الرأي

العمل من المنزل.. مشروع رائد يستحق الإشادة

ديوان الخدمة المدنية بصدد تطبيق مشروع «العمل من المنزل» لفترة تجريبية ستشمل 200 موظف ضمن 83 مسمى وظيفياً، هذا المشروع سوف يطبق وفق اتفاقية قانونية بين الموظف وجهة العمل وذلك حفاظاً على سير العمل وتنفيذاً للأعمال المكتبية المنوطة بالموظف وفق ضوابط واضحة ومساعٍ من أجل نجاح هذا المشروع، وبالتأكيد سوف يستفيد من هذا المشروع شريحة كبيرة من الموظفين، وسوف يحقق النجاح المتوقع لأننا بحاجة إلى من يساندنا كموظفين عندما نحتاج إلى مشاريع تصب في مصلحة الجميع دون إضرار أو إخلال بمكتسبات الوطن.

لم يطرح هذا المشروع إلا لحاجة ملحة، فهناك وظائف بالفعل يمكن أن تدار من المنزل على أكمل وجه، ولن تنتقص من واجبات العمل شيئاً، فمراعاة ظروف الموظف وحتمية تعبيد الطرق لتحقيق الرضا الوظيفي والتوازن بين جودة العمل والإنجاز المثمر أعطاه ميزة فريدة وخياراً مناسباً في ظل التطور والتواصل السريع التي تحقق سرعة الإنجاز بجودة عالية. أول شريحة أو فئة خطرت في بالي عندما قرأت خبر مشروع العمل من المنزل هم فئة الأمهات الصغيرات، والحوامل منهن، جميعنا يعلم تعب الحامل والثقل الذي يلازمها في الشهور الثلاثة الأولى، والشهر الثامن والتاسع من الحمل، فالمرأة الحامل في المرحلة الأولى فترة «النسه» تضطرب الهرمونات ويتغير المزاج، وهي فترة تحدٍّ للحامل مع نفسيتها خصوصاً في الشهرين الأخيرين من الحمل، فهي مرحلة تمثل أزمة للحامل، في التكيف مع ما تحمله في أحشائها، فالجلوس على كرسي لساعات طويلة، أمر متعب بالنسبة لها، ناهيك عن بعض الأمراض العارضة التي تصاب بها خلال هذه الفترة، وبالطبع هؤلاء الحوامل ينشدن الراحة ولا يستطعن الحصول على إجازات طويلة، لأنهن يفضلن تقديم الإجازة لفترة ما بعد الوضع، حتى تزيد فترة رعايتهن للمولود الجديد، فحاجة الأم لإجازة بعد فترة النفاس لتتولى شؤون طفلها يجب أن توضع في عين الاعتبار.

لذا عمل المرأة من المنزل بعد انقضاء إجازة الوضع لن يضر العمل بل سيساعد الأم على رعاية طفلها بنفسها من دون قلق أو خوف وذلك لفترة من الزمن يمكن الاتفاق عليها مع جهة العمل، وهذا بصراحة حق للطرفين الأم والطفل على جهة العمل، ومثلما للأم الصغيرة والأم الحامل ظرف أمومي هناك أيضاً ظروف خاصة لبعض الموظفين فهناك موظفون من ذوي العزيمة يفضلون العمل من المنزل لظروف صحتهم وقدراتهم، وهناك أيضاً موظفون يقومون برعاية مريض أو كبير في السن، هؤلاء بحاجة إلى قليل من التعاون، كل الموظفين على وجه الأرض بحاجة للعمل من أجل لقمة العيش الكريمة، هم بحاجة إلى من يرعى ظروفهم الصحية والاجتماعية والنفسية، بحاجة أحياناً إلى العمل من المنزل، هذا المشروع بصراحة أجد فيه هدفاً إنسانياً قبل أي هدف آخر، فلا بد من الاعتراف بأن الإنسان هو الاستثمار الحقيقي في الكون، ليس المال وليس البترول وليس أي مصدر آخر فالإنسان يستطيع أن يصنع ويبتكر ويحقق الكثير مادام المواطن على رأس أولويات الدولة.

* كلمة من القلب:

نقطة مهمة يجب وضعها في عين الاعتبار عند تطبيق المشروع، وهي أنه يجب مراعاة العدالة عند التطبيق، فهناك مسؤولون يديرون العمل بمحسوبية وبمزاجية، يمكن أن يسمح لموظف بالعمل من المنزل ويمكن أن «يتلكك» على موظف لأنه ليس من «شلته»، المشكلة عندما يظن المسؤول أن مكان العمل هو مكان خاص به ولأسرته ولأصدقائه وصديقاته فيعطيهم «الخيط والمخيط» أما باقي الموظفين فمجرد رعاع في منظومته فتضيع بذلك حقوقهم، نجاح هذا المشروع هو نجاح البحرين في كل مجال وعلينا جميعاً الوقوف ضد من يتهاون في تطبيقه.