هناك مقولات قد تمر عليها مرور الكرام، لكن لو توقفت عند بعضها وحاولت معرفة المغزى منها، ستجد نفسك «تغوص» في غياهب معانٍ عميقة جداً، لو جئت لتراها كيف تطبق مضامينها في مجتمعك ومحيطك، فإنك ستندهش أشد الاندهاش.
من هذه المقولات، مقولة أوردها ناقد اجتماعي وممثل وكاتب أمريكي شهير يدعى جورج دينيس باتريك كارلين، وهذا الرجل على وجه الخصوص حصد خمس جوائز «غرامي» عن ألبوماته الكوميدية، إذ هو اتجه إلى تأدية العروض الكوميدية الارتجالية التي كان لها صدى عنيف وقوي، وبقيت تتردد بصداها حتى بعد وفاته قبل بضع سنوات.
يقول كارلين في هذه الجملة: «لا تستهين بقوة الأغبياء في مجموعات كبيرة»!
حاولت الابتعاد عن ترجمة المقولة ضمن السياق الذي أورده كارلين، وأعوضها بربط لواقعنا المعاش، فوجدت أن ترجمتي تتجه أولاً لاعتبار توصيف «الغبي» بأنه يعني أشخاصاً يدركون في الأساس أنهم ذوو تفكير «ضحل»، وأن ما لديهم من مهارات وقدرات لا ترتقي لمستويات ذكية متقدمة في المجتمع، وأنه لا يمكن التعويل عليهم في إنجاز أية أمور.
لكن المشكلة هنا في التخصيص الذي منحهم إياه كارلين، حينما أشار لخطورة «الأغبياء» في «المجموعات الكبيرة»! إذ ماذا يعني «عراب الكوميديا الأمريكي» بهذا الربط، وكيف تكون هذه «المعادلة» و«التركيبة» خطرة؟!
أحاول كالعادة ترجمة المضمون، وإسقاطه على الواقع، وأفترض هنا بأن أخطر ما يكون من هذا الصنف البشري ضعيف القدرات، ضئيل الأفاق، هو «تمكينهم» في وسط مجموعات مؤثرة، من ناحية صلاحياتها في عملية اتخاذ قرارات، أو إدارة منظومات، أو تشكيل جماعات للتخطيط.
تخيل أنك في مؤسسة لديها طموحات عالية، وفيها عمل بالغ الحساسية، ومن بين تركيبة الموظفين، هناك أنواع من هذا الصنف، وأعني «الصنف الغبي». كيف سيكون تعاملك معهم؟! وهل يمكن أن يكونوا عامل دعم وإسناد، أم مصدر إزعاج وعرقلة للأعمال؟!
لا تجبني هنا، إذ أغلبكم قد يقول بأن «التجاهل» لمثل هذه الأنواع، و«تجنب» الاختلاط معها، يكفيك أي إزعاج ويبعدك عن أية أمور «غبية» تصدر عنهم. لا أريد الإجابة على هذا. بل الإجابة الأهم تكمن ضمن السيناريو الذي قد يفترض لك وجود مثل هذه النوعيات بالقرب من عملية صنع القرار في مكان عملك، قربهم من مواقع التأثير على صناعة القرار، قربهم من المسؤول الذي قد يستمع لهم، هنا أعطني جوابك، هنا أعطني الجواب الذي يكشف عن مدى الخطورة في تواجد مثل هؤلاء؟!
دائماً أقول بأن «الغباء» ينقسم لأنواع، أخطرها قد يكون الغباء المهني، لكن أشنعها قد يكون الغباء الاجتماعي، وهناك غباء كارثي لمستوى يقارع تأثيرات إسقاط قنبلة نووية، هو «غباء ادعاء المعرفة»، فالمصائب لا تحدث إلا حينما يحصل مثل هذا النوع على فرصة للتأثير على مسار القرارات، أو التحكم في مصائر البشر في أي منظومة، وحين يكون كلامهم مسموعاً ومقبولاً.
المجتمعات الذكية في عملها وإنتاجيتها، هي التي تحرص على محاربة الغباء بأي شكل كان، هي التي تحرص على إلغاء وجود كل من «يدعي المعرفة» وأفعاله لا تكشف إلا عن «غباء» قد تكون تداعياته خطيرة جداً، إما على سمعة المكان، أو على مصائر البشر.
