لم تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر كما وعد بوريس جونسون العالم! حاول الرجل وحاول، لكن حائط الصد كان أقوى.
أقدم بوريس على خطوة جريئة بتعطيل البرلمان منذ أن وطأت قدمه مكاتب «10 داوننغ ستريت»، ليتسنى له التفاوض مع الاتحاد الأوروبي حول اتفاقية خروج ترضيه وترضي الشارع البريطاني بدون إزعاج، لكن المعارضة لجأت ولأول مرة في التاريخ البريطاني إلى المحكمة العليا لتنقض قرار تعطيل البرلمان. ودخل في مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي ونجح في الحصول على اتفاقية خروج معدلة ولكن البرلمان العنيد رفضها. وطالب بإجراء انتخابات مرات عدة، ولم يستجب له البرلمان. صفعات متتالية تلقاها، جعلت وعده يتبخر.
لكن وعلى الرغم من سلسلة الهزائم بدأت تتحسن الأمور أخيراً بالنسبة له، حيث وافق البرلمان على تنظيم انتخابات طارئة في 12 ديسمبر المقبل. وبذلك يتنفس بوريس «المهزوم» الصعداء!
ولم تغير المعارضة التي يقودها حزب العمال من موقفها تجاه الانتخابات سوى الأربعاء الفائت عندما انشق عنها حزب الليبراليون الديمقراطيون والحزب الإسكتلندي الوطني اللذان قررا في اللحظات الأخيرة قبول فكرة الانتخابات بل والحث على إقامتها.
وتدخل الأحزاب البريطانية هذه الانتخابات ببرامج انتخابية مختلفة، فحزب المحافظين سيروج للخروج من الاتحاد الأوروبي فوراً وبدون أي تعطيل مستفيداً من وجود اتفاقية معدلة مع الاتحاد الأوروبي تساعد بريطانيا على خروج سلس. أما حزب العمال فسيروج لإعادة التفاوض من جديد للحصول على مكتسبات إضافية من الاتحاد الأوروبي كما سيقدم خيار البقاء في الاتحاد في حال أرادت الطبقة العاملة في بريطانيا ذلك، أي سيمسك العصا من المنتصف. وبعض الأحزاب الصغيرة الأخرى اتفقت على الترويج للبقاء وعدم الخروج بل وإجراء استفتاء عام جديد لتغير نتيجة استفتاء عام 2006!
ونعلم أن البرامج الانتخابية لا تنفع كثيراً في أي مكان في العالم مهما تم تضخيم أهميتها. حيث أثبتت الكثير من التجارب أن الكاريزما والقدرة على الخطابة والإقناع هي العامل الأكثر تأثيراً في الناخب. لذلك، يبدو أن حظوظ بوريس جونسون هي الأوفر في السباق الانتخابي الجديد.
فجونسون، صاحب القدرات اللغوية العالية والشخصية التي تجمع بين الجد والهزل والمتمرس في خوض الانتخابات «فاز بمنصب عمدة لندن مرتين و قاد استفتاء 2006 للخروج من الاتحاد الأوروبي وفاز بانتخابات حزب المحافظين مؤخراً»، دخل قلوب البريطانيين منذ أكثر من عقد من الزمان ومنذ أن كان صحفياً مشاكساً يطرح آراءه بكل اقتدار وبلمسة سخرية ممتعة. فهو وعلى الرغم من تخبطاته «الغرامية» التي تفننت الصحافة في نشرها، و على الرغم من تشكيك خصومه في أدائه، يبقى محبوباً ومقبولاً لدى شريحة كبيرة من الناس.
الانتخابات الطارئة في مصلحة جونسون وحزبه بلا شك، فأغلب استطلاعات الرأي تشير إلى ارتفاع نسبة المؤيدين لحزب المحافظين ولسياسية جونسون المتعلقة ببركسيت. بل أظهرت الاستطلاعات استياء الناس من عرقلة حزب العمال «المعارض»، لمساعي جونسون في الخروج من الاتحاد الأوروبي وعدم اقتناع الكثير بشخصية أقرب منافسيه «جيرمي كوربن»، رئيس حزب العمال كقائد جديد للحكومة.
وينظر البريطانيون لكوربن على أنه شيوعي الهوى ويساري المبادئ والتفكير ومؤدلج، مما يبعد عنه الناخب البريطاني الذي نادراً ما اختار اليساريون في منصب مهم. فبريطانيا لا تتجه إلى اليسار لأنها ملكية حتى النخاع مما جعلها بلداً «محافظاً» سياسياً على مدى أغلب فترات التاريخ ولا تغريها الأيديولوجيات. وحتى توني بلير «الحالة الاستثنائية في مشوار حزب العمال»، اضطر لتغير أسس حزب العمال اليسارية إلى مفاهيم أكثر قرباً لليمين الوسطي كي ينجح، فاختار اسم «حزب العمال الجديد»، كي يبتعد عن إرث حزب العمال اليساري وخلال فترته اقتبس من المحافظين الكثير وطبق مبادىء الرأسمالية والسوق المفتوح.
لا أسبق الأحداث، لكن أتوقع فوزاً كاسحاً لجونسون وحزبه في 12 ديسمبر وخروجاً لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي مطلع العام 2020.
أخيراً، لماذا أخبار بريطانيا مهمة؟ ببساطة، هي الدولة ذات التأثير الأبرز تاريخياً على الشرق الأوسط الذي يضم الخليج العربي. وهي ذات نفوذ مستمر في المنطقة. إضافة إلى أنها صاحبة نصيب الأسد من استثمارات الخليج في الخارج سواء على صعيد الدول أو الأفراد. فارتباط الخليج ببريطانيا تاريخي وسياسي واقتصادي ولا يمكن تجاهل أحداثها.
