يمكنك أن تطلق مسمى آخر اليوم على «عالم السوشيال ميديا» أي فضاء وسائل التواصل الاجتماعي، وهو مسمى «عالم المثاليات»، ففي هذه المواقع هناك «تزييف» كبير للواقع، وساذج من يظن أن الناشطين فيه سينشرون له «الحقيقة المجردة»، بل على العكس، فالغالبية في هذه المواقع «تتجمل» أو تسعى لتظهر لك جانباً «غير حقيقي» أو يوهمك بواقع هو يمثل لها «حلماً أو طموحاً».
ولست أعني هنا أن كل ما ينشر «مزور» و»غير واقعي» لكنني أتحدث عن ظاهرة باتت تتفشى، حينما تعج هذه المواقع بالمثاليات والأدبيات، وحتى النصائح ذات البعد الأفلاطوني الموغل في مثاليتها، ليخيل إليك حينها بأنك وسط مجتمع كل من فيه «ولي صالح» و»بروفيسور في الأخلاق» وأنت الوحيد «الشاذ» بينهم، الوحيد الذي تسير «على ضلالة» وتمضي في «نهج الخطأ».
ولأنه عالم في غالبه مزيف، ولأن مجتمعنا صغير في تعداده ومساحته، بالتالي فمن الصعب ألا يعرف أحدنا الآخر، وهنا تكون الإثارة، حينما تجد شخصاً تعرفه، وتعرف خصاله وماضيه وحاضره، حينما تجده يقدم النصائح للمجتمع، النصائح التي هو أحوج الناس إليها، لأنه لا يطبقها بل يطبق عكسها.
هنا «أرض النفاق» تجدها وصفاً ينطبق على العالم الافتراضي، حينما يعج بمثل هذه الشخوص، في ظل سعيك أنت للبحث عن المعلومة أو الخبر، تنشد الحقيقة والواقع وما يفيدك.
هذا جانب واقع لا يمكن نكرانه، إذ كم ضحكت عندما وجدت شخصاً أعرف عنه فساد أخلاقه، وأعرف أن «ذمته واسعة» يمارس فساداً إدارياً ومالياً، بل يحترفه، ومضرة البشر لديه «هواية سادية»، حينما وجدته يوجه النصائح للناس، ويتمثل بالمثالية والأدب والإحساس الرفيع، حتى ظننت أنني أمام صحابي جليل، ترفع أصحاب رسولنا الكريم عن تشبه هؤلاء «الأفاقين بهم».
لكن هناك ظاهرة مقاربة لما يحصل، وهي نشر الأقوال والحكم، وهو الأمر الذي دفعني لطرح السؤال أعلاه: «لماذا تستهويكم الأقوال المأثورة؟!»، طرحته سؤالاً لنجيب عليه علناً، نحلل حالة نفسية لدى كثيرين ممن ينشرون هذه الأقاويل والحكم وهم يقومون بالعكس.
قبل المضي قدماً، حري بنا القول إن قراءة الأقوال المثالية، والحكم الإنسانية الموجهة للأمور الإيجابية، مسألة تستهوي الناس، ولا أعزل نفسي عنهم، لأن فيها عصارة خبرة وفكر لأناس معروفين وكانوا أو مازالوا جزءاً من التأريخ الإنساني، ولأن فيها إرشادات قد يجد فيها الشخص ضالته في أمور معنية، بحيث يكون التمثل بها وسيلة لمعالجة أوجه قصور في جوانب يعاني منها، وهذه كلها أمور إيجابية.
لكنّ بعضاً «تستهويهم» هذه الأقوال والأمثال، لأنها تمثل لديهم شيئاً مفقوداً يبحثون عنه، بالتالي حينما تصادفهم وكأنهم وجدوا «الإكسير» الذي به يعالجون هذا الداء، وبعضٌ «سوي» منهم، صادق مع نفسه، قد يسعى لنشر المعرفة والخير للناس، وقد يذكر أنها نصيحة جميلة ينصح بها نفسه قبل الناس، وهذا النوع من الناس يشكر على نقله ونشره لهذه الأخلاقيات الجميلة.
لكن الكارثة عند من ينشر الأدبيات والأقوال والنماذج الإيجابية ليوصلك لشعور بأنه «مثال حي لها»، بينما الواقع يقول إنه لا يؤمن بها ولا يطبقها، لأن الواقع يكشف دائماً المتخفين وراء ستر، أو المتجملين وراء مظاهر كاذبة.
