تعمل البحرين على تأهيل الكوادر الوطنية من خلال إنشائها أكاديمية الذكاء الاصطناعي وجهود متفرقة أخرى، ولكن ذلك يستلزم البحث في مستقبل العلوم الجديدة بجدية عالية، كتوفير فرص العمل لكي لا يقع الخريجون ضحية سوء التخطيط كما حدث لخريجي علم الاجتماع مثلاً وكثير من التخصصات الأخرى، وأيضاً لكي يعود هذا الجهد والإنفاق من قبل الدولة بمردود يستحق العناء دون الاكتفاء بالبهرجة الإعلامية القائلة بمواكبة البحرين للمستجدات.

ولكي يتحقق ذلك فإننا بحاجة إلى التفكير ملياً في إنشاء مؤسسات وطنية أو مراكز مختصة في تلك العلوم، وتضطلع بمهمة البحث فيها والعمل على تطويرها وتذليل العقبات أمام تقديمها على النحو الأمثل للمجتمع، مع ضرورة وجود قسم متخصص يعمل على جانب التوعية والتنبيه والتحذير أيضاً، لتهيئة المواطنين لاستقبال مزيد من التقنيات والعلوم بسلاسة ودون الوقوع في كثير من المشكلات، ومن ذلك تخصيص فريق من القانونيين معني بمجالات التشريعات في المجالات العلمية وبراءات الاختراع وقوانين البحث وما شاكلها من احتياجات قانونية، وذلك من خلال تدريبات مكثفة للعاملين في هذه القطاعات كل في تخصصه مع التركيز على المجال العام للمؤسسة أو الهيئة.

وفي هذا السياق نقترح إنشاء مؤسسة علمية وتكنولوجية شاملة تتفرع عنها كثير من التخصصات بدلاً عن تفرق الجهود من هنا وهناك وارتفاع مستوى الإنفاق، كإنشاء هيئة وطنية للعلوم والتكنولوجيا تضطلع بمهام البحث والمواكبة للمستجدات وكذلك الإنتاج المعرفي في المجال. ويمكن أن توكل هذه المجالات البحثية لمركز» دراسات» مع تطوير شامل لمستوى نوعية الباحثين وبحرنتهم -وأعني البحرنة 100% كونه جهازاً وطنياً حساساً، ويرفد صانع القرار بالمعلومات اللازمة لاتخاذ القرارات، إلى جانب تمكين المركز ودعمه مادياً لتمويل أبحاث على مستوى عالٍ. ويمكن أن تكون المظلة الأكبر الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء مع إعادة التسمية بما يتناسب مع اتساع النشاط، لتضطلع بالاهتمام بالذكاء الاصطناعي وعموم أشكال التطور التكنولوجي الذي باتت تفرضه على الساحة الثورة الصناعية الرابعة، ومنها علوم الفضاء.

صحيح أننا نعاني أزمة مالية، إلاَّ أن الاستثمار في التعليم في المجالات الواعدة سيقود البحرين إلى نهضة مستقبلية تعوض التراجع في اقتصادها، وستجعلها على خارطة الاستثمار والإنتاج المعرفي والتكنولوجي، وتضعنا على خارطة اقتصادات المعرفة إن أثبتنا قدرتنا على التميز في هذا المجال.

* اختلاج النبض:

في تصريح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال إن المحتكر في مجال الذكاء الاصطناعي سيكون قادراً على اتخاذ قرارات سريعة وزيادة كفاءة الإدارة، ليصبح «سيد العالم». ونحن في الخليج العربي والبحرين، إن لم يكن لدينا طموح لسيادة العالم، أيمكن الأخذ بالحد الأدنى من الإمكانيات بحيث نتقي شر أسياد العالم؟!!