أقدم بوريس على خطوة جريئة بتعطيل البرلمان منذ أن وطأت قدمه مكاتب «10 داوننغ ستريت»، ليتسنى له التفاوض مع الاتحاد الأوروبي حول اتفاقية خروج ترضيه وترضي الشارع البريطاني بدون إزعاج، لكن المعارضة لجأت ولأول مرة في التاريخ البريطاني إلى المحكمة العليا لتنقض قرار تعطيل البرلمان. ودخل في مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي ونجح في الحصول على اتفاقية خروج معدلة ولكن البرلمان العنيد رفضها. وطالب بإجراء انتخابات مرات عدة، ولم يستجب له البرلمان. صفعات متتالية تلقاها، جعلت وعده يتبخر.
لكن وعلى الرغم من سلسلة الهزائم بدأت تتحسن الأمور أخيراً بالنسبة له، حيث وافق البرلمان على تنظيم انتخابات طارئة في 12 ديسمبر المقبل. وبذلك يتنفس بوريس «المهزوم» الصعداء!
ولم تغير المعارضة التي يقودها حزب العمال من موقفها تجاه الانتخابات سوى الأربعاء الفائت عندما انشق عنها حزب الليبراليون الديمقراطيون والحزب الإسكتلندي الوطني اللذان قررا في اللحظات الأخيرة قبول فكرة الانتخابات بل والحث على إقامتها.
وتدخل الأحزاب البريطانية هذه الانتخابات ببرامج انتخابية مختلفة، فحزب المحافظين سيروج للخروج من الاتحاد الأوروبي فوراً وبدون أي تعطيل مستفيداً من وجود اتفاقية معدلة مع الاتحاد الأوروبي تساعد بريطانيا على خروج سلس. أما حزب العمال فسيروج لإعادة التفاوض من جديد للحصول على مكتسبات إضافية من الاتحاد الأوروبي كما سيقدم خيار البقاء في الاتحاد في حال أرادت الطبقة العاملة في بريطانيا ذلك، أي سيمسك العصا من المنتصف. وبعض الأحزاب الصغيرة الأخرى اتفقت على الترويج للبقاء وعدم الخروج بل وإجراء استفتاء عام جديد لتغير نتيجة استفتاء عام 2006!
ونعلم أن البرامج الانتخابية لا تنفع كثيراً في أي مكان في العالم مهما تم تضخيم أهميتها. حيث أثبتت الكثير من التجارب أن الكاريزما والقدرة على الخطابة والإقناع هي العامل الأكثر تأثيراً في الناخب. لذلك، يبدو أن حظوظ بوريس جونسون هي الأوفر في السباق الانتخابي الجديد.
فجونسون، صاحب القدرات اللغوية العالية والشخصية التي تجمع بين الجد والهزل والمتمرس في خوض الانتخابات «فاز بمنصب عمدة لندن مرتين و قاد استفتاء 2006 للخروج من الاتحاد الأوروبي وفاز بانتخابات حزب المحافظين مؤخراً»، دخل قلوب البريطانيين منذ أكثر من عقد من الزمان ومنذ أن كان صحفياً مشاكساً يطرح آراءه بكل اقتدار وبلمسة سخرية ممتعة. فهو وعلى الرغم من تخبطاته «الغرامية» التي تفننت الصحافة في نشرها، و على الرغم من تشكيك خصومه في أدائه، يبقى محبوباً ومقبولاً لدى شريحة كبيرة من الناس.
الانتخابات الطارئة في مصلحة جونسون وحزبه بلا شك، فأغلب استطلاعات الرأي تشير إلى ارتفاع نسبة المؤيدين لحزب المحافظين ولسياسية جونسون المتعلقة ببركسيت. بل أظهرت الاستطلاعات استياء الناس من عرقلة حزب العمال «المعارض»، لمساعي جونسون في الخروج من الاتحاد الأوروبي وعدم اقتناع الكثير بشخصية أقرب منافسيه «جيرمي كوربن»، رئيس حزب العمال كقائد جديد للحكومة.
وينظر البريطانيون لكوربن على أنه شيوعي الهوى ويساري المبادئ والتفكير ومؤدلج، مما يبعد عنه الناخب البريطاني الذي نادراً ما اختار اليساريون في منصب مهم. فبريطانيا لا تتجه إلى اليسار لأنها ملكية حتى النخاع مما جعلها بلداً «محافظاً» سياسياً على مدى أغلب فترات التاريخ ولا تغريها الأيديولوجيات. وحتى توني بلير «الحالة الاستثنائية في مشوار حزب العمال»، اضطر لتغير أسس حزب العمال اليسارية إلى مفاهيم أكثر قرباً لليمين الوسطي كي ينجح، فاختار اسم «حزب العمال الجديد»، كي يبتعد عن إرث حزب العمال اليساري وخلال فترته اقتبس من المحافظين الكثير وطبق مبادىء الرأسمالية والسوق المفتوح.
لا أسبق الأحداث، لكن أتوقع فوزاً كاسحاً لجونسون وحزبه في 12 ديسمبر وخروجاً لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي مطلع العام 2020.
أخيراً، لماذا أخبار بريطانيا مهمة؟ ببساطة، هي الدولة ذات التأثير الأبرز تاريخياً على الشرق الأوسط الذي يضم الخليج العربي. وهي ذات نفوذ مستمر في المنطقة. إضافة إلى أنها صاحبة نصيب الأسد من استثمارات الخليج في الخارج سواء على صعيد الدول أو الأفراد. فارتباط الخليج ببريطانيا تاريخي وسياسي واقتصادي ولا يمكن تجاهل أحداثها.