جذور الحراك السياسي في كل من لبنان والعراق هو ليس وليد اليوم، إنما جاء نتيجة تراكمات تاريخية وسياسية حيث إذا ما رجعنا إلى الوراء نجد أن عملية إدخال المذاهب الدينية في السياسة هدفه الاستقواء بالتعصب المذهبي والديني لجمع المزيد من الأنصار والأتباع، ونجد أنه هو السبب الرئيس في ظهور الطائفية الدينية العنيفة في العراق ولبنان خاصة، ويعود ذلك إلى التنافس على السلطة والنفوذ بين الأحزاب السياسية والطوائف الدينية في الداخل.
ففي لبنان والعراق رغم أن التاريخ الحقيقي في كلا البلدين يقول غير ذلك فلقد عاش المسلمون فيهما مع كل الطوائف والقوميات والأديان إخواناً في مجتمعاتهم وأوطانهم قروناً عديدة، وكانوا يختلفون في قضايا تاريخية ودينية تبعاً لاختلاف الاجتهادات التي لم تمنعهم من العيش المشترك، وإقامة الروابط العائلية، ولم يتحاربوا فيما بينهم ولم يؤثر ذلك على حياتهم المشتركة.
لذا من الطبيعي أنه قد يظهر مثل هذا الحراك السياسي بين فترة وأخرى وبشكل أوضح في كل من العراق ولبنان، حيث كل الظواهر في البلدين لها هوية طائفية دينية بحكم تكوين مجتمعاتهم حتى الدستور وتشكيل الحكومات تبنى على أسس طائفية ومذهبية دينية قوامها نظام المحاصصة الذي هو بدوره منافٍ لتكوين الدولة المدنية الحديثة، ولذا حين يتم تناول الموضوع اللبناني أو العراقي فالأمر أشبه بالسير على خط النار لتعقيداته وتشابكاته التي تخلط الطائفي بالسياسي والإقليمي بالمحلي، وفي التاريخ اللبناني والعراقي شواهد مثقلة بالدم لا يمكن التبرؤ منها أو الفكاك.
من هنا أصبح الحراك السياسي الذي بدأ في لبنان والعراق ككرة الثلج صغيرة وتدحرجت لتكبر وتعم جميع المدن وتطيح بالمعقول واللامعقول وتخلط المطالب، فلا أحد يعرف من أين بدأ هذا الحراك السياسي في كل من لبنان والعراق ولا كيف سينتهي؟ وفي تفسيره لمطالب الجماهير أثناء الحراك بصفة عامة يقول المفكر الفرنسي «جوستاف لوبون» إن «عقل الإنسان ووعيه يذوب ويغيب في الحشود ويصبح للجميع روح جماعية تجعلهم يحسون ويفكرون بطريقة واحدة وفي اتجاه واحد، مثلما يحدث عند خلط عدد من المواد المختلفة في الخصائص فإن ما ينتج عنها مركب كيميائي جديد مخالف تماماً للعناصر المكونة له. والجمع يخلق لدى الأفراد قوة هائلة تجعلهم لا يعرفون المستحيل وينطلقون بالأحلام إلى أقصى درجة. ولذا فكل الحلول مرفوضة إلا ما تقوله هذه الجماهير مجتمعة».
كذلك يشير مؤسس علم الاجتماع الحديث، الألماني، «دور كايم»، إلى هذه الحقيقة العلمية حيث يرى أن العقل البشري الذي يقود المجتمع ليس هو العقل الفردي، إنما هو العقل الجمعي، حيث عندما تكون الجماهير ثقافتها واحدة يغيب دور الفرد في وسط الجماعة لكي يصبح العقل الجمعي هو الذي يقود الجماعة كلها، ولذا نجد هذه الحقيقة العلمية تفسر لنا ما يحدث في لبنان والعراق الآن وهو أن الحراك السياسي خطابه واحد ففي لبنان والعراق من الشمال إلى الجنوب وحتى الوسط جميع التحركات الشعبية اللبنانية والعراقية لها خطاب واحد ولغة واحدة ومطالب واحدة.
