نشرت جريدة الأهرام المصرية، في عددها الصادر الاثنين، مقالا لفوزية بنت عبدالله زينل رئيسة مجلس النواب، بمناسبة الأعياد الوطنية لمملكة البحرين، بعنوان: "بين نيل مصر وتاريخ البحرين.. عهد حضارات عريقة وعلاقات راسخة"، جاء فيه:
اليوم تشهد العلاقات بين مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية الشقيقة أزهى عصورها في ظل العلاقات الطيبة بين قيادتي البلدين الشقيقين حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى حفظه الله ورعاه، وأخيه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، وحرصهما على مزيد من التوطيد لهذه العلاقات الأخوية في مختلف المجالات، فالقيادة في البلدين دائمة اللقاء والتواصل، ونحن لا يمكن أن ننسى موقف مصر المشرف الداعم لأمن واستقرار مملكة البحرين وتصريح فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي بأن "أمن الخليج جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومي".
وإننا في السلطة التشريعية بمجلسيها النواب والشورى تربطنا علاقات قوية ومتميزة مع السلطة التشريعية في جمهورية مصر العربية، والتعاون بين مجلسي النواب في البلدين دائم ومستمر، وهناك تفاهم وتنسيق مشترك تجاه كل القضايا الإقليمية والدولية، ونعتز كثيرا بالاستفادة من تجربة مصر الرائدة على الصعيد البرلماني والتي تعود إلى العام 1866، وعلى مدى سنوات استطعنا تحقيق درجة متقدمة من التكامل والتعاون بين مجلس النواب بمملكة البحرين مع السلطة التشريعية في مصر، وتبادل الخبرات مع القامات القانونية المصرية التي شهدت ترسيخ لبنات التجربة البرلمانية في المملكة، وأعطت من علمها وخبرتها، ونحن مستمرون عبر لجان الصداقة البرلمانية لتعميق وتعزيز سبل التعاون.
ونحن في صدد الحديث عن المصير المشترك، وفي ظل الظروف والتحديات التي تحيط بالوطن العربي، أجدُ لِزاماً أن نفكر مع الأشقاء العرب، وعبر البرلمانات العربية جميعها، لاتخاذ خطوات موحدة ومتكاملة، نقف من خلالها على أهم التحديات المختلفة، لإيجاد حلول مشتركة، وعبر آليات وسبل متفق عليها، يمكن معها إيجاد رؤية جديدة وأكثر فاعلية للوحدة العربية، في سبل تعزيز المنجزات وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والأمني والسياسي لكافة لدول العربية.
ومن مركز الحضارة الدلمونية التي تعود لأكثر من 5 آلاف عام، من هنا، أرض الطموح الرفيع مملكة البحرين، أسجل عالياً ما قامت به جمهورية مصر العربية الشقيقة، من خلال قضاتها ومعلميها وأطبائها ومهندسيها وإعلامييها من إسهامات في مسيرة بلدنا على طريق التنمية، وبعطاءات ستظل خالدة في الذاكرة البحرينية، فنحن تعلمنا في عشرينيات القرن الماضي على أيدي أشقائنا المصريين، من خلال أول مدرسة نظامية في البحرين (الهداية الخليفية) والتي كان مديرها من مصر الشقيقة الشيخ حافظ وهبة، كما كان للطاقات المصرية دورٌ مشهود في ترسيخ النموذج المثالي للسلطة القضائية، إلى جانب جهودهم في إرساء الأعراف الإعلامية والمساهمة في إطلاق الصحف البحرينية والارتقاء بها.
ليس ذلك فقط، بل لم يكن للبحرين ومصر عبر التاريخ إلا ما سجلته الذاكرة من مصير مشترك، وما سجله البحرينيون من تعبير ومحبة لمصر، حيث كانوا يفرحون لانتصاراتها، وتضامنوا معها خلال نكسة 1967، ووقفوا بجانبها خلال حرب أكتوبر 1973 بالأرواح والدعم والمساندة الرسمية والشعبية، ولازلنا نتذكر تلك الأيام حينما كانت الناس تتحلق حول الإذاعة لمعرفة تطورات الحرب وما يحققه الجيش المصري من بطولات، ولا يمكن أن ننسى حملات التبرع بالدم التي انطلقت في مختلف مناطق البحرين لمساعدة المصابين المصريين في الحرب.
