سؤال الثقافة هو دائماً سؤال الحاضر والمستقبل. حتى وإن كان جزءاً من الإجابة عنه يتعلق بالماضي، إلا أن إلحاحَ السؤال ذو جدوى آنية لا مناص منها. وهو من جهة أخرى سؤال الهوية. كيف تشكلت؟ وكيف تعبر عن نفسها؟ وكيف ستصبح مستقبلا؟ والذين يستثقلون الحديث عن الثقافة لا يعلمون أنهم جزء من تشكلات هذه الثقافة وتطوراتها.
شكل الدين الإسلامي والانفتاح على الآخر، وخصوصاً العربي والآسيوي بفعل التجارة، العمودين التاريخيين الأساسيين للثقافة في الخليج. فالعقيدة الإسلامية والتشريعات الفقهية للإسلام كانت الإيديولوجيا الأساسية في المنطقة. أما باقي المعالم الثقافية الغالبة فقد اقتبسها المجتمع الخليجي من الدول المجاورة والدول التي يتداخل معها بفعل السفر والتجارة. وقد كوّن هذا المزيج خصوصية للثقافة الخليجية أضفت عليها طابعاً مراوحاً بين المحافظة والمرونة.
ومع التحولات الاقتصادية والسياسية بفعل دخول منطقة الخليج عصر الطفرة النفطية، بدءاً من ثلاثينيات القرن الماضي، وانفتاح المجتمع على ثقافات جديدة تغلغلت تيارات ثقافية متعددة في الثقافة الخليجية وأثرت فيها، إذ أدى دخول التيارات الفكرية اليسارية من قومية وماركسية واشتراكية إلى المجتمعات الخليجية المحافظة بطبعها، إلى خلق بيئة جدال أغنت الحالة الثقافية في الخليج وتركت بصماتها على المنتج الثقافي المكتوب مثل الرواية والشعر والقصة القصيرة وكتابة المقال وتأليف الكتب، إلى المنتج الإبداعي على مستوى التمثيل المسرحي. وكذلك تأسيس الفعاليات الفكرية المتعددة من الجمعيات والأحزاب السياسية بالإضافة إلى الجمعيات والاتحادات الثقافية. وقد شهدت أغلب دول الخليج احتداماً كبيراً في تقاطع الحراك الثقافي مع الحالة السياسية في بعض السنوات نتيجة التأجج الثقافي الذي تميزت به تلك المرحلة.
وما يثير القلق في المرحلة الحالية هو الفراغ الكبير الذي خلصت إليه كافة «أو» أغلب التيارات الثقافية السابقة. إذ أدت كثير من الأحداث الراهنة إلى زعزعة موقع بعض التيارات المهيمنة مثل التيارات الإسلامية. وإلى تلاشي باقي مساحات تأثير التيارات اليسارية. أحداث كثيرة مرت بالمنطقة مثل الربيع العربي وظهور تنظيمات القاعدة وداعش والأزمات الاقتصادية والسياسية الإقليمية لم تستطع هذه التيارات تقديم أطروحات مواكبة للوضع وفاعلة وقادرة على التغيير. ثم إن هذه التيارات أثبتت عجزاً في التأثير على الأجيال الجديدة وعدم قدرة على نقل أفكارها وأيديولوجياتها لهم، مما يهدد وجودها المستقبلي في الخارطة الثقافية الخليجية.
وما يتميز به هذا العصر من سرعة في إيقاع الحركة، وطبيعة التغير الدائم، والانفتاح الكبير على المعلوماتية، إضافة إلى الطابع الاستهلاكي الخليجي، يجعل التنبؤ بوجود تيار ثقافي محلي مؤثر في المجتمع أمر في غاية الصعوبة. فمن أين سنستمد سمات ثقافتنا المحلية في المرحلة القادمة؟ وهل نحن مقبلون على عشوائية ثقافية مستقبلية؟
المستقبل لمن يصنعه، وليس لمن يستهلكه، والحالة الاستهلاكية في مجتمعنا العربي عامة والخليجي خاصة تتسع حتى تصل إلى درجة عدم القدرة على «توطين الثقافات الوافدة»، بمعنى إضفاء صبغة وطنية عليها، لذلك يبقى سؤال الثقافة ملحاً وحرجاً وبحاجة دائمة للبحث والدراسة.
