عواصم - (وكالات): أعلن رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ووزير الخارجية الروسي سيرغى لافروف في مؤتمر صحافي مشترك أمس في القاهرة أن روسيا والجامعة العربية اتفقتا على 5 أسس لتسوية الأزمة السورية.ويعد هذا تغيراً ذا مغزى في موقف روسيا التي كانت حتى الآن السند الرئيسي للنظام السوري على الساحة الدولية واستخدمت حق النقض مرتين خلال الشهور الأخيرة لمنع مجلس الأمن من إدانته. وقال لافروف إن المناقشات التي أجراها مع الوزراء العرب انتهت إلى اتفاق على 5 نقاط هي «وقف العنف من أي مصدر كان، وإنشاء آلية رقابة محايدة، ولا تدخل خارجي، وإتاحة المساعدات الإنسانية لجميع السوريين بدون إعاقة، والدعم الكامل لجهود الموفد الدولي كوفي عنان إلى سوريا استناداً إلى المرجعيات التي قبلتها الأمم المتحدة والجامعة العربية». من جهته، أكد بن جاسم هذا الاتفاق قائلاً إنه «بعد اللقاء مع وزير الخارجية الروسي الذي كان صريحاً ومعمقاً هناك نقاط تم الاتفاق عليها كأساس للحل وهي وقف العنف من أي مصدر كان، وآلية رقابة محايدة، وعدم التدخل الأجنبي، وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية لجميع السوريين بدون إعاقة، والدعم القوي لمهمة عنان لإطلاق حوار بين الحكومة والمعارضة استناداً إلى المرجعيات التي اعتمدت من قبل الأمم المتحدة والجامعة العربية». وأضاف المسؤول القطري أنه يريد «تأكيد المرجعيات المعتمدة لعنان وهي قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16 فبراير الماضي، وخطة العمل العربية المعتمدة في نوفمبر الماضي، وقرارات الجامعة العربية في 22 يناير و12 فبراير الماضيين». وربما يفتح الموقف الروسي المعدل الباب للاتفاق على قرار بشأن سوريا في مجلس الأمن الدولي. وقال لافروف الثلاثاء الماضي إن لقاء القاهرة سيكون «فرصة مهمة لإجراء تحليل عميق للموقف» والخروج بـ «أفكار يمكن بعد ذلك أن يتم نقلها إلى المجال الدولي الأوسع». وكانت الجلسة الافتتاحية لاجتماع وزراء الخارجية العرب التي دعي إلى حضورها لافروف شهدت سجالاً بينه وبين وزيري خارجية قطر والسعودية. ففي بداية الجلسة ألقى لافروف كلمة دافع فيها عن موقف بلاده من الأزمة السورية نافياً أن تكون دوافعه سياسية أو اقتصادية. وقال لافروف «يقول البعض إن لدينا مصالح معينة ولكننا لم نشن حرباً استعمارية في منطقتكم وحجم علاقتنا التجارية مع الدول المشار إليها أقل من علاقتنا مع دول أخرى ونحن لا نسعى للاستفادة الاقتصادية» من الموقف تجاه الأزمة السورية. وقال «إذا اتفقنا جميعاً على وقف العنف فلن نخوض في قضية من يقع عليه اللوم في الأزمة، ولكن المهمة الملحة هي إنهاء العنف أياً كان مصدره». ورفض لافروف توجيه اللوم إلى «طرف واحد» في أحداث القتل اليومية الجارية في سوريا، في إشارة إلى نظام الرئيس بشار الأسد، فيما انتقد مشروع القرار العربي الغربي الذي استخدمت روسيا الفيتو ضده في مجلس الأمن.وبمجرد انتهاء الوزير الروسي من إلقاء كلمته، طلب بن جاسم التحدث منتقداً بحدة الموقف الروسي. وقال «هناك إبادة ممنهجة من قبل الحكومة السورية في ظل حديثنا الآن عن وقف إطلاق النار» مضيفاً «بعد ما تم من قتل لا يمكن أن نقبل فقط بوقف إطلاق النار» و»لا نريد أن يكافأ أحد بهذه الطريقة»، في إشارة إلى النظام السوري. وتابع «هناك قتل ممنهج تم من قبل النظام للشعب السوري» واعتبر أن من أطلق عليهم «النظام عصابات مسلحة» هي مجموعات شكلت في الأشهر الثلاثة الأخيرة دفاعاً عن النفس بعد قتل الشعب السوري بدم بارد». وقال «نحن نعول على الموقف الروسي وتفهمكم لنا ولمطالب الشعب العربي بإيقاف حمام الدم». وأكد أنه «لا يكفي بعد كل هذا أن نتكلم فقط عن وقف فوري لإطلاق النار ولكننا نطالب بوقف فوري للعنف ومحاسبة من قاموا بذلك وإطلاق سراح المعتقلين والموافقة الصريحة على الخطة العربية» من قبل النظام السوري. ودعا حمد بن جاسم إلى الاعتراف بالمجلس الوطني المعارض ممثلاً شرعياً للشعب السوري، وأرسال قوات عربية ودولية لسوريا. وتحدث بعد ذلك وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل فاتهم روسيا والصين بـ «منح النظام السوري رخصة للتمادي في الممارسات الوحشية». وقال الفيصل إن «الموقف المتراخي والمتخاذل من قبل الدول التي أفشلت قرار مجلس الأمن وصوتت ضد قرار الجمعية العامة في ما يتعلق بالشأن السوري منح النظام السوري الرخصة للتمادي في الممارسات الوحشية ضد الشعب السوري دون شفقة أو رحمة». وأضاف أن «بعضاً ممن عبروا عن مساندتهم للمبادرة العربية لمعالجة الأزمة في سوريا اختاروا أن يجهضوها عندما جرى طرحها أمام مجلس الأمن لتسجيل موقف أقل ما يقال عنه إنه يستهين بأرواح ودماء المواطنين الأبرياء في أنحاء مختلفة من سوريا». وتابع أن حضور وزير الخارجية الروسي اجتماع الوزراء العرب «ينبئ عن اهتمام روسيا بالوضع في سوريا ونرحب به غير أننا نتمنى لو أن هذا الاهتمام تتم ترجمته» في مواقف.وفي ختام اجتماعهم، أصدر الوزراء العرب قراراً يدعو مجلس الأمن الدولي إلى «إصدار قرار لوقف العنف في سوريا فوراً استناداً إلى المبادرة العربية والقرارات العربية».وأكد القرار إدانة الوزراء العرب «للانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في حق المدنيين السوريين واعتبار مجزرة بابا عمرو المقترفة من الأجهزة الأمنية والعسكرية السورية ضد المدنيين جريمة ترقى إلى الجرائم ضد الإنسانية». وتطرق القرار إلى المرجعيات التي تحدد مهمة عنان عندما قال إنه يؤكد الاتفاق على الأسس الخمسة ومن بينها «الدعم القوي لمهمة عنان لإطلاق حوار سياسي بين الحكومة والجماعات المعارضة السورية استناداً إلى ما نصت عليه المرجعيات الخاصة بولاية هذه المهمة والتي اعتمدت من قبل الأمين العام للأمم المتحدة والجامعة العربية». من جهته، قال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي في مؤتمر صحافي عقده في ختام الاجتماع الوزاري العربي «أن النقاط الخمس التي تم الاتفاق عليها مع روسيا ذات أهمية كبيرة» مضيفاً أن مبعوثاً صينياً سيزور الجامعة العربية الثلاثاء المقبل «ونأمل أن تتخذ الصين موقفاً مشابهاً للموقف الروسي». وأضاف أن الجامعة العربية «تحاول الالتفاف على الفيتو الذي أجهض قرارها السابق وإحالة الموضوع إلى مجلس الأمن مرة ثانية دون اعتراض