* شيعة العراق يحرقون قنصلية إيران في النجف بالكامل

* "نيويورك تايمز": الغضب العراقي يحرق قنصلية إيران بالنجف

* الخميس أكثر الأيام دموية في احتجاجات العراق

أبوظبي - (سكاي نيوز عربية): تطورات درامية شهدتها مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار جنوب العراق، الخميس، بلغت ذروتها بسقوط 25 شهيداً وإصابة 223 في المواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين، في واحد من أعنف أيام الاحتجاجات التي يشهدها العراق منذ أكتوبر الماضي، فيما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن متظاهرين شيعة أحرقوا قنصلية إيران في النجف بالكامل.

وأثارت القوة المفرطة ردود فعل قوية لدى السكان، فيما حاولت السلطات إلقاء المسؤولية على بعضها البعض.

وبدأت المواجهات ليل الأربعاء وفي وقت مبكر من الخميس، وتركزت عند جسر الزيتون القريب من ساحة الاحتجاج الرئيسية في المدينة.

وتحولت المواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين إلى عمليات كر وفر في هذه المنطقة، وفي نهاية المطاف سيطر المحتجون على الجسر بعد انسحاب قوات الأمن، وسارعوا إلى إحراق مقر قوات التدخل السريع.

ورصدت مقاطع فيديو، لحظات إطلاق قوات الأمن الرصاص بصورة مرعبة في المكان.

وكان المتظاهرون يسيطرون على جسري النصر والزيتون منذ أيام، في إطار خطواتهم الاحتجاجية.

وأفادت مصادر "العربية" و"الحدث" أن عدد القتلى في العراق أكبر مما هو معلن.

وتزامناً، نقلت وكالة "فرانس برس"، عن مصادر طبية، استشهاد متظاهرين اثنين بإطلاق نار قرب القنصلية الإيرانية التي أحرقت في النجف مساء الأربعاء. كما سقط 4 شهداء في العاصمة بغداد، حيث أطلقت قوات الأمن الذخيرة الحية والطلقات المطاطية قرب جسر على نهر دجلة.

ويمثل الخميس أحد أكثر الأيام دموية منذ بدء الانتفاضة في بداية أكتوبر.

يأتي ذلك فيما خرج آلاف الأشخاص في مواكب تشييع رغم حظر التجول في جنوب العراق، كما أفادت الأنباء بوصول عشائر الناصرية إلى مناطق الاحتجاجات لدعم المتظاهرين.

وأعفى قائد الجيش العراقي، جميل الشمري، من رئاسة خلية أزمة ذي قار. وذكر مراسل "العربية" و"الحدث" أن محافظ ذي قار طالب بغداد بسحب قائد عمليات المحافظة بعد سقوط ضحايا.

يأتي ذلك بينما فرضت السلطات حظراً للتجول في الناصرية وكل مدن محافظة ذي قار جنوب العراق حتى إشعار آخر، فيما أفاد مراسل "العربية" و"الحدث" أن عشرات من المتظاهرين قطعوا الطريق الرابط بين بغداد ومحافظة ديالى.

وأعلنت الحكومة العراقية عن تشكيل خلايا أزمة في المحافظات برئاسة المحافظين وقادة عسكريين لحفظ الأمن.

من جهة أخرى، بدت شوارع النجف مقفرة نسبياً، بعدما فرضت السلطات منع التجول فيها وأعلنت يوم عطلة لكل الموظفين.

وكان متظاهرون أضرموا النار، الأربعاء، في القنصلية الإيرانية في النجف إثر يوم دامٍ. وطالبت إيران العراق، الخميس، باتخاذ "إجراءات حازمة ومؤثرة" ضد "العناصر المعتدية" على قنصليتها في مدينة النجف.

وكانت القنصلية الإيرانية في كربلاء تعرضت لغضب المتظاهرين في وقت سابق من هذا الشهر، لكن قوات الأمن العراقية ردت ما أدى إلى استشهاد 4 أشخاص.

وكانت وزارة الداخلية العراقية أعلنت، الأربعاء، عن صدور أوامر باعتقال من سمتهم "مثيري الشغب" والمندسين في الاحتجاجات التي يشهدها العراق منذ عدة أسابيع.

وأفاد المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، العميد خالد المحنا، بـ"صدور أوامر قبض بحق المندسين ومثيري الشغب في التظاهرات بعد عرض الوثائق والبيانات والصور" التي تؤكد تورطهم بهذه الأفعال.

