ريانة النهام

احتفاءً بمرور خمسين عاماً على تأسيس أسرة الأدباء والكتاب، نظمت الأسسرة برعاية هيئة البحرين للثقافة والآثار أمسية ثقافية أدبية تحت عنوان "الكلمة" في يوبيلها الذهبي، بمشاركة الفنان أحمد الجمري والفنان سلمان بن زيمان وفرقة البحرين للموسيقى بقيادة المايسترو خليفة زيمان، مساء يوم الخميس في صالة البحرين الثقافية.



وألقى رئيس أسرة الأدباء والكتاب الشاعر إبراهيم بوهندي كلمةً بهذه المناسبة، أكد من خلالها أن هذه المؤسسة الوطنية التي تتغنى بأيادي الوطن، تحتفي اليوم بمؤسسيها تعبيراً لهم عن التقدير لما حملوها لها عبر السنوات الخمسين من إرث ريادة الأدب العربي على هذه الأرض.

وأضاف:" شرفٌ عظيم لي أن أقف في هذه الأمسية متحدثاً نيابةً عن الأخوة والأخوات أعضاء أسرتي الأدبية الغالية، وأتقدم بجزيل الشكر إلى هيئة البحرين للثقافة والآثار على كل ما هيئته لنا من قبلها كشريك دائم لمثل هذه المناسبات الوطنية، وإلى كل من تعاونوا معنا داعمين ومساندين لمختلف فعالياتنا".



وأكد بوهندي أهمية هذه الآمسية التي تتوج فيها الأسرة مالتزمت على تقديمه نحو الوطن بفعل الكلمة من أجل الإنسان، وعبر عن سعادته للمسيرة الإبداعية للكيان الأدبي البحريني العريق.

وتابع: "تتزاحم في رأسي الأفكار والذكريات من أيام الزمن الجميل، حيث كنا في ريعان الشباب خلال السنوات الأولى لتأسيس منذ سبتمبر 1969م، فتتمثل حاضرةً في مخيلتي تلك الإنغماسات في الهموم الإنسانية التي تميزت فيها إبداعات جيلنا، ونتاج تأثره بالتجارب الأدبية المعبرة عن مختلف المدارس الفكرية والمواقف السياسية التي تداخلت في ذاكرتي مع أصوات النقاش والجدل وموسيقى الشعر والقراءات النثرية، وعصرت روحي مشاعر الشوق لتلك الأيام التي هيمنت جميعها على قلب واحد في الذات الإنسانية البحرينية المشتعلة في مختلف أشكالنا الإبداعية على مستوى الأدب والفنون".



وأشار بن هندي أن الأجيال المتلاحق بعد جيل التأسيس والمجالس الإدارية المتعاقبة بعد الدورة الانتخابية الأولى التي رأسها الأديب والمفكر البحريني د.محمد الأنصاري، جميعها لم تكن أقل حرصاً من ذلك الجيل في تحمل مسؤولياتها تجاه الوطن في كل المناسبات والمحافل الدولية، حيث استطاعت أن تقدم الواجهة الأدبية للحضارة البحرينية خير تقديم، وتحافظ على بقاء الكيان الأدبي العريق فعالاً ومتفاعلاً مع المجتمع.

وتطرق بن هندي إلى بعض المشاريع الأدبية التي أطلقتها الهيئة الإدارية الحالية، ففضلاً عن الندوات والقراءات الأسبوعية التي تقيمها الأسرة ضمن برنامجها الثقافي وحضور المحاضرات والمهرجانات الشعرية في داخل وخارج البحرين، شاركة الأسرة في اجتماعات المكتب الدائمة في الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وأطلقت الإدارة في الدورة الحالية مشروع دراسات أكاديمية حول الأدب البحريني، ومشروع سلسلة دراسات كتبت في أدب البحرين، ومشروع إصدارات أدب الطفل، ومشروع إصدارات أدبية لأعضاء الأسرة ومشروع طباعة الرسائل الجامعية في الآداب، كما تعمل الإدارة على إقامة مهرجان البحرين للشعراء الشباب في شهر ديسمبر من العام المقبل، بالتعاون مع اتحاد الكتاب العرب.



وتقدم بن هندي بخالص الشكر والإمتنان إلى شركاء المسيرة الذهبية، وهم هيئة البحرين للثقافة والآقار، ووزارة شؤون الإعلام، وبنك البحرين والكويت، وشركة البحرين للتسهيلات التجارية، وصحيفة الوطن للنشر والتوزيع.

وقال نائب رئيس أسرة الأدباء والكتاب د.راشد نجم إن من الصدف الجميلة في نهاية هذا العام أن يأتي الفرح متزامناً مع الفرح، فقد جاء احتفال أسرة الأدباء والكتاب بيوبيلها الذهبي مساء الخميس ضمن احتفالات البلاد بعيدها الوطني فكأننا نودع العام هذا بالفرح لنستقبل عاماً جديداً بفرح وأمنيات أكبر.



وأضاف: "اليوم ونحن نحتفل بمرور خمسين عاماً على تأسيس أسرة الأدباء والكتاب، وبصفتي أحد مؤسسي هذه الأسرة الأدبية الرائدة في مملكة البحرين، يغمرني شعور بالفرح الكبير أن أرى الحلم الصغير الذي بدأناه عام 1969 وهو عام التأسيس مع مجموعة من الأصدقاء من الأدباء والكتاب في ظل ظروف اجتماعية وسياسية صعبة يتحول إلى هذه المؤسسة الأدبية التي أصبحت الآن علامة بارزة في مسيرة حياتنا الأدبية والثقافية، وتقود الحراك الأدبي وتحظى بكل هذا التقدير والاحترام على كافة الصعد والمستويات المحلية والإقليمية للمنجزات الكثيرة التي حققتها طوال هذه السنين".

