كثيرون في الشارع البحريني لا يخفون حبهم الجارف لهذا الوطن، لا يخفون مشاعرهم الحقيقية تجاه ملكهم الغالي، ورموز الحكم الكرام، كثيرون منهم لو طلبت منهم التضحية لأجل البحرين لما ترددوا، لكن هذا الجمع الكثير لو نبشت عن قلوبهم، لوجدت كمية من الإحباط والزعل.

أذكر كلمة «الزعل» هنا، لأن هذا التعبير الإنساني عادة يوصف به الشخص الذي يحزن بسبب فعل أناس يحبهم ولهم لديه مكانة عالية، ولذلك أستخدمها إيماناً مني بأن الشعب البحريني المخلص «يزعل» ولا «يكره»، نعم فالكراهية ليست من شيم البحرينيين تجاه شيء مرتبط بأرضهم، هم «يكرهون» من يناصب البحرين العداء الصريح، يكرهون أفعاله وتصرفاته العدائية، يكرهون استهداف بلادهم وتجنيد أمواله ودعمه لخدمة من يريدون الإضرار بالبلد.

لكن البحريني «يزعل»، ويزعل كثيراً حينما يرى بلاده التي يحبها يُساء إليها، حينما يرى مقدرات وطنه يتم الاستهتار بها، وحينما يرى مواقع هامة في البلد، وأماكن مسؤولية يتحكم فيها من لا يحبون الوطن بقدر ما يحبون أنفسهم.

نعم نزعل، وبشدة، حينما نرى أموراً خاطئة تقتل طموحنا لأجل الإصلاح والتطوير، نزعل ونتضايق حينما تمضي جموع كبيرة لدعم مشروع ملكنا الإصلاحي، وتثق به، وترى فيه الطريق السليم والصحيح للنهوض بالبحرين بقوة، لكن في المقابل ترى نماذج لمن يحملون معاول هدم يضربون كل أمر جميل في هذا الوطن، يناقضون شعارات الإصلاح، يبينون للناس أموراً قبيحة، تجعل من يحب البحرين يثور غضباً لأنهم يعملون على تشويه صورة البحرين، والبحرين الحقيقية ليست هكذا.

لذلك دائماً ما أقول وأكرر بأن استهداف البحرين هو من «جبهتين»، الأولى خارجية قد تستخدم بائعي الأوطان من الداخل، ومن يقبلون بأن يتحولون لعملاء وخونة، هدفهم إسقاط وطن بأكمله، بنظامه وقيادته وشعبه، وهناك جبهة داخلية عبر الفاسدين والمستغلين للمناصب والكاذبين على المجتمع، الساعين للهف خيرات البلد والإفساد باستخدام قوة النفوذ والموقع، وهؤلاء هم الأخطر، لأنهم كما السرطان الذي يتغلغل في الدم، قد لا تكتشفه إلا بعد فوات الأوان، إذ العدو الظاهر هو من تعرفه لأنه يكشف عن نواياه وأفعاله صراحة.

نقول دائماً بأن «زعل المواطن البحريني غالٍ»، ولأجل هذا الزعل لابد من تحركات جادة لإزالة أسبابه، فأكثر ما يزعج أي دولة تريد أن تتقدم وتتطور، أن تجد المواطن فيها «زعلان» على أمور يرى فيها تشويهاً للصورة الجميلة التي يرسمها لبلاده، يرى فيها عبثاً لأفراد في مقدرات الوطن دون الضرب على يدهم بيد من حديد، لأن من يقبل السرقة من الوطن، والتجاوز على أنظمته وقوانينه، وأن يخون أمانة المنصب والموقع والعمل، حاله كحال من يحاول سرقة الوطن ويمسخ هويته.

لماذا تهتم الدول بمؤشرات السعادة؟! لأنها تبين بأن هذا «الزعل» في صفوف الناس قد وصل لدرجة الانتهاء والانقراض، فحينما يرى الناس الإنصاف والعدالة ومحاربة الفساد، والضرب على يد الفاسدين، بالضرورة سعادتهم ستتنامى، وثقتهم بكل عمليات الإصلاح ستزيد، وسيكون لديهم الإيمان الكامل بأن بلادهم «طيبة» لا تقبل إلا «الطيب»، ولا مكان للفاسد والخبيث فيها.