الحديث عن مصر يتطلب ذاكرة بحجم التاريخ، وأفقاً باتساع الحضارة، ومدادا يستوعب وحي النيلِ الشاهد في بلدٍ يقف على ذروة الريادة، إذ لا يمكن اختزالهُ في سلسلة كتبٍ، فضلاً عن مقالة يتيمة، ولا تحصره كلماتٌ مهما بلغت متانتها وعبقريتها، وليس من مكانة تستوعب مبالغَ رفعتها، إلا ما اتسع في وجدان كل عربي من الخليج إلى المحيط تجاه "مصر" قلب العرب النابض، وامتداده التاريخي الأصيل.
حين نتحدث عن "مِصر" فنحن نتحدث عن المعرفة، وأرى واقعا أن العالم ما استطاع أن يستوعب لغة الكتابة في مساراتها الناهضة، إلا حين كانت الكتابة الهيروغليفية إلهاماً متصلاً بالفكرة الأولى للتعلم والعلم، والمنقدحة في منحوتات صخور أرض الكنانة، فتمخضت من ورائها ولادات المعرفة والثقافت التي اتسعت لتلامسَ الشغفَ والنهم الإنساني، الذي تدلت ثماره في الأرض من أقصاها إلى أقصاها، وانجابت على امتداداتها الواسعة، لتتصلَ بجذرِ التاريخ المصري، الضارب في عمقِ الفكرة الأولى للحضارة، فما ثمَّ أرض يانعة بالابتكار والتميز إلا وتجد للإنسان المصري ملمحا وأثرا مخضرا فيها.
ولما نقف على تاريخنا المنظور، نجد وعلى مدى سنوات تَمكنُ مصر وعبر قوتها الناعمة وصوتها الشاهق وحضورها المؤثر عربياً وعالمياً، من توحيد قلوب وأفئدة العرب تجاه بوصلتها.
اليوم تشهد العلاقات بين مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية الشقيقة أزهى عصورها في ظل العلاقات الطيبة بين قيادتي البلدين الشقيقين حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين المفدى حفظه الله ورعاه، وأخيه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، وحرصهما على مزيد من التوطيد لهذه العلاقات الأخوية في مختلف المجالات، فالقيادة في البلدين دائمة اللقاء والتواصل، ونحن لا يمكن أن ننسى موقف مصر المشرف الداعم لأمن واستقرار مملكة البحرين وتصريح فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي بأن "أمن الخليج جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومي".
وإننا في السلطة التشريعية بمجلسيها النواب والشورى تربطنا علاقات قوية ومتميزة مع السلطة التشريعية في جمهورية مصر العربية، والتعاون بين مجلسي النواب في البلدين دائم ومستمر، وهناك تفاهم وتنسيق مشترك تجاه كل القضايا الإقليمية والدولية، ونعتز كثيرا بالاستفادة من تجربة مصر الرائدة على الصعيد البرلماني والتي تعود إلى العام 1866، وعلى مدى سنوات استطعنا تحقيق درجة متقدمة من التكامل والتعاون بين مجلس النواب بمملكة البحرين مع السلطة التشريعية في مصر، وتبادل الخبرات مع القامات القانونية المصرية التي شهدت ترسيخ لبنات التجربة البرلمانية في المملكة، وأعطت من علمها وخبرتها، ونحن مستمرون عبر لجان الصداقة البرلمانية لتعميق وتعزيز سبل التعاون.