وأكد نجم أن الوقوف عند المنجز الناجح والمتحقق شيء يشعر الإنسان بالسعادة والاطمئنان الداخلي، لكنه في نفس الوقت يلقي بعبء المسؤولية الكبيرة نحو الحفاظ على هذا المنجز وتطويره وفق رؤى جديدة ومشروع أدبي يستوعب كافة المتغيرات والمستجدات لاستقطاب دماء جديدة من المواهب الشابة والمبدعة في مجالات الأدب بمختلف أنواعه من شعر وسرد وكتابة، ووضعها على ضفتي النهر المتحرك كي يستمر جريان هذا النهر وتدفقه إلى مساحات أرحب وجني ثمار أخصب، حيث يشغل هذا تفكير مجلس الإدارة وسعى إلى تحقيقه وسيتحقق بالإصرار وروح العمل الجماعي الذي يتمتع به أعضاء مجلس الإدارة.



وتقدم نجم بتهنئة خالصة من القلب لكل الأصدقاء من المؤسسين الذين تم تكريمهم متمنين لهم دوام الصحة واستمرار العطاء، والرحمة لمن فقدوهم من المؤسسين في هذه المسيرة ولهم خالص الدعاء، وهنأ جميع أعضاء أسرة الأدباء والكتاب على مرور نصف قرن من الزمن على التأسيس والاحتفاء الرائع الذي تم بهذه المناسبة، وللجمهور الكبير الذي حضر إلى الصالة الثقافية حاملاً قناديل المحبة وورود التقدير لهذه المؤسسة الأدبية، ليؤكد دور الأدب والثقافة الفاعل في التأثير الاجتماعي والداعم لمسيرة الخير والنماء.

كما قال الأمين العام لأسرة الأدباء والكتاب، د.فهد حسين أن بعد الجهد الثقافي ونتاج الأدبي طوال الخمسين عاماً لأسرة الأدباء والكتاب تعاقبت الأجيال جيل تلو جيل حتى استطاعوا جميعاً أن يكونوا حاضرين في أمسية ثقافية أدبية تاريخية فنية.

أوضاف:" هذه الأمسية دعونا لها الجمهور البحريني والمقيمين المنشغلين بالشأن الثقافي، ولبى الكثير منهم فضجت الصالة فرحاً بحضورهم، وسعدت قلوبنا بطلتهم، هكذا استطعنا نحن مجلس الإدارة بتكاتفنا وعملنا التعاوني الموزع بيننا على الإنجاز الذي ترجم نجاحه تلك الابتسامات والثناء الذي كان يثبته لنا الجمهور بين الحين والآخر، واستطاع مجلس الإدارة أن يقيم هذه الاحتفالية ويهديها إلى البحرين التي ما فتئت حاضنة للمشهد الأدبي والثقافي وداعمة له في كل زمان وأي مرحلة تاريخية".

وأشاد د.فهد بدور ومساندة هيئة البحرين للثقافة والآثار ووقوفها مع الأسرة لتذليل كل الصعوبات وتحقيق الأحلام التي تكللت في رعاية الاحتفالات من جهة، وحضور رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بن محمد آل خليفة، والشيخة هلا بنت محمد آل خليفة.

وتابع: "يوجب علينا تجاه الأدباء والكتاب الذين أصروا في فترة عصيبة من زمن البحرين أن يكون هناك كيان أدبي يجمع الأدباء والكتاب، وفي الوقت ذاته لكي تستمر فعاليات الأسرة وقفت معنا بعض المؤسسات التجارية الداعمة مثل بنك البحرين والكويت، وشركة تسهيلات البحرين، ونحن نطمح بعد هذه الاحتفال المزيد من مشاركة الشباب الطموح المؤمن بالعمل الثقافي التطوعي حيث الأسرة تأسست لكل من لديه الإبداع الأدبي والنقدي".

من جهة أخرى، قال عضو أسرة الأدباء والكتاب، حسين زهير إن اليوبيل الذهبي يعد فرصة لانخراط الشباب في العمل الثقافي، مؤكداً أن خمسينية أسرة الأدباء والكتاب مناسبة تاريخية مهمة، تعمل بدورها على ضخ ديناميكية جديدة على الحراك الثقافي إبان الستينيات والسبيعينات وما تلاها.

وأوضح زهير أن سنة التأسيس "1969م" تعد نقلة نوعية مازالت تأثيراتها باقية حتى هذه اللحظة، من خلال مجموعة من شباب –آنذاك- استطاعوا أن يشكلوا تكتلاً ثقافياً حداثياً يتسم بطموح نحو التغييير المتقدم في لغة التعبير والرؤية في الأجناس الأدبية المختلفة في الشعر والقصة والرواية والمسرح وسواها، وصولاً إلى ما يمكن تسميته "النص المفتوح".

وأعرب زهير عن الشكر والامتنان إلى الشخصيات المبدعة من الجيل المخضرم، حيث قدموا التضيحات من أجل حفظ هذا الإرث التاريخي المهم وإيصاله لنا بصورة جميلة ومميزة، لافتاً إلى أن العمل المؤسساتي الثقافي هو جهد تراكمي، فلا يمكن أن تعمل الأجيال السابقة لوحدها من دون مشاركة جيل جديد متحمