باريس - لوركا خيزران

اعتداء عنصرين من المنتخبين المحليين عن حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف لفظياً على سيدة مسلمة، أعاد الجدل حول العلمانية وموضوع ارتداء الحجاب ليطفوا مجددا على السطح في المشهد السياسي الفرنسي.

السيدة المسلمة المحجبة كانت ترافق مجموعة من الأطفال في رحلة مدرسية إلى أحد المجالس البلدية للتعرف عن قرب إلى طريقة عمل إحدى آليات الديمقراطية الفرنسية، قبل أن يطالب المعتدي رئيسة المجلس بإجبار السيدة على نزع حجابها أو الخروج من المجلس "باسم قيم الجمهورية والعلمانية".

منصات التواصل الاجتماعي انشغلت بالحدث ليصبح حديث الشارع الفرنسي، إضافة لأوساط الطبقة السياسية في البلاد، حيث تصدر موضوع الحجاب ومدى اتساقه مع النموذج العلماني في البلاد عشرات النقاشات على بلاتوهات القنوات الفرنسية، لكن الأمر اللافت والمثير، هو الغياب التام للمحجبات عن هذه النقاشات، رغم أنهن "المحجبات"، المعنيات قبل أي شخص آخر بهذا الموضوع، خاصة أن بعض الضيوف يعتبر بأن الحجاب هو نوع من "الإخضاع".

محرك البحث CheckNews الذي يديره مجموعة من الصحافيين، أحصى خلال عدة أيام فقط 286 مداخلة حول هذه القضية، خلال 85 نقاشا على: LCI و CNews و FRANEC INFO و BFMTV "بعض الأشخاص تمت استضافتهم عدة مرات للنقاش حول نفس الموضوع".

وبين هؤلاء الضيوف الـ 286 لم تشارك أي امرأة فرنسية محجبة في هذه النقاشات!! باستثناء لطيفة بن زياتن – هي والدة عماد بن زياتن أول عسكري فرنسي قتل في مدينة تولوز على يد الإرهابي مراح عام قبل نحو سبعة أعوام – والتي ظهرت فقط من خلال مداخلة مقتضبة جدا ضمن تقرير تلفزيوني لقناة LCI ، التابعة لمجموعة TF1 التي تم انتقادها بشدة قبل نحو أسبوعين بسبب بثها خطاباً للكاتب والسياسي والصحافي الفرنسي المثير للجدل إريك زمّور، الذي لا يخفي معاداته للإسلام والمسلمين.

وكان لـ TF1 نصيب الأسد من هذه النقاشات التلفزيونية الـ 85 حول الحجاب والعلمانية إذ نظمت ما لا يقل عن 42 نقاشاً مع 149 مداخلة، مقابل 24 على قناة CNews مع 73 مداخلة، و13 نقاشاً و43 مداخلة على قناة BFMTV، ثم 6 نقاشات مع 21 مداخلة على Franceinfo.

وأشار الصحافيون في "CheckNews"، أيضا إلى النقاشات التلفزيونية التي كانت مصحوبة في بعض الأحيان بانزلاقات إسلاموفوبيا "معادية للإسلام".