وذكر المحنا، في تصريح صحافي، أن "القوات الأمنية جمعت بيانات تخص العابثين ومثيري الشغب بواسطة كاميرات المراقبة والمواطنين".

في سياق متصل، أكد المحنا "صدور أوامر مشددة للقوات الأمنية بضرورة الحفاظ على الأموال العامة والخاصة وحماية المواطنين والممتلكات".

وأضاف أن القوات الأمنية العراقية منتشرة في عموم العراق، وهي "وتمسك بالأرض" وتحاول التعامل مع المحتجين بطرق سلمية دون استخدام القوة معهم.

وشرح أنه يتم اختيار استخدام القوة في مراحل متأخرة جداً، مضيفاً: "حينما لا تنفع أي وسيلة أخرى تضطر القوات الأمنية لاستخدام تجهيزاتها الخاصة بقضايا فض الشغب".

في سياق ذي صلة، وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إحراق المحتجين العراقيين للقنصلية الإيرانية في النجف بأنها "ليلة غضب عراقية في وجه النفوذ الإيراني في العراق"، وقالت إن إحراق القنصلية في النجف لها رمزية كبيرة بالنسبة للنظام الإيراني الذي يتدخل في العراق، متوقعة استغلال طهران للهجوم وتحريك ميليشياتها ضد المحتجين.

ونقلت الصحيفة عن الشيخ فاضل البديري، وهو رجل دين ذو شأن كبير في النجف، قوله إن الهجوم على القنصلية "يرسل رسالة واضحة مفادها أن شريحة من المجتمع العراقي ترفض الوجود السياسي الإيراني في البلاد وتحملها المسؤولية عن جلب هذه الحكومة".

وأشارت الصحيفة أن معظم المتظاهرين في النجف هم من الشيعة تقريباً، وقد شجعت السلطات الدينية هناك الاحتجاجات، رغم أنهم أصروا على ضرورة التزامها بالسلمية.

عباس كاظم، مدير المبادرة العراقية في المجلس الأطلسي، قال انه "بالنسبة للإيرانيين ما حدث في النجف شيء رمزي للغاية لقد شاهدوا القنصلية الإيرانية تحترق في النجف وسوف ينتقمون إما من خلال الحكومة العراقية أو من خلال أدواتهم داخل المجتمع العراقي".

وقالت الصحيفة إنه بالإضافة إلى وجود حلفاء إيران في الحكومة العراقية، فإن لإيران علاقات مع العديد من الميليشيات، أبرزها ميليشيا "الحشد الشعبي"، التي تم دمجها مؤخراً في قوات الأمن العراقية، لكن هناك مخاوف من أن تستغلها إيران في هذه الأحداث.

وفي غضون ساعات من الهجوم على القنصلية، بدا وكأن إيران تستعد للرد عبر هذه الميليشيات، حيث قال زعيم تلك الميليشيات، أبو مهدي المهندس، إن الهجوم على القنصلية بمثابة اعتداء على السيستاني. وقال: "سنقطع اليد التي تحاول الاقتراب من مرجعية السيد السيستاني".

وفي تقرير حي من النجف، ذكر التلفزيون الحكومي الإيراني، ليلة الأربعاء، أن القنصلية قد أحرقت بالكامل، وأشار إلى المتظاهرين العراقيين بأنهم "مثيري الشغب ووصفتهم بكلام بذيء جداً".

وقال المراسل الإيراني، "القوات العراقية شاهدت ما حدث للتو ولم تفعل شيئاً.. لقد دخل المحتجون القنصلية في النجف وأحرقوها بالكامل".

واشارت الصحيفة إلى أَن إيران أيضا واجهت احتجاجاتها الخاصة على زيادة أسعار البنزين في الأسابيع الأخيرة، ولم تتردد في سحق تلك المظاهرات، وقتلت واعتقلت مئات الأشخاص.

ولإيران علاقات عميقة بالنجف، والملايين من الزوار الإيرانيين يأتون إلى مزاراتها الشيعية، وقد استثمرت إيران بكثافة في مشاريع ترميم وتجديد المواقع الدينية هناك.

من جهاتها علقت رندة سليم، أحد خبراء "معهد الشرق الأوسط"، على الهجوم قائلة، "إن الهجوم كان أحد أعراض إحباط المحتجين من الحكومة العراقية، والتي فشلت في إجراء التغييرات المطلوبة. كما يرى المحتجون نفوذ إيران كجزء من المشكلة".

وقالت، "ما نراه في الشارع هو تمرد ضد الوضع الراهن - وحامي الوضع الراهن هو طهران".