في الميثولوجيا القديمة -الرومانية واليونانية على وجه الخصوص- هناك الكثير من القصص والأساطير حول الآلهة وأنصاف الآلهة وأبناء الآلهة، ويحمل كل منهم صفاته الخاصة ومميزات شخصيته الأسطورية، إلى جانب الرموز المرتبطة به ونطاق ألوهيته المزعوم. ومن ذلك "زيوس" ملك الآلهة المتحكم بالمناخ وجامع السحب وصانع الرعد والصاعقة، وزوجته "هيرا" ملكة الآلهة وإلهة الزواج والزفاف وأهم رموزها التاج، ما يفسر وضع العرائس للتيجان على رؤوسهن، وهناك ابن "زيوس" "هرقل" نصف الإله، كون أمه بشرية، وتعد "أثينا" –ابنة "زيوس" أيضاً– إلهة الحرب والحكمة الماكرة، أما "أبولو" فهو "إله الشمس والحقيقة والموسيقى والشعر والرقص والشفاء"، و"أنانكي" إلهة البداية وخالقة الزمن وأم مجموعة إلهات القدر. وغيرهم كثير.

يأتي إلى جانب ذلك بعض النماذج من المخلوقات في الميثولوجيا التي تختلف في شكلها الخارجي عن الشكل البشري الكامل المعروف، فقد تكون ذات أجساد نصف بشرية ونصف حيوانية، مثل إله الهندوس نصف الإنسان ونصف الفيل الذي يطلق عليه اسم "المسيطر" أيضاً، وهناك أيضاً "القنطور" النصف بشري ونصف الحصان، و"ساتير" نصف الإنسان ونصف الماعز.

وعلى الطرف الثاني، حيث العلوم وتقدمها المذهل، وفي ظل تقنية كريسبر كاس التي وقفنا عليها ميلاً لأكثر من أسبوع وناقشنا كثيراً مما يتعلق بها وبمستقبلها على المستوى العلمي والاجتماعي أيضاً، وحيث ناقشنا في مقال سابق موضوع الابتكار في الهندسة البشرية، وإمكانية الاستفادة من موروثات جينية حية من حيوان أو نبات وإضافتها للحمض النووي البشري على سبيل التحسين في بعض الصفات، وكنا قد تناولنا احتمالات كنت قد وضعتها للقارئ على سبيل المثال والخيال العلمي الذي راودني حين كتابة المقال، كأن يتم تحسين الجنس البشري بتحويل رائحة عرقه إلى رائحة أنواع معينة من الورود يجري اختيارها كما يجري اختيار لون العينين أو طول القامة، أو احتمال أن يتخذ جين القوة البدنية من أحد الضواري الحيوانية وإضافته للجين البشري بما يمنحنا أبطالاً خارقين من البشر، يحاكون القوى الطبيعية الأخرى، وهو أمر تناولناه أيضاً في مقال "السيبورغ".

* اختلاج النبض:

إن الحديث عن الميثولوجيا وما يرتبط بها من شخصيات وآلهة، مازال البعض يؤمن بها ويعتمدها إلهاً يعبده ويؤدي له الصلوات والطقوس الدينية، قد يجعل ثمة حلم كامن في الضمير للالتقاء بالشخصية الأصلية لذلك الإله الذي خلدته الأصنام بعد فنائه بطريقة أو بأخرى وزوال جسده الحقيقي. من يدري.. إذا ما كانت تقنية مثل كريسبر كاس ستدفع البعض لاختبار تجربة إعادة خلق الإله من جديد على سبيل التجربة أو عبادته، ما يفتح أبواب المراجعة لفكر ولاهوتية فريدة لبعض الجماعات.