قال وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي بن عبدالله آل خليفة أن البحرين باتت موطناً لأكثر من 400 مؤسسة مالية محلية وإقليمية ودولية، فضلاً عن كونها أحد أبرز روافد تنمية قطاع الصيرفة الإسلامية عالمياً. وأكد الوزير "حرص الوزارة الدائم على مواصلة تحقيق كل ما من شأنه أن يرفد المسيرة الوطنية ويحقق رؤى وتطلعات قيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، مستندين بذلك إلى الثوابت الوطنية، ومبادئ رؤية البحرين الاقتصادية 2030 وكافة المبادرات والخطط الاستراتيجية التي تسهم في بناء اقتصاد قوي مستدام يعزز العملية التنموية في المملكة".

وألقى الوزير كلمة في افتتاح المؤتمر الدولي "الزكاة والتنمية الشاملة" الذي انطلقت أعماله الثلاثاء ويستمر حتى الخميس برعاية الوزير. ونظم المؤتمر صندوق الزكاة والصدقات في الوزارة بالتعاون مع مركزي كمبريدج ولندن للاستشارات والبحوث والتدريب ومجموعة الرقابة للاستشارات الشرعية والمالية في الأردن.

وقال وزير العدل "مما يبعث على الفخر والاعتزاز أن ندشن اليوم فعاليات مؤتـمر "الزكاة والتنمية الشاملة" الذي يتشرف بـحضوركم الكريم ومشاركة هذا العدد الكبير من العلماء والمختصين الذي ناهز 80 عالماً ومختصاً جاؤوا من 19 دولة شقيقة وصديقة إلى منامة الخير والسلام والحضارة ضيوفاً أعزاء. ونؤكد مضي مملكة البحرين في جهودها الحثيثة الرامية إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة، انطلاقاً من المسيرة التنموية الشاملة التي أرست دعائمها قيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، إذ استطاعت البحرين من خلالها تحقيق العديد من الإنجازات التي انعكست على نماء وازدهار المملكة، حتى باتت موطناً لأكثر من 400 مؤسسة مالية محلية وإقليمية ودولية، فضلاً عن كونها أحد أبرز روافد تنمية قطاع الصيرفة الإسلامية عالميا".

ولفت الوزير إلى "الاهتمام البالغ الذي تحظى به الزكاة لما لها من دور محوري في خدمة المجتمع وتحقيق تكافله، ودعم مسيرة تنميته وتحقيق ازدهاره ورخائه"، مضيفاً "كانت البحرين من أوائل الدول العربية التي سنت التشريعات المنظمة للعمل الزكوي المؤسسي، وما صندوق الزكاة والصدقات إلا ثمرة مباركة غرستها اليد الميمونة لصاحب العظمة الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة –طيب الله ثراه- عــبـر إصدار المرسوم بقانون رقم 8 لسنة 1979، وتعهدتها الرعاية الملكية السامية لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى –حفظه الله ورعاه- التزاماً بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وتلبية للحاجة المجتمعية والتنموية. ولم يزل صندوق الزكاة والصدقات منذ ذلك الوقت، يسير سيرا حثيثا نحو تطوير البرامج والآليات، ويسعى سعيا جادا لوضع الأنظمة والأسس اللازمة لإدارة العمل الخيري بمزيد من الجودة والإتقان. ولقد استطاع الصندوق –بفضل الله تعالى- أن يشمل بخدماته المتنوعة شريحة كبيرة من الأفراد والأسر والمؤسسات، وصولاً لشراكة مجتمعية تقوم على التكافل والتكامل، وتنمية شاملة تروم التطوير والنماء".

وأكد الوزير أن "الارتقاء بالجانب الاقتصادي للمجتمعات سبيل إلى غد أكثر إشراقاً، وأعمق إنتاجاً، والزكاة هي أحد أبرز مرتكزات تلك العملية التنموية المنشودة، ومن هنا جاءت فكرة إطلاق هذا المؤتمر الذي يسلط الضوء على جملة من المحاور في المجالات: الشرعية والاجتماعية والتشريعية والمؤسسية والتعليمية والمحاسبية والإعلامية والأمنية والسياسية، كما يعنى بدراسة المشاريع العملية والنماذج المبتكرة في تطبيقات الزكاة المعاصرة، ورصد وتوثيق النماذج الإبداعية للزكاة المعاصرة في العالم الإسلامي".