من هذه المقولات، مقولة أوردها ناقد اجتماعي وممثل وكاتب أمريكي شهير يدعى جورج دينيس باتريك كارلين، وهذا الرجل على وجه الخصوص حصد خمس جوائز «غرامي» عن ألبوماته الكوميدية، إذ هو اتجه إلى تأدية العروض الكوميدية الارتجالية التي كان لها صدى عنيف وقوي، وبقيت تتردد بصداها حتى بعد وفاته قبل بضع سنوات.
يقول كارلين في هذه الجملة: «لا تستهين بقوة الأغبياء في مجموعات كبيرة»!
حاولت الابتعاد عن ترجمة المقولة ضمن السياق الذي أورده كارلين، وأعوضها بربط لواقعنا المعاش، فوجدت أن ترجمتي تتجه أولاً لاعتبار توصيف «الغبي» بأنه يعني أشخاصاً يدركون في الأساس أنهم ذوو تفكير «ضحل»، وأن ما لديهم من مهارات وقدرات لا ترتقي لمستويات ذكية متقدمة في المجتمع، وأنه لا يمكن التعويل عليهم في إنجاز أية أمور.
لكن المشكلة هنا في التخصيص الذي منحهم إياه كارلين، حينما أشار لخطورة «الأغبياء» في «المجموعات الكبيرة»! إذ ماذا يعني «عراب الكوميديا الأمريكي» بهذا الربط، وكيف تكون هذه «المعادلة» و«التركيبة» خطرة؟!
أحاول كالعادة ترجمة المضمون، وإسقاطه على الواقع، وأفترض هنا بأن أخطر ما يكون من هذا الصنف البشري ضعيف القدرات، ضئيل الأفاق، هو «تمكينهم» في وسط مجموعات مؤثرة، من ناحية صلاحياتها في عملية اتخاذ قرارات، أو إدارة منظومات، أو تشكيل جماعات للتخطيط.
تخيل أنك في مؤسسة لديها طموحات عالية، وفيها عمل بالغ الحساسية، ومن بين تركيبة الموظفين، هناك أنواع من هذا الصنف، وأعني «الصنف الغبي». كيف سيكون تعاملك معهم؟! وهل يمكن أن يكونوا عامل دعم وإسناد، أم مصدر إزعاج وعرقلة للأعمال؟!
لا تجبني هنا، إذ أغلبكم قد يقول بأن «التجاهل» لمثل هذه الأنواع، و«تجنب» الاختلاط معها، يكفيك أي إزعاج ويبعدك عن أية أمور «غبية» تصدر عنهم. لا أريد الإجابة على هذا. بل الإجابة الأهم تكمن ضمن السيناريو الذي قد يفترض لك وجود مثل هذه النوعيات بالقرب من عملية صنع القرار في مكان عملك، قربهم من مواقع التأثير على صناعة القرار، قربهم من المسؤول الذي قد يستمع لهم، هنا أعطني جوابك، هنا أعطني الجواب الذي يكشف عن مدى الخطورة في تواجد مثل هؤلاء؟!
دائماً أقول بأن «الغباء» ينقسم لأنواع، أخطرها قد يكون الغباء المهني، لكن أشنعها قد يكون الغباء الاجتماعي، وهناك غباء كارثي لمستوى يقارع تأثيرات إسقاط قنبلة نووية، هو «غباء ادعاء المعرفة»، فالمصائب لا تحدث إلا حينما يحصل مثل هذا النوع على فرصة للتأثير على مسار القرارات، أو التحكم في مصائر البشر في أي منظومة، وحين يكون كلامهم مسموعاً ومقبولاً.
المجتمعات الذكية في عملها وإنتاجيتها، هي التي تحرص على محاربة الغباء بأي شكل كان، هي التي تحرص على إلغاء وجود كل من «يدعي المعرفة» وأفعاله لا تكشف إلا عن «غباء» قد تكون تداعياته خطيرة جداً، إما على سمعة المكان، أو على مصائر البشر.