شكل الدين الإسلامي والانفتاح على الآخر، وخصوصاً العربي والآسيوي بفعل التجارة، العمودين التاريخيين الأساسيين للثقافة في الخليج. فالعقيدة الإسلامية والتشريعات الفقهية للإسلام كانت الإيديولوجيا الأساسية في المنطقة. أما باقي المعالم الثقافية الغالبة فقد اقتبسها المجتمع الخليجي من الدول المجاورة والدول التي يتداخل معها بفعل السفر والتجارة. وقد كوّن هذا المزيج خصوصية للثقافة الخليجية أضفت عليها طابعاً مراوحاً بين المحافظة والمرونة.
ومع التحولات الاقتصادية والسياسية بفعل دخول منطقة الخليج عصر الطفرة النفطية، بدءاً من ثلاثينيات القرن الماضي، وانفتاح المجتمع على ثقافات جديدة تغلغلت تيارات ثقافية متعددة في الثقافة الخليجية وأثرت فيها، إذ أدى دخول التيارات الفكرية اليسارية من قومية وماركسية واشتراكية إلى المجتمعات الخليجية المحافظة بطبعها، إلى خلق بيئة جدال أغنت الحالة الثقافية في الخليج وتركت بصماتها على المنتج الثقافي المكتوب مثل الرواية والشعر والقصة القصيرة وكتابة المقال وتأليف الكتب، إلى المنتج الإبداعي على مستوى التمثيل المسرحي. وكذلك تأسيس الفعاليات الفكرية المتعددة من الجمعيات والأحزاب السياسية بالإضافة إلى الجمعيات والاتحادات الثقافية. وقد شهدت أغلب دول الخليج احتداماً كبيراً في تقاطع الحراك الثقافي مع الحالة السياسية في بعض السنوات نتيجة التأجج الثقافي الذي تميزت به تلك المرحلة.
وما يثير القلق في المرحلة الحالية هو الفراغ الكبير الذي خلصت إليه كافة «أو» أغلب التيارات الثقافية السابقة. إذ أدت كثير من الأحداث الراهنة إلى زعزعة موقع بعض التيارات المهيمنة مثل التيارات الإسلامية. وإلى تلاشي باقي مساحات تأثير التيارات اليسارية. أحداث كثيرة مرت بالمنطقة مثل الربيع العربي وظهور تنظيمات القاعدة وداعش والأزمات الاقتصادية والسياسية الإقليمية لم تستطع هذه التيارات تقديم أطروحات مواكبة للوضع وفاعلة وقادرة على التغيير. ثم إن هذه التيارات أثبتت عجزاً في التأثير على الأجيال الجديدة وعدم قدرة على نقل أفكارها وأيديولوجياتها لهم، مما يهدد وجودها المستقبلي في الخارطة الثقافية الخليجية.
وما يتميز به هذا العصر من سرعة في إيقاع الحركة، وطبيعة التغير الدائم، والانفتاح الكبير على المعلوماتية، إضافة إلى الطابع الاستهلاكي الخليجي، يجعل التنبؤ بوجود تيار ثقافي محلي مؤثر في المجتمع أمر في غاية الصعوبة. فمن أين سنستمد سمات ثقافتنا المحلية في المرحلة القادمة؟ وهل نحن مقبلون على عشوائية ثقافية مستقبلية؟
المستقبل لمن يصنعه، وليس لمن يستهلكه، والحالة الاستهلاكية في مجتمعنا العربي عامة والخليجي خاصة تتسع حتى تصل إلى درجة عدم القدرة على «توطين الثقافات الوافدة»، بمعنى إضفاء صبغة وطنية عليها، لذلك يبقى سؤال الثقافة ملحاً وحرجاً وبحاجة دائمة للبحث والدراسة.