ونحن في صدد الحديث عن المصير المشترك، وفي ظل الظروف والتحديات التي تحيط بالوطن العربي، أجدُ لِزاماً أن نفكر مع الأشقاء العرب، وعبر البرلمانات العربية جميعها، لاتخاذ خطوات موحدة ومتكاملة، نقف من خلالها على أهم التحديات المختلفة، لإيجاد حلول مشتركة، وعبر آليات وسبل متفق عليها، يمكن معها إيجاد رؤية جديدة وأكثر فاعلية للوحدة العربية، في سبل تعزيز المنجزات وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والأمني والسياسي لكافة لدول العربية.
ومن مركز الحضارة الدلمونية التي تعود لأكثر من 5 آلاف عام، من هنا، أرض الطموح الرفيع مملكة البحرين، أسجل عالياً ما قامت به جمهورية مصر العربية الشقيقة، من خلال قضاتها ومعلميها وأطبائها ومهندسيها وإعلامييها من إسهامات في مسيرة بلدنا على طريق التنمية، وبعطاءات ستظل خالدة في الذاكرة البحرينية، فنحن تعلمنا في عشرينيات القرن الماضي على أيدي أشقائنا المصريين، من خلال أول مدرسة نظامية في البحرين (الهداية الخليفية) والتي كان مديرها من مصر الشقيقة الشيخ حافظ وهبة، كما كان للطاقات المصرية دورٌ مشهود في ترسيخ النموذج المثالي للسلطة القضائية، إلى جانب جهودهم في إرساء الأعراف الإعلامية والمساهمة في إطلاق الصحف البحرينية والارتقاء بها.
ليس ذلك فقط، بل لم يكن للبحرين ومصر عبر التاريخ إلا ما سجلته الذاكرة من مصير مشترك، وما سجله البحرينيون من تعبير ومحبة لمصر، حيث كانوا يفرحون لانتصاراتها، وتضامنوا معها خلال نكسة 1967، ووقفوا بجانبها خلال حرب أكتوبر 1973 بالأرواح والدعم والمساندة الرسمية والشعبية، ولازلنا نتذكر تلك الأيام حينما كانت الناس تتحلق حول الإذاعة لمعرفة تطورات الحرب وما يحققه الجيش المصري من بطولات، ولا يمكن أن ننسى حملات التبرع بالدم التي انطلقت في مختلف مناطق البحرين لمساعدة المصابين المصريين في الحرب.
الحديث عن مصر يتطلب ذاكرة بحجم التاريخ، وأفقاً باتساع الحضارة، ومدادا يستوعب وحي النيلِ الشاهد في بلدٍ يقف على ذروة الريادة، إذ لا يمكن اختزالهُ في سلسلة كتبٍ، فضلاً عن مقالة يتيمة، ولا تحصره كلماتٌ مهما بلغت متانتها وعبقريتها، وليس من مكانة تستوعب مبالغَ رفعتها، إلا ما اتسع في وجدان كل عربي من الخليج إلى المحيط تجاه "مصر" قلب العرب النابض، وامتداده التاريخي الأصيل.
حين نتحدث عن "مِصر" فنحن نتحدث عن المعرفة، وأرى واقعا أن العالم ما استطاع أن يستوعب لغة الكتابة في مساراتها الناهضة، إلا حين كانت الكتابة الهيروغليفية إلهاماً متصلاً بالفكرة الأولى للتعلم والعلم، والمنقدحة في منحوتات صخور أرض الكنانة، فتمخضت من ورائها ولادات المعرفة والثقافت التي اتسعت لتلامسَ الشغفَ والنهم الإنساني، الذي تدلت ثماره في الأرض من أقصاها إلى أقصاها، وانجابت على امتداداتها الواسعة، لتتصلَ بجذرِ التاريخ المصري، الضارب في عمقِ الفكرة الأولى للحضارة، فما ثمَّ أرض يانعة بالابتكار والتميز إلا وتجد للإنسان المصري ملمحا وأثرا مخضرا فيها.
ولما نقف على تاريخنا المنظور، نجد وعلى مدى سنوات تَمكنُ مصر وعبر قوتها الناعمة وصوتها الشاهق وحضورها المؤثر عربياً وعالمياً، من توحيد قلوب وأفئدة العرب تجاه بوصلتها.