كعادتنا، لا نودع العام دون أن تملأ البحرين الأفراح والمسرات والاحتفاليات المتنوعة، والتي تتوج مسيرة عام كامل من الإنجاز، والذي بدوره يعتبر مواصلة للإنجازات السابقة، وأفضل ما نبدأ به شهر الاحتفالات، هو تتويج مسيرة المرأة البحرينية، الأم، والبنت، والأخت، نصف المجتمع، والتي ترعى وتربي النصف الآخر.

اختارت القيادة وعلى رأسها صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، وصاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة العاهل المفدى، الأول من ديسمبر للاحتفال بالمرأة البحرينية، وتكريمها في شتى المجالات، وليس اختيار مجال سنوياً، إلا لتسليط الضوء على قطاع هام، حققت فيه البحرينية منجزات تضاهي نظيراتها في دول العالم.

هذا العام، احتفلت البحرين بالمرأة البحرينية في مجال "التعليم العالي وعلوم المستقبل"، وهو واحد من أكثر المجالات أهمية، حيث خرّجت البحرينية أجيال أصبحوا من أعمدة المملكة، وأضاؤوا مستقبلها المشرق، وواصلوا مسيرة الإنجاز، وكانوا خير ممثل للبحرين في شتى المجالات.

وليس مبالغة، إن قلنا أن البحرين هي رائدة تمكين المرأة وتقدمها، فدخولها سبق كافة الدول الأخرى في المنطقة، وكانت أول دولة في المنطقة توفّر التعليم للفتيات في المدارس الحكومية منذ عام 1928، ويكفينا فخراً أن مملكة البحرين أول دولة عربية تحقق التزامها بالمساواة في التعليم، ضمن مؤشر تنمية التعليم للجميع 2010 التابع لهيئة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونيسكو"، وكانت ضمن أفضل 6 دول في المنطقة في مؤشرات تقليص الفجوة بين الجنسين.

ومنذ إنشاء المجلس الأعلى للمرأة عام 2001 وحتى الآن، شهدنا في البحرين عشرات المبادرات التي تختص بالمرأة البحرينية، ومساواتها في جميع الحقوق والواجبات، بل وحفظت لها خصوصيتها، وكرامتها، وكفلت لها تعليمها وتدريبها وتوظيفها، وضمنت لها معيشة كريمة، وتكفلت بدعم طاقاتها وإبداعها واكتشاف ذاتها، وساعدتها برزمة من القوانين والتشريعات المساندة، وتسابقت لدخول كافة الاتفاقيات الدولية الخاصة بها، دون المساس بالشريعة الإسلامية، أو العادات العربية الأصيلة.

كل ذلك، أدى إلى أن يصبح مجال تمكين المرأة من الماضي في البحرين، وانتقلت المملكة إلى مرحلة "تقدم المرأة"، وليس غريباً تتقلد البحرينية كافة المجالات، حيث هناك دعماً رسمياً وشعبياً لتتولى القيادة امرأة، أو أن تقف لتزاول أي مهنة، أو أن تخطو نحو ريادة الأعمال، أو تعتلي أي منصة، والمعيار الوحيد هو الكفاءة فقط.

وبالعودة لشعار هذا العام للاحتفال بالمرأة في مجال التعليم العالي، فلا بد من الإشارة إلى أول "هاكثون" نسائي في مملكة البحرين، بهدف تنمية الابتكار ومهارات الاختراع في مجال البرمجيات التقنية ذات العلاقة بعلوم المستقبل التي تتجه مملكة البحرين نحوها في العديد من القطاعات الواعدة كالعمل المصرفي والنفطي والطبي والفضائي، فضلاً عن عشرات المؤتمرات الأخرى التي تنظمها مختلف القطاعات، لترفع من شأن البحرينية على كافة الأصعدة، ليس محلياً فقط، وإنما إقليمياً ودولياً أيضاً، وأصبحت البحرينية تمثل 71% من طلبة الدكتوراه في المملكة، و68% من طلبة الماجستير أيضاً.

ومن خلال التواصل مع العالم، فإن حجم الإشادات الدولية التي تحظى بها البحرين في كافة المجالات عموماً، وخاصة في مجال تمكين المرأة، مدعاة للفخر والاعتزاز، وهي تصدر عن دول ومنظمات مرموقة، ولها مكانتها، بل وأصبحت البحرين من وجهة نظرهم، نموذجاً هاماً للقدرة على تمكين المرأة، وما جائزة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة العالمية لتمكين المرأة، إلا دليل على أن البحرين تسعى لتصدير شعلة فكرها المستنير إلى العالم.

ولن يتسع المقام لذكر كافة الإنجازات للمرأة البحرينية التي تحققت في العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وبدعم من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، ومتابعة دؤوبة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، وجهود نيرة ومشهودة من صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، فكل تلك المكانة التي وصلت إليها المرأة البحرينية لم تكن لتتحقق لها لولا العناية الكبيرة والاهتمام البالغ من القيادة التي لم تدّخر جهداً في تقديم كل أوجه الدعم والاهتمام والحرص حتى تنال حقوقها.

فكل عام والمرأة البحرينية مصدر فخرنا واعتزازنا، وتطلعنا نحو مستقبل زاهر وواعد لوطننا البحرين.

أحمد محمد المناعي

الرئيس التنفيذي لمركز الاتصال الوطني