روسيا والصين. ونقل العربي أن لافروف «سيسافر إلى نيويوك وسيجتمع بأعضاء مجلس الأمن». وربما يفتح الموقف الروسي المعدل الباب للاتفاق على قرار بشأن سوريا في مجلس الأمن الدولي. وتزامن اجتماع وزراء الخارجية العرب ولافروف مع أول زيارة يقوم بها موفد الأمم المتحدة والجامعة العربية كوفي عنان إلى دمشق حيث التقى الرئيس السوري بشار الأسد. وأكد الأسد خلال لقائه عنان استعداد بلاده لإنجاح أي «جهود صادقة» لحل الأزمة، لافتاً إلى أن الحوار السياسي لن ينجح بوجود «مجموعات إرهابية مسلحة» تقوض الاستقرار. ونقلت الوكالة السورية «سانا» عن عنان من جهته «التزامه بالعمل بشكل عادل وحيادي ومستقل ورفضه التدخل الخارجي في الشؤون السورية وإيمانه بالحل السلمي». كما أعرب عنان عن «قلقه الشديد» حيال القمع الدامي لحركة الاحتجاج في سوريا. وقد التقى عنان مع بعض رموز قادة المعارضة السورية في الداخل. وفي وقت لاحق، أعلنت الأمم المتحدة من نيويورك في بيان أن عنان قدم للرئيس السوري «مقترحات عدة» لوقف أعمال العنف شملت السماح بوصول المنظمات الإنسانية واللجنة الدولية للصليب الأحمر وإطلاق سراح المعتقلين وبدء حوار سياسي مفتوح لا يستثنى منه أي طرف. ميدانياً، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 64 شخصاً بينهم منشقون برصاص قوات الأمن السورية معظمهم في أدلب التي تتعرض لقصف هو الأعنف منذ استقدام تعزيزات وتشديد الحصار عليها قبل أيام.من جهتها، شبهت الولايات المتحدة نظام الرئيس السوري بشار الاسد بـ «عائلة من المافيا»، داعية كل الذين لا يزالون يدعمونه بـ «التفكير مليا» قبل الانصياع إلى «أوامر قتل الأبرياء».وقال مسؤول بالبيت الأبيض إن إدارة الرئيس باراك أوباما تعكف على بحث خيارات لوقف إراقة الدماء في سوريا لكنها متشككة بقوة تجاه التدخل العسكري خشية أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية. وحذر وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه من أن فرنسا لن تقبل قراراً في مجلس الأمن الدولي يساوي بين النظام السوري و»الذين يقاتلون ضد القمع».وقال وزير الخارجية الدنمركي فيلي سوفندال إن الاتحاد الأوروبي قد يفرض عقوبات جديدة على الحكومة السورية.وقال دبلوماسيون عرب إن سوريا بدأت في خطوة استباقية سحب سفرائها من أوروبا لأنها تخشى أن تطرد الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي السفراء السوريين رداً على الحملة الأمنية الدامية التي يشنها الرئيس الأسد ضد المعارضين لحكمه. وحذرت وزارة الإعلام السورية من أنها ستتخذ «الإجراءات اللازمة» في حق المؤسسات الإعلامية التي تعمل «لتهريب مراسليها» إلى سوريا، وذلك بعد مقتل وإصابة صحافيين أجانب في حي بابا عمرو في حمص كانوا دخلوا إلى سوريا عبر معابر غير شرعية. وستحاول «قافلة من أجل السلام» تضم ناشطين سوريين ودوليين التوجه إلى سوريا يوم 15 مارس الجاري انطلاقاً من الأراضي التركية بهدف تقديم مساعدة طبية للسكان في الذكرى الأولى لانطلاق الانتفاضة الشعبية في سوريا.
International
العـرب وروسيــا يتفقـــون على 5 أسس لتسويــة الأزمــة السوريـــة
15 أبريل 2012