عموماً ستظل هذه الأقوال تعجبنا وتستهوينا، لأن فيها مضامين تحمل معالجات وإرشادات لكثير من الأمور التي نحتاج إليها بالفعل في حياتنا، وبالتالي ركز في المثل والقول، ولا تركز في الشخص الذي ينقله، وللإنصاف لا تركز في الشخص الذي يثبت لك بأفعاله أنه نقيض ما ينشر.
ولست أعني هنا أن كل ما ينشر «مزور» و»غير واقعي» لكنني أتحدث عن ظاهرة باتت تتفشى، حينما تعج هذه المواقع بالمثاليات والأدبيات، وحتى النصائح ذات البعد الأفلاطوني الموغل في مثاليتها، ليخيل إليك حينها بأنك وسط مجتمع كل من فيه «ولي صالح» و»بروفيسور في الأخلاق» وأنت الوحيد «الشاذ» بينهم، الوحيد الذي تسير «على ضلالة» وتمضي في «نهج الخطأ».
ولأنه عالم في غالبه مزيف، ولأن مجتمعنا صغير في تعداده ومساحته، بالتالي فمن الصعب ألا يعرف أحدنا الآخر، وهنا تكون الإثارة، حينما تجد شخصاً تعرفه، وتعرف خصاله وماضيه وحاضره، حينما تجده يقدم النصائح للمجتمع، النصائح التي هو أحوج الناس إليها، لأنه لا يطبقها بل يطبق عكسها.
هنا «أرض النفاق» تجدها وصفاً ينطبق على العالم الافتراضي، حينما يعج بمثل هذه الشخوص، في ظل سعيك أنت للبحث عن المعلومة أو الخبر، تنشد الحقيقة والواقع وما يفيدك.
هذا جانب واقع لا يمكن نكرانه، إذ كم ضحكت عندما وجدت شخصاً أعرف عنه فساد أخلاقه، وأعرف أن «ذمته واسعة» يمارس فساداً إدارياً ومالياً، بل يحترفه، ومضرة البشر لديه «هواية سادية»، حينما وجدته يوجه النصائح للناس، ويتمثل بالمثالية والأدب والإحساس الرفيع، حتى ظننت أنني أمام صحابي جليل، ترفع أصحاب رسولنا الكريم عن تشبه هؤلاء «الأفاقين بهم».
لكن هناك ظاهرة مقاربة لما يحصل، وهي نشر الأقوال والحكم، وهو الأمر الذي دفعني لطرح السؤال أعلاه: «لماذا تستهويكم الأقوال المأثورة؟!»، طرحته سؤالاً لنجيب عليه علناً، نحلل حالة نفسية لدى كثيرين ممن ينشرون هذه الأقاويل والحكم وهم يقومون بالعكس.
قبل المضي قدماً، حري بنا القول إن قراءة الأقوال المثالية، والحكم الإنسانية الموجهة للأمور الإيجابية، مسألة تستهوي الناس، ولا أعزل نفسي عنهم، لأن فيها عصارة خبرة وفكر لأناس معروفين وكانوا أو مازالوا جزءاً من التأريخ الإنساني، ولأن فيها إرشادات قد يجد فيها الشخص ضالته في أمور معنية، بحيث يكون التمثل بها وسيلة لمعالجة أوجه قصور في جوانب يعاني منها، وهذه كلها أمور إيجابية.
لكنّ بعضاً «تستهويهم» هذه الأقوال والأمثال، لأنها تمثل لديهم شيئاً مفقوداً يبحثون عنه، بالتالي حينما تصادفهم وكأنهم وجدوا «الإكسير» الذي به يعالجون هذا الداء، وبعضٌ «سوي» منهم، صادق مع نفسه، قد يسعى لنشر المعرفة والخير للناس، وقد يذكر أنها نصيحة جميلة ينصح بها نفسه قبل الناس، وهذا النوع من الناس يشكر على نقله ونشره لهذه الأخلاقيات الجميلة.
لكن الكارثة عند من ينشر الأدبيات والأقوال والنماذج الإيجابية ليوصلك لشعور بأنه «مثال حي لها»، بينما الواقع يقول إنه لا يؤمن بها ولا يطبقها، لأن الواقع يكشف دائماً المتخفين وراء ستر، أو المتجملين وراء مظاهر كاذبة.
عموماً ستظل هذه الأقوال تعجبنا وتستهوينا، لأن فيها مضامين تحمل معالجات وإرشادات لكثير من الأمور التي نحتاج إليها بالفعل في حياتنا، وبالتالي ركز في المثل والقول، ولا تركز في الشخص الذي ينقله، وللإنصاف لا تركز في الشخص الذي يثبت لك بأفعاله أنه نقيض ما ينشر.