القلوب منازل/ أقفرت أنت وهن منك أواهل.. ولقد علمن وما علمت وإنما / أولاكما ببكى عليه العاقل".
ينحاز عمنا العظيم (المتنبي) أيقونة الشعر الخالدة بوضوح في هذه الأبيات إلى الكائن العاقل (الإنسان) ويصفه بأنه أحق بأن نبكي له ونتألم من أجله من الكائن غير العاقل مثل "الجماد" المتمثل في المنازل والأبنية.
هذا ما يبدو لأول وهلة لكن لو أعدنا القراءة مرة أخرى سنتساءل.. كيف إذن جعل المتتبي للمنازل منازل في القلوب؟! بل قل كيف إذا كانت ليست أولى بالبكاء والتألم كيف جعلها هي أولاً قبل القلوب.
يقول أستاذنا الناقد الكبير د.علوي الهاشمي في دراسته "ما قالته النخلة للبحر": "إن كشف المضمون الإنساني للطبيعة هو مرحلة أكثر وعياً وأعمق شعوراً من مراحل تعامل الشاعر مع الطبيعة، لأنها توسع من دائرة الأنا لتشمل الآخر" انتهى الاقتباس. وهنا نفهم ماذا يعني أن تكون للمنازل منازل في قلوب الشاعر بلحاظ مضمونها الوجودي.
ستتسع الطبيعة اليوم لتشمل ما هو أكثر من النخل والبحر والمنازل، فتشمل حتى الكائنات التي نصنعها نحن ثم ننفخ فيها من روحنا فتصبح إنساناً آخر.
في روايتها الصادرة منذ مئتي سنة في 1818 "فرانكشتاين" تروي الكاتبة الإنجليزية ماري شيلي قصة أحزان ومشاعر المخلوق الذي صنعه من مادة جامدة العالم البروفسور الكيميائي "فيكتور فرانكشتاين" ليجده وقد تحول إلى وحش ضخم وحزين يبحث عن رفيقة له، فيطلب من العالم الذي صنعه أن يخلق أنثاه.
أما في رواية "هيا نشتر شاعراً" للروائي البرتغالي ألفونسو كروش الصادرة العام ٢٠١٥ فنقرأ قصة العائلة التي تشتري شاعراً من متجر يبيع شعراء ورسامين وفنانين حيث تعيش العائلة مع الشاعر سردية جميلة وحزينة تراوح نصها بين تشيؤ الإنسان وأنسنة الأشياء.
هل غامر الانسان بأنسنة ما حوله حيث أضاف لحزنه أحزاناً ولعبئه أعباء؟ ولم نتألم ونحن نشاهد فيلم أنيميشن مثل "كوكب آفاتار"؟ هل هي طفولتنا تعود إلينا ونحن نختزن منها لا شعورياً حيلة آبائنا كلما تألمنا من اصطدام خاطئ بباب أو كرسي، بأن يقولوا لنا: "اضرب الكرسي أو الباب دح"؟
هل نحن مقبلون على عالم جديد سنشعر فيه بحزن العربة (السيارة) ونحن نصدم بها ومشاعر الحاسوب المحمول تحت ضغط العمل والتنقل ومرض الهاتف النقال ونحن ننهكه بأعبائنا؟.
ذات مرة كنت في زيارة لصديق فوجدت رفوف مكتبته الخشبية تداعت من ثقل الكتب. قلت له "ياصديقي رفوفك من جيد الخشب، لم يوهنها ثقل ما في الكتب من وزن، بل ثقل ما فيها من أسى".