ريّانة النهام
نظمت أسرة الأدباء والكتاب فعالية قراءة في رواية "المياه وظلالها" للكاتب أمين صالح، من تقديم الكاتب والمؤلف والمخرج البحريني حسين عبدعلي، ودار جلسة الفعالية د. عبدالقادر المرزوقي، مساء الأحد في مركز عبدالرحمن كانو الثقافي.
ويعد الأديب والمترجم البحريني أمين صالح من أبرز الكتاب في البحرين، وحصل على درجة الليسانس في الأدب الإنجليزي، يعد واحداً من الأدباء والكتاب في البحرين الذين يتمتعون بثقافة واسعة، فكتب القصة القصيرة، والرواية، والشعر، والسيناريو السينمائي والتلفزيوني، والمسرحية، وحصل على وسام الكفاءة من الدرجة الأولى عام 2007، وكرم من قبل مسرح أوال عام 2008.
وأكد الكاتب حسين عبدعلي أنه لم يكن يوماً ناقداً ولا يدعي امتلاك ثقافة المنظر للجمال، كل ما يفعله محاولة قراءة الرواية من زاوية مختلفة، أو فتح منصة على سؤال أو محاولة دحرجت كرة الثلج، لذلك ابتعد عن المياه وظلالها ولكنه بلا شك يحوم في مدارات فلكها وتتبعها تمامًا، ويرى أن أمين في تفلته وتشطيه وبالتالي تجد أن كتبه تشبهه بقصد أو دون قصد، لذلك تتشابه وتتواهج تماماً. من خلال التماس جزء لا يتجزأ من هندسته وتجربته السردية.
وأضاف" ابتعدت نوافذ روايته عن شواطى الشعر والنثر والسينما والمسرح فلا يمكن قراءة أمين عن أمين ككل، وهو الشاعر والقاص والسينمائي والمسرحي والناقد والأديب والمترجم، جميعها شخصيات تتداخل بقصد أو بدونه في نصوصه، وخاصة أن فعل الكتابة لديه فعل تراكمي بامتياز، بمعنى أن كل نص يتمم الآخر ويستخدمه ضمنياً أو ومضاً ولا يكتبه".
وأوضح أن الاختلاف يدرج بعدم وجود هدف على قدر عملية البناء في الكثير من المفردات والأفكار حيث إن أمين لا يملك عملية هدم على مقدار عملية البناء التي يمارسها، فالكثير من المفردات والأفكار والأشياء تتراكم وتجدها في أكثر من نص وزاوية في كتابته، لذلك أجد أن لا فائدة من قراءة المياه وظلالها قراءة معتادة وكلاسيكية تقف عند عناصر تقليدية مثل شخصيات، وأحداث، وزمان، ومكان وما إلى ذلك، وإنما المفيد النمو في قراءة تقابل التشطي بالتشطي".
وطرح تساؤل، وهو مالذي يمنح منجز ما أن يكون قريباً من الـقـلـب، ومالذي يمنحه المقدرة لتسرب إلى روح الفرد ومرافقته لفترة طويلة والبقاء في الذاكرة ببساطة شديدة، ويتابع: "أن الأمر معكوس في ما يتركه المنجز من أثر فيك والقدرة على منح الفرد إمكانية قرأة نفسه من جديد، واكتشاف ما حوله والمحيط به، ببساط أكد أظن أن يكون المنجز خبيثاً يشبه الفيروس يتخلل إلى خلاياك ومن ثم ينتشر بالأسئلة ويتكاثر إلى أن تصبح موضوعك".
