طالب سماحة العلامة السيد علي الأمين بقانون دولي يلزم بالحريات الدينية ويجرم خطاب الكراهية والتمييز، داعياً إلى نشر الكتب التعليمية التي تتضمن تعاليم التعاون والتواصل ورفض الكراهية والحقوق التي يجب احترامها وتحولها إلى ثقافة عالمية تحملها أجيال المستقبل وترسخ التعايش السلمي بين الأمم والشعوب.

وشارك العلامة الأمين في فعاليات الطاولة المستديرة الدولية للأعمال والحرية الدينية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا (المينا)، التي نظمها مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي في البحرين، بحضور كوكبة من قادة الأديان الداعين للسلام من مختلف الأطياف والمذاهب والأعراق.

وألقى العلامة كلمة هذا نصها :

"الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الرسول الأمين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وعلى جميع عباد الله الصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

هذا المؤتمر الذي يجمع قيادات دينية متنوعة من مختلف الديانات والثقافات للبحث عن أوجه المقاربة بين الحريات الدينية وبين وجوه الازدهار والتقدم في المجتمع، وقد ذكرني هذا العنوان بقول الشاعر:

ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا/ لا بارك الله في دنياً بلا دين

ولا شك بأن للدين دور إيجابي في عملية الازدهار التي تسعى إليها المؤسسات العاملة، لأن الدين يعتبر مصدراً للقيم الروحية والأخلاق الإنسانية التي يحتاجها العمل في نجاحه، والدين هو الذي يدفع باتجاه التعارف والتواصل بين الشعوب والأمم، كما في قول الله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) فالدين يقول للبشر إن أصلكم واحد، وهذا التنوع الموجود بينكم ليس لامتياز لبعضكم على بعض، وليس للانغلاق ،بل هو للتعارف الذي ينبثق عنه التواصل والعلاقات الثقافية وغيرها.

وفي العهد القديم: (خلق الرب الإنسان من الأرض) وفي النصوص الدينية عندنا: (كلكم لآدم وآدم من تراب). وفي الإنجيل (كل ما تريدون أن يعاملكم الناس به فعاملوهم أنتم به، هذه خلاصة تعاليم الشريعة والأنبياء).

فالإيمان له بعدان، أحدهما يتجلى في علاقة الإنسان بربه، والبعد الآخر يرتبط بعلاقة الإنسان مع غيره، وخلاصة تعاليم الشريعة والأنبياء أن تعامل غيرك كما تحب أن يعاملك، أنت تريد منه الصدق، وتريد منه الإخلاص في العمل، وتريد منه الاعتدال، وتريد منه السلام وعدم العدوان، وتريد منه الحرية وفعل الخير والابتعاد عن الشر، وهذا يعني أن تعمل أنت أيضاً بهذه الأمور، كما ورد في النص الديني عندنا أيضاً: (أحبب لغيرك ما تحب لنفسك).

وهذه التعاليم تعني أن الدين ليس من عوامل الفرقة بين الناس، فلا إكراه في الدين، وهو يسعى لتزويدهم بمنظومة من القيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية ترسخ العلاقات السلمية بينهم، فإن الأمم هي بالأخلاق كما قال الشاعر:

وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت/ فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

فالدين ينظر إلى الجانب العملي من الإيمان، وهو الذي يتعلق بالعلاقة مع الإنسان الآخر، كما جاء في النص الديني (الخلق عيال الله ،وأحبهم إليه أنفعهم لعياله).

ونحن في كلماتنا تحدثنا عن التعاون والتواصل وعن الحريات الدينية، وعن رفض الكراهية والتمييز، وعن الحقوق التي يجب احترامها، وكما قال الشاعر:

ما دمت محترماً حقي فأنت أخي/ آمنت بالله أم آمنت بالحجر

ولكن كل هذه الأفكار الجيدة التي تبعد مجتمعاتنا عن الانقسامات والنزاعات تحتاج إلى تقنين، نحتاج إلى قانون دولي يلزم بالحريات الدينية ويجرم خطاب الكراهية والتمييز، ونحتاج إلى الكتاب التعليمي الذي يتضمن تلك التعاليم ويحولها إلى ثقافة عالمية تحملها أجيال المستقبل وترسخ التعايش السلمي بين الأمم والشعوب".

فيما أشاد رئيس مجلس الأمناء في مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي د.الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة بما جاء في كلمة سماحة العلامة الأمين، مؤكدا أن "هذا الفكر المعتدل يمثل خير نبراس ليعم السلام والوئام بني البشر بمختلف شعوبهم ومجتمعاتهم، ويصب في صميم أهداف مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي الذي تأسس انطلاقاً من رؤى حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى في تعميم تجربة المملكة الريادية لنشر قيم التسامح والتعايش السلمي لمختلف أقاليم وبلدان العالم".

وقال د.الشيخ خالد بن خليفة للعلامة الأمين "جاء اختيارنا لسماحتكم للمشاركة في هذا الحدث الإقليمي البارز بمشاركة نخبة من قادة الأديان نظراً لما تحتضنونه من قيم سامية ملؤها الإخاء والتقريب بين جميع بني البشر بغض النظر عن معتقداتهم، فأنتم خير من يمثل المسلمين وتعاليم الإسلام السمحاء النابذة للتطرف والعنف بكافة صورهما البغيضة، بعيداً عن أي توجه سياسي وبما يخدم الارتقاء بمستوى رخاء البشر وازدهار التنمية المستدامة".