هذه الخصوصية يضاف إليها أن كلاً من لبنان والعراق كدولتين عربيتين في أنهما بينهما قواسم مشتركة فكلاهما من الناحية الاقتصادية يعانيان من أوضاع بالغة الصعوبة تبعاً لنسب البطالة وانقطاع التيار الكهربي والمياه ومشاكل النظافة وزيادة في الدين العام وسقوط االعملة المحلية وشح الدولار ببساطة انهيار كلي يمس جميع مناحي الخدمات والبنى التحتية كل ذلك بسبب في رأي أن كليهما قد مرا بحروب داخلية وخارجية كثير لا مجال هنا لذكرها، ولكنها بالفعل حروب أهلية وغزوات خارجية من شأنهما أن تعملا على انهيار الدولة ولذلك إذا ما تحسن الوضع السياسي في العراق ولبنان فهما يحتاجان إلى مدة طويلة وأموال طائلة لإعادة البناء ورجوع الدولة المدنية فيهما.
حياة الشعوب لها محطات معينة يتوقف فيها ليعرف كل شعب إلى أين وصلت العجلات التي يسير عليها؟ وإلى أين وصلت بها المفارقات الغريبة والمضحكة أحياناً وبعيداً عن المظهر الجمالي اللافت للقوة الخشنة في العراق أو الناعمة في لبنان والتي باتت تسيطر على تحركات الجماهير اللبنانية والعراقية والمفارقة الأبرز عند زعماء الطوائف الدينية والأحزاب السياسية سواء في العراق أو لبنان هي أن كل مسؤول أو زعيم طائفة في لبنان أوفي العراق يتسابقون أثناء الحراك السياسي في الخروج للإعلام في استخدام المصطلحات التي تظهر أنهم مع الشعب وتحركاته وفقره وحقه في التظاهر سواء في العراق أو إيران للدرجة التي شككت في جدية هذه التحركات.
وهنا نتساءل: مادام معظم زعماء البلد يطالبون بالإصلاح والإنقاذ فلماذا يتظاهر الناس وعلى من؟ ولماذا يصمم الزعماء على التحذير من الطائفية الدينية واللعب بالعقول رغم أننا لم نسمع متظاهراً واحداً يعرج على هكذا حديث؟
فيما الجماهير في كلا البلدين الذين معظمهم من الطبقة الشابة التي لم تعش ظروف هذه الحروب والطوائف لا يحركها خطاب الطائفية الدينية الرنانة والأحزاب السياسية ولا حتى يخيفها لأنها ببساطة لا تهتم بها فلقد باتت قيداً خانقاً حتى لمؤيدي كل طرف لأن هؤلاء الشباب الذين يمثلون غالبية السكان في البلدين لم يعرفوا عنهم وعن تاريخهم إلا من خلال المناهج الدراسية في المدارس والجامعات أضف إلى ذلك أن هؤلاء الشباب تمت تنشئتهم في ظروف أسرية واجتماعية وثقافية جديدة حيث عصر العولمة والثورة المعلوماتية وتغيير البنية المجتمعية. هذه حقائق تناسوها بقصد أو بغير قصد زعماء الطوائف الدينية والمذاهب السياسية الذين لا يزالون يقاتل بعضهم بعضاً حتى الآن، في الوقت الذي يريد فيه هؤلاء الشباب وهو المهم عندهم أن يعيشوا حياة العصر بكرامة ومعنى الكرامة الحق في العمل والمساواة في الكفاءة والتمتع بحياة انسانية في بلدهم لأنهم وبفعل وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة يجدون أن الشباب في البلدان الأخرى يعيشون حياة غير حياتهم وكأنهم من كوكب آخر.
