حوادث بسيطة متفرقة في الشوارع الرئيسة لمملكة البحرين كفيلة بشل الحركة المرورية بشكل كامل، فمشوار النصف ساعة يتحول بكل بساطة إلى ساعة أو ساعة ونصف، فمشهد الاختناق المروري أصبح متكرراً ومؤرقاً بشكل مزعج للمواطنين دون أي مبادرات لحله من الجهات المعنية.

فضيق الطرق التي أصبحت لا تتسع للكم الهائل من المركبات التي تتجول في شوارع البحرين تعد سبباً رئيساً من أسباب الازدحامات المرورية، فإدارة المرور قد أعلنت مسبقاً أنها تفحص وتسجل 450 ألف مركبة سنوياً، وهذا العدد قابل للزيادة بطبيعة الحال إذا استمرت الأمور على ما هي عليه وإذا بقيت الشوارع الرئيسة على حجمها الحالي فإن الوضع في طريقه للانفجار.

ولتلافي هذا الزحام في المناطق الحيوية كانت هناك بعض الحلول العبقرية لبعض الجهات، فكان من ضمن الاقتراحات المطروحة على الطاولة هي المرونة في أوقات العمل وتقسيم فترات العمل بين وزارات المملكة ومؤسساتها وحتى قطاعها الخاص، ولكنك تتفاجأ بأن المرونة المتاحة هي ساعة واحدة فقط في كل القطاعات، وتماشياً مع ذلك قررت وزارة التربية والتعليم حينها تمديد الدوام المدرسي لزيادة الخير في أوقات الذروة وجعل القطاع الحكومي والتعليمي يلتقيان في طوابير السيارات وغيوم من الكربون.

في الجانب الآخر درست بعض الدول هذه الازدحامات المرورية وبدأت بوضع الحلول المنطقية والعملية بخطط استراتيجية طويلة المدى، وليس بخطط مؤقتة كإغلاق إشارة أو تحويل مسار كرد فعل على امتعاض المواطنين، ولذلك قامت مثلاً بمنع حركة الشاحنات الثقيلة خلال أوقات الذروة والتي يعاني منها مرتادو جسر الحد وجسر سترة بشكل يومي، وهذا ما تم إقراره ولكن لم يتم تطبيقه لدينا!

كذلك قامت الدول بوضع لوائح وضوابط مما يقنن عملية منح رخص السياقة للمقيمين والأجانب، فليس من المعقول أن يكون في النهار عامل مصنع أو يشغل أي وظيفة في شركته لا تستدعي استخراج رخصة سياقة، ليكون في المساء «تاكسي» غير نظامي يجول شوارع المملكة بركاب غير نظاميين.

أما فيما يخص أماكن تجمع الوزارات والهيئات في بقعة جغرافية صغيرة ليس لها إلا منافذ محدودة يؤدي إلى شلل تام للحركة في هذه البقعة في حال تأخر إشارة من إشارات المرور لأي ظرف كان أو حادث ولو كان بسيطاً أو عطل في إحدى السيارات كما هو الحال عند منطقة المرفأ المالي وإشارات الدبلوماسية، ولذلك فإن أخذ موضوع الوصول لهذه المؤسسة ينبغي أن يؤخذ بالحسبان مع كل نقل لأي وزارة أو مؤسسة حكومية.

الحديث عن أسباب ومسببات الزحمة موضوع طويل ومكرر ولن تسعفنا مقالة واحدة للحديث عنها، ولكن النقطة الجوهرية في هذا كله هي أخلاق السياقة التي عرف بها المواطن البحريني والتي كانت مضرب المثل للدول المجاورة، ولكن في هذه الأيام تنازل البعض عن منظومة الأخلاق التي تربينا عليها وأصبحت السياقة بمثابة تحدٍّ وفرد عضلات في الشارع وكأنه يقول البقاء للأقوى!