نشر قيم الوسطية

وألقى نائب رئيس جامعة الأزهر الشريف في مصر الإمام د.محمد أبو زيد الأمير كلمة ثمن فيها جهود جلالة الملك المفدى في رفعة شأن المملكة وسعي جلالته الدائم إلى توثيق أطر التعاون مع دول العالم مما يعكس رؤية جلالته الثاقبة في سبيل نشر القيم الإنسانية والوسطية والاعتدال والتسامح في شتى ربوع المملكة.

وأوضح د.الأمير أن "الزكاة تشكل دعامة كبرى من دعائم الإسلام الاقتصادية، كما أنها من الموارد المالية التي لا تنضب على مر السنين، ووسيلة ناجحة لتحقيق التضامن الاجتماعي والتكافل الإجباري بين أفراده، ورحمة من رحماته تعالى إلى عباده المؤمنين، وهي لون من ألوان العبادات التي فرضها الله تعالى ورتب عليها آثاراً اجتماعية كبيرة من عطف ورحمة ومحبة ومودة وإخاء وتعاون وتآلف بين أفراد المجتمع المسلم".

فيما قالت الرئيس التنفيذي للمؤتمر ورئيس مركز كمبريدج د.حفصة الغريب إن"فكرة إقامة المؤتمر في البحرين انطلقت بعد أن لاحظنا حجم التحديات التي تحيط بواقع الزكاة في العالم الإسلامي. وبادرنا إلى إطلاق مؤتمرنا الأول في البحرين (الزكاة والتنمية الشاملة) نحو تفعيل الدور الحضاري لفريضة الزكاة في واقع المجتمعات المعاصرة". منوهة بدور البحرين في قيادة وترشيد المسيرة المصرفية والمالية الإسلامية، سواء من جهة المعايير الشرعية أم المحاسبية.

وأشاد عضو مجلس حكماء المسلمين العلامة السيد علي الأمين بالقائمين على المؤتمر بجعلهم الزكاة موضوعاً للبحث عن التنمية المستدامة والشاملة، موضحاً أن "تشريع الزكاة في الإسلام من أهم الدعائم لقيام المجتمع المتضامن بعضه مع البعض الآخر في السراء والضراء، وهو من أهم التشريعات التي تكافح آفة الفقر".



تجديد قضايا الزكاة

في حين لفت رئيس المؤتمر ورئيس مجموعة الرقابة للاستشارات الشرعية في الكويت د.رياض الخليفي إلى أن المؤتمر يأتي في سياق التجديد والتطوير لقضايا الزكاة المعاصرة، مؤكداً الحرص على أن يكون المؤتمر دولياً مميزاً يليق بالإسهامات القيادية العالمية للبحرين في مؤسسات البنية التحتية للصناعة المالية الإسلامية في العالم.

وقال د. الخليفي "بادرنا بطرح فكرة مشروع موسوعة علوم الزكاة المعاصرة، وهي موسوعة علمية دولية تهدف إلى جمع وتصنيف الإسهامات العلمية للزكاة في إطار موضوعي منظم يتناسب مع معطيات المعرفة في العصر الحديث، تستلهم تصنيف موضوعاتها من واقع المحاور العشرة لمؤتمر الزكاة والتنمية الشاملة".

وشهد المؤتمر عرض فيلم وثائقي حول إنجازات صندوق الزكاة والصدقات منذ إنشائه. وكرم وزير العدل الرعاة والداعمين لمؤتمر الزكاة والتنمية الشاملة، وهي: صندوق العمل (تمكين)، شركة سداد، بنك الإثمار، مبرة عبدالرحيم الكوهجي، معهد كامبريدج للاستشارات والبحوث، مجموعة الرقابة للاستشارات الشرعية والمالية، شركة بدايات، مركز لندن للبحوث والاستشارات.

وناقشت أولى جلسات اليوم الأول للمؤتمر معيار الزكاة (صافي الغنى)، والمشروع الإعلامي "احسب زكاتك صح"، والمحور المحاسبي، والمحور الأمني، بمشاركة 25 باحثاً وباحثة.