محمد الدرويش

لقد مرت أكثر من ثلاث سنوات، عندما صدم نادي ليستر سيتي المعروف باسم "الثعالب" العالم الكروي بعد أن فاز الفريق الإنجليزي آنذاك ببطولة الدوري الممتاز للمرة الأولى في التاريخ، وتحت قيادة المدرب الإيطالي الشهير كلاوديو رانييري، الذي استطاع وبموسمٍ سحري وممتع للجماهير من جعل "الثعالب" معادلة صعبة في منافسات الكرة الإنجليزية.

هذا الموسم، وإذا استثنينا الخسارتين التي مني بهما الفريق الإنجليزي أمام عملاق الكرة البريطانية مانشستر يونايتد في الجولة الخامسة والأخرى أمام الفريق الأوفر حظاً للفوز باللقب هذا الموسم نادي ليفربول في الجولة الثامنة فإن التواجد في المركز الثالث خلف الريدز ومانشستر سيتي أمر يستحق أن نقف عنده، خصوصاً وأن ليستر يتفوق على أربعة فرق من أصل الستة الكبار المعروفين في الدوري الإنجليزي وهم: أرسنال، تشيلسي، توتنهام ومانشستر يونايتد، وقد رفعت المستويات التي يقدمها المدرب الإسكتلندي برندان رودجرز سقف الطموحات بالنسبة لمشجعي وعشاق هذا الفريق الجميل، خصوصاً بعد انتصارهم الساحق قبل ثلاثة أيام فقط على ساوثهامبتون بتسعة أهداف دون رد في ليلة تألق فاردي – بيريز والتي ستسجل وتحفظ في سجلات الدوري الممتاز كأكبر انتصار لفريق خارج الديار.

واستطاع رودجرز بث الروح لدى "الثعالب" من جديد وقد لقي الإشادة والمديح من أغلب محللي وناقدي كرة القدم العالمية، حيث يبدع الفريق بشكلٍ ملفت للأنظار في الهجمات المرتدة، وكذلك بتطبيق الأسلوب المفضل لدى الفيلسوف بيب غوارديولا "أسلوب الاستحواذ" إذ يعتبر ليستر ثالث أكثر فريق امتلاكاً للكرة في القارة العجوز وبمتوسط 54.7% للمباراة الواحدة، وزيادته الحدة الهجومية للهداف جيمي فاردي الذي يقدم هذا الموسم أحد أجمل وأفضل مستوياته ولو أنهى ما يقوم به بالشكل الحالي فإنه سيكون أفضل لاعب رقم "9" لا محالة لموسم 2019/2020 إذ أعاد للذاكرة تألق المزيد من النجوم بهذا الرقم ومقارنته بهم ولعل أبرزهم الأسطورة الهولندية ومدفعجي آرسنال سابقاً دينيس بيركامب.

صحيح أن الفريق قد باع ماغواير لمانشستر يونايتد مقابل 100 مليون يورو إلا أن المنظومة الدفاعية للفريق لم تتأثر بذلك أو يهبط مستواها قيد أنملة، إذ أثبت الظهيرين الأيمن والأيسر ريكاردو بيريرا وبن شيلويل احترافيتهما الكبيرة وقدرتهما على القيام بالمهام المطلوبة منهما دفاعياً وهجومياً، الأمر الذي أقارنه وأصنفه شخصياً بثنائية روبيرتسون – أرنولد في ليفربول.

كل العوامل الحالية تصب لمصلحة أبناء رودجرز، إن لم يكونوا منافسين رئيسيين على اللقب رفقة ليفربول ومانشستر سيتي، فإن الحصول على المركز الثالث وضمان مقعدٍ أوروبي أمر شبه مضمون في ظل عدم وضوح هوية آرسنال أوناي إيمري وضعف وتذبذب مانشستر يونايتد سولسكاير ووجود تشيلسي لامبارد تحت عمليات الهدم والبناء وهبوط مستوى توتنهام بوكيتينيو بشكلٍ واضح هذا العام مقارنةً بما قدموه في السنوات الخميس الماضية، وبشكلٍ عام الموسم فإن لازال في بدايته وبالإمكان حدوث الكثير من المفاجآت في المستقبل، كل ما علينا هو أن نصبر وننتظر إلى أين ممكن أن تؤول الأمور بالنسبة لليستر خصوصاً والدوري الإنجليزي عموماً.