وعلى سبيل المثال تطرق عبد علي إلى شخصية الأم الشجاعة في مسرحية الأم الشجاعة وأبنائها للكاتب لبرتولت بريخت، ومالذي يجعل الأم قريبة لقلب المتلقي، حيث تدور القصة حول ابنين تدور الأم بعربتها وتتجه إلى الحرب، وأحد رواد تكون لديه علاقة مع الابن الأكبر ويأخذه إلى الحرب والأم تقع في يد العدو الذي يقوم بقتل ابنها الأخرى، ويعرضه على الأم التي تنكر معرفتها، حيث إن السبب الرئيس هو خوف الأم من قطع مصدر رزقها الجديد حيث تستمر في عملية بيع الأكل والخمر والسؤال هنا ماهو الأثر في دور الأم الشجاعة وما هو الفيروس الذي يود أن يتسلل إلى خلايا المتلقي ويكون مهوساً به، ويقول عبد علي: "لو افترضنا أن المتفرج من العرض خرج برسالة مفادها أن الحرب سيئة وآثارها مدمرة، لكن في الأساس المتفرج مدرك لهذه المعلومة ما الجديد في الموضوع، وبالتالي ما تعرضه آثار الحرب ودمارها هو مايعيشه الفرد وبتالي لم يقدم إضافة إلى المتفرج، لذلك باعتقادي أن الأثر الحقيقي في دور الأم الشجاعة يدس سؤالاً مفصلياً لماذا نحن كبشر نلجأ للحرب باعتبارها ذات فائدة وجدوى ومأساة هذا السؤال الأخرى هو ما يجعل المتلقي مغروماً بالنص وما يمنحه ديمومته".
وتطرق عبدعلي إلى الأثر الذي تركته رواية مياه أمين وظلالها في داخل المتلقي والقارئ، وما هو فاصل الرواية وشكلها ومضمونها، فيرى أن الظل في الأدب لا يكتمل حضوره إلا باقترانها بالماء، والظل يتمدد ليشمل الليل والظلام والماء باعتباره البحر والمحيط وتجمعهما معركة.
وتابع: "المياه وظلالها عنوان يمتلك رنين شعري جمالي، يلمح عن جوهر النص ويكون مفتوحاً على عدد من الإبداعات والتأويل، عنوان يدل على مختبر أمين وانشغاله عن الكتابة بوصفها موضعاً، فاللعبة ذاتها يمارسها أمين في عناوين فصول الرواية الممتدة إلى خمس فصول بدءاً من الفصل الأول، هذا الفصل يبدأ بروح سينمائية وكأنما كانت هناك دائرة خارج الكرة الأرضية يبدأ الكادر فيها بالهبوط، وتخترق الغيوم وتقف أمام البحر إلى أن تصل إلى السفينة القرمزية، هنا نشعر بأنها لحظة سينمائية وكأنها كيمرا وكادر يتحرك داخل الرواية وأنت المتلقي".
وأضاف: "أما الفصل الثاني كانت البداية هي لحظة سينمائية أولى باستحضارها، ويحط القارئ بما قبل المشهد الافتتاحي وقبل أن ينتقل أمين إلى فصل جديد بمشهد تقليدي، أما الفصل الرابع الذي هو أشبه بعودة إلى تكملة مشهد الافتتاح والعربة فيه سينمائية، ويختتم الرواية بفصل قصير جداً فالنهاية ربما تكون البداية، وهو فصل شعري مكثف".
وأكد أن هناك ذكاءً شديداً عندما استحضر أمين روح السينما في هذه الرواية، وهي ليست عملية جديدة لروح السينما في أسلوب السرد، على سبيل المثال هو يحاول أن يصير لغته ككوادر سينمائية لكن ليس سينما إنما كوادر سينمائية في حالة سردية.
وأشاد عبدعلي بتمكن الكاتب بأدوات السرد، لكن يعتقد أنه لا ضرر هنا من التذكير بمناسبة هذه الأدوات وتجددها بما يتناسب مع الوقت الراهن على مستوى البناء والشكل، فالمياه وظلالها جاءت حول كتابة الرواية.
وأكمل: "واحدة من أهم التأثيرات التي نوه بها أحد الأدباء من يتوقع له القدر الكامل من الظروف ليستمر اليوم في كتابة الروايات أن يكتبها بطريقة يجعل اقتباسها متعثراً حمايةً لها، بعبارة أخرى طريقة تجعلها غير قابلة لتروى لو سألك أحد عما تتحدث المياه وظلالها سيكون له عصياً أو سطحياً عند محاولة اختصارها أو روايتها بشكل موجز ومختصر وبالتالي الإجابة على مثل هذا السؤال يستمد إجابة واحد وينتهي عليك عليك بقراءة الرواية".