إن من الحصافة أن يقرأ أهل الخليج كيف ينظر العرب إلى شعارات قيادة الخليج للنظام العربي، ومن السذاجة الاعتماد على ردات الفعل غير الناضجة في وسائل التواصل جراء بناء جدليات رافضة لا يسندها من التحليل المحكم ما يكفي، وفي هذا السياق نشير لكتاب «استهداف أهل السنه» 2014، للباحث الجيوستراتيجي اللبناني د.نبيل خليفة، والرجل يشكّل مرجعيّة أكاديميّة بارزة في العلاقات الدولية. ومصطلح السنة كما يقول شرح على الكتاب ليس من منطلق التقسيم على أسس طائفية فالمقصود هو التقسيم الجغرافي. كما أن على غلاف الكتاب ما يشير في العناوين الجانبية إلى أن القيادة ستكون خليجية، ويعود الكاتب اللبناني الماروني العروبي إلى أن التحديات أمام دول الخليج لمنعها من دورها القادم واضحة لكثرة المؤشرات على امتلاكها ما يؤهلها لقيادة النظام العربي. وهنا نضيف لما قاله بمقابلة 30 أكتوبر2019 ملاحظات داعمة منها:

- كتحدٍّ حل الإسلام مكان الاتحاد السوفيتي وسيكون القرن 21، قرن الإسلام، وتحديداً الإسلام السني الذي يضم 85% من مسلمي العالم، وقلب العالم السني هم العرب، والخليجيون هم سكان المنطقة العربية التاريخيون، والاقتصاديون، فالسلاح وحده لا يكفي. فما هي قيمة قنبلة نووية واحدة بيد دولة طموحة، وما قيمة 20 فرقة بدون اقتصاد قوي. فقد سقط الاتحاد السوفيتي رغم امتلاكه 4630 قنبلة نووية، فيما لم يكن لدى أمريكا إلا 2462 قنبلة نووية، لقد كان السبب هو الاقتصاد الذي كان فيه دخل السوفيتي 4 آلاف دولار سنوياً، فيما كان نظيرة الأمريكي يحصل على 48 ألف دولار سنوياً.

- القاعدة الدّيموغرافية أو علم السكّان لصالح الخليج، فالكثافة والنمو السكاني مطردة، سواء من أهله أو من العاملين فيه، بالإضافة إلى إيجابية العوامل الاجتماعية والتغيُّرات البشريّة، كالتنمية، والتعليم، والتغذية، ودخل الفرد وارتفاع المواليد، وانخفاض الوفيات.

- الاقتصاد الخليجي ضخم ومتحرك، صحيح أنه كان ولايزال اقتصاداً يعتمد على أسعار النفط، لكن المنطقة تحولت أيضاً لمحور استثمار عالمي، وما تم تحقيقه خلال الـ30 عاماً الماضية تحت مظلة مجلس التعاون يدعو إلى تجاوز الخلافات، فاستمرارية التعاون الخليجي ليست فكرة بل يجب أن تكون إيماناً مطلقاً محركه الاقتصاد.

- الموقع الجيوستراتيجي لدول الخليج كان ولايزال يتفوق على نفطها، بل سيبقى سبب أهميتها، فهو قلب «قارة الوسط»، كما سماها هنري كيسنجر الذي قال إن من يسيطر على قارة وسط العالم يسيطر على العالم.

- كما أن في الخليج ديناميكية دينية روحية، وانفتاحاً جديداً، وهناك حيوية شبابية، بل إن الأكثرية العربية السنية الفاعلة تعمل من الخليج.

- كما يشير د.خليفة إلى أن التحديات التي تواجه العالم السني وقلبه الخليج العربي لا تتمثل كما يعتقد البعض في قضية السنة والشيعة، بل يركز على مواجهة اليهود والصينيين وفي مواجهة العالم المسيحي، بفرعيه البروتستنتي بأمريكا، وفرعه الكاثوليكي في أوروبا، وفرعه الأرثوذكسي في روسيا، فالكتلة السنية وقلبها الخليج ستكون في مواجهة مع الحضارات المتحدية خلال القرن الـ21.

* بالعجمي الفصيح:

الاستراتيجية عدو مصطلح «أخذ على حين غرة»، أو «وجد نفسه أمام الأمر الواقع» والكتب الثلاثة تشكل مدخلاً لصياغة استراتيجيّة عربيّة تضع الخليج كمركز الثقل لمواجهة الاستراتيجيّات التي تسعى إلى اقتلاع النفوذ الإسلامي والعربي.

* كاتب وأكاديمي كويتي