ختاماً، نقول متى يعي السياسيون والطائفيون في لبنان والعراق أن الشعب يتجدد لأن الزمن لا يتوقف؟ ومطالب الامس ليست كمطالب اليوم، وعليه فخطاب الأمس لا ينفع أمام جماهير اليوم، خاصة الجيل الجديد الشباب منهم؟! هذه هي الأسباب التي تقف وراء ما يمر به كلا من لبنان والعراق من حراك سياسي اليوم، فهل يعي زعماء الطوائف ورؤساء الأحزاب السياسية ذلك لمصلحة بلدهم؟!
ففي لبنان والعراق رغم أن التاريخ الحقيقي في كلا البلدين يقول غير ذلك فلقد عاش المسلمون فيهما مع كل الطوائف والقوميات والأديان إخواناً في مجتمعاتهم وأوطانهم قروناً عديدة، وكانوا يختلفون في قضايا تاريخية ودينية تبعاً لاختلاف الاجتهادات التي لم تمنعهم من العيش المشترك، وإقامة الروابط العائلية، ولم يتحاربوا فيما بينهم ولم يؤثر ذلك على حياتهم المشتركة.
لذا من الطبيعي أنه قد يظهر مثل هذا الحراك السياسي بين فترة وأخرى وبشكل أوضح في كل من العراق ولبنان، حيث كل الظواهر في البلدين لها هوية طائفية دينية بحكم تكوين مجتمعاتهم حتى الدستور وتشكيل الحكومات تبنى على أسس طائفية ومذهبية دينية قوامها نظام المحاصصة الذي هو بدوره منافٍ لتكوين الدولة المدنية الحديثة، ولذا حين يتم تناول الموضوع اللبناني أو العراقي فالأمر أشبه بالسير على خط النار لتعقيداته وتشابكاته التي تخلط الطائفي بالسياسي والإقليمي بالمحلي، وفي التاريخ اللبناني والعراقي شواهد مثقلة بالدم لا يمكن التبرؤ منها أو الفكاك.
من هنا أصبح الحراك السياسي الذي بدأ في لبنان والعراق ككرة الثلج صغيرة وتدحرجت لتكبر وتعم جميع المدن وتطيح بالمعقول واللامعقول وتخلط المطالب، فلا أحد يعرف من أين بدأ هذا الحراك السياسي في كل من لبنان والعراق ولا كيف سينتهي؟ وفي تفسيره لمطالب الجماهير أثناء الحراك بصفة عامة يقول المفكر الفرنسي «جوستاف لوبون» إن «عقل الإنسان ووعيه يذوب ويغيب في الحشود ويصبح للجميع روح جماعية تجعلهم يحسون ويفكرون بطريقة واحدة وفي اتجاه واحد، مثلما يحدث عند خلط عدد من المواد المختلفة في الخصائص فإن ما ينتج عنها مركب كيميائي جديد مخالف تماماً للعناصر المكونة له. والجمع يخلق لدى الأفراد قوة هائلة تجعلهم لا يعرفون المستحيل وينطلقون بالأحلام إلى أقصى درجة. ولذا فكل الحلول مرفوضة إلا ما تقوله هذه الجماهير مجتمعة».
كذلك يشير مؤسس علم الاجتماع الحديث، الألماني، «دور كايم»، إلى هذه الحقيقة العلمية حيث يرى أن العقل البشري الذي يقود المجتمع ليس هو العقل الفردي، إنما هو العقل الجمعي، حيث عندما تكون الجماهير ثقافتها واحدة يغيب دور الفرد في وسط الجماعة لكي يصبح العقل الجمعي هو الذي يقود الجماعة كلها، ولذا نجد هذه الحقيقة العلمية تفسر لنا ما يحدث في لبنان والعراق الآن وهو أن الحراك السياسي خطابه واحد ففي لبنان والعراق من الشمال إلى الجنوب وحتى الوسط جميع التحركات الشعبية اللبنانية والعراقية لها خطاب واحد ولغة واحدة ومطالب واحدة.
هذه الخصوصية يضاف إليها أن كلاً من لبنان والعراق كدولتين عربيتين في أنهما بينهما قواسم مشتركة فكلاهما من الناحية الاقتصادية يعانيان من أوضاع بالغة الصعوبة تبعاً لنسب البطالة وانقطاع التيار الكهربي والمياه ومشاكل النظافة وزيادة في الدين العام وسقوط االعملة المحلية وشح الدولار ببساطة انهيار كلي يمس جميع مناحي الخدمات والبنى التحتية كل ذلك بسبب في رأي أن كليهما قد مرا بحروب داخلية وخارجية كثير لا مجال هنا لذكرها، ولكنها بالفعل حروب أهلية وغزوات خارجية من شأنهما أن تعملا على انهيار الدولة ولذلك إذا ما تحسن الوضع السياسي في العراق ولبنان فهما يحتاجان إلى مدة طويلة وأموال طائلة لإعادة البناء ورجوع الدولة المدنية فيهما.
حياة الشعوب لها محطات معينة يتوقف فيها ليعرف كل شعب إلى أين وصلت العجلات التي يسير عليها؟ وإلى أين وصلت بها المفارقات الغريبة والمضحكة أحياناً وبعيداً عن المظهر الجمالي اللافت للقوة الخشنة في العراق أو الناعمة في لبنان والتي باتت تسيطر على تحركات الجماهير اللبنانية والعراقية والمفارقة الأبرز عند زعماء الطوائف الدينية والأحزاب السياسية سواء في العراق أو لبنان هي أن كل مسؤول أو زعيم طائفة في لبنان أوفي العراق يتسابقون أثناء الحراك السياسي في الخروج للإعلام في استخدام المصطلحات التي تظهر أنهم مع الشعب وتحركاته وفقره وحقه في التظاهر سواء في العراق أو إيران للدرجة التي شككت في جدية هذه التحركات.
وهنا نتساءل: مادام معظم زعماء البلد يطالبون بالإصلاح والإنقاذ فلماذا يتظاهر الناس وعلى من؟ ولماذا يصمم الزعماء على التحذير من الطائفية الدينية واللعب بالعقول رغم أننا لم نسمع متظاهراً واحداً يعرج على هكذا حديث؟
فيما الجماهير في كلا البلدين الذين معظمهم من الطبقة الشابة التي لم تعش ظروف هذه الحروب والطوائف لا يحركها خطاب الطائفية الدينية الرنانة والأحزاب السياسية ولا حتى يخيفها لأنها ببساطة لا تهتم بها فلقد باتت قيداً خانقاً حتى لمؤيدي كل طرف لأن هؤلاء الشباب الذين يمثلون غالبية السكان في البلدين لم يعرفوا عنهم وعن تاريخهم إلا من خلال المناهج الدراسية في المدارس والجامعات أضف إلى ذلك أن هؤلاء الشباب تمت تنشئتهم في ظروف أسرية واجتماعية وثقافية جديدة حيث عصر العولمة والثورة المعلوماتية وتغيير البنية المجتمعية. هذه حقائق تناسوها بقصد أو بغير قصد زعماء الطوائف الدينية والمذاهب السياسية الذين لا يزالون يقاتل بعضهم بعضاً حتى الآن، في الوقت الذي يريد فيه هؤلاء الشباب وهو المهم عندهم أن يعيشوا حياة العصر بكرامة ومعنى الكرامة الحق في العمل والمساواة في الكفاءة والتمتع بحياة انسانية في بلدهم لأنهم وبفعل وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة يجدون أن الشباب في البلدان الأخرى يعيشون حياة غير حياتهم وكأنهم من كوكب آخر.
ختاماً، نقول متى يعي السياسيون والطائفيون في لبنان والعراق أن الشعب يتجدد لأن الزمن لا يتوقف؟ ومطالب الامس ليست كمطالب اليوم، وعليه فخطاب الأمس لا ينفع أمام جماهير اليوم، خاصة الجيل الجديد الشباب منهم؟! هذه هي الأسباب التي تقف وراء ما يمر به كلا من لبنان والعراق من حراك سياسي اليوم، فهل يعي زعماء الطوائف ورؤساء الأحزاب السياسية ذلك لمصلحة بلدهم؟!