كثر اللغط مؤخراً في الغرفة التشريعية الوطنية بشقيها «النواب والشورى» حول أهمية استصدار شهادة حسن سيرة وسلوك للعامل الأجنبي في حال أراد العمل في البحرين. وهل هذه الشهادة مهمة وضرورية أم لا؟

الفريق المعارض لاستصدار مثل هذه الشهادة يؤكد بأن القضايا التي تصل للجريمة المنظمة أو العنف بكافة أصنافه من طرف العمالة الأجنبية في البحرين لم تصل إلى مستوى الظاهرة حتى نتحدث اليوم عن أهمية استصدار شهادة تثبت حسن سيرة وسلوك هذه العمالة الوافدة. وبعضهم أكد بأن استصدار مثل هذه الشهادات لا قيمة لها في البحرين وغيرها، لأنه بالإمكان استصدارها من بلد العامل الأجنبي بكل «بساطة»، حيث من السهولة بمكانٍ أن تزور مثل هذه الشهادة العادية هناك، أو أن يرتشى الموظف لأجل استصدارها. كما أكد هؤلاء بأن استصدار شهادة حسن سيرة وسلوك للعمالة الأجنبية سوف يؤخر إجراءات قدومهم البحرين، مما يعني فوات فرص الاستثمار وتعطل الكثير من المشاريع الاقتصادية المهمة التي يتوقف استمرارها بتوقف تدفق آلاف العمالة الأجنبية، وعلى الخصوص، تلكم القضايا المتعلقة بالاستثمار والبناء.

الفريق المؤيد لاستصدار شهادة «حسن سيرة وسلوك» للعامل الأجنبي في حال أراد العمل في مملكة البحرين يؤكد على ضرورة أن تكون مثل هذه الوثيقة الأمنية «ملصوقة» في يد العامل الأجنبي أثناء دخوله البحرين، حتى لا تحدث أي نوع من الفوضى أو أي عمل تخريبي أو إجرامي يمس أمن وسيادة البحرين. هذا الفريق يؤكد أن غالبية الجرائم الاقتصادية والجنائية يقف خلفها مجموعة من العمالة الأجنبية الذين يعملون بنظام «المافيات»، ولو كانوا يملكون في رصيدهم شهادة سلوكية معتبرة من دولهم لما وقعت مثل هذه الجرائم خلال الأعوام الماضية. كذلك يؤكد الفريق المؤيد لهذه الفكرة بأن استثناء الأجنبي من استصدار مثل هذه الرخص وإلزام المواطن البحريني بها يعد أمراً غير منصفٍ على الإطلاق، بل أكد هذا الفريق أن تحصيل مثل هذه الشهادة يجب أن تكون على الأجنبي بالدرجة الأولى أو تكون متحققة على الجميع دون استثناء.

هذه الإشكالات التي طرحناها، هي ما يمكن الحديث عنها هنا باختصار، وبين مؤيد ومعارض، فإننا نؤكد بأن لكل فريق من هذين الفريقين حججهما البالغة والمقنعة أيضاً، ونحن في الحقيقة لا نريد دخول مثل هذه الجدليات، لكننا نؤكد على التالي. إن مثل هذه المواضيع تحتاج لدراسة علمية وموضوعية مستفيضة ومتأنية للغاية للوقوف على أرقام حقيقية يمكن أن تساهم بها الجهات الرسمية ذات العلاقة المباشرة، وعلى رأس هذه الجهات وزارة الداخلية متمثلة بإدارة الجرائم الإلكترونية والإقتصادية وكذلك شئون الجنسية والجوازات والإقامة بالوزارة. الأمر الآخر، إذا لم يطالب العامل الأجنبي بإحضار وثيقة أمنية معه للبلاد كشهادة حسن سيرة وسلوك من وطنه الأم، فإنه لابد من وجود ضمانات أمنية مرادفة لهذه الشهادة أو ما يعادلها من ضمانات موثوقة أخرى، كتوقيع اتفاقيات أمنية تخص العمالة الهاربة أو المخالفة بين البحرين والبلدان التي تجلب منها تلكم العمالة، حتى لا يستطيع أي عامل في حال خالف أن يفلت من العقاب حتى ولو عاد إلى وطنه. هذا أقل ما يمكن أن يكون أو يقال لأجل ضمان وسلامة أمننا ومجتمعنا في البحرين، والذي هو أكبر من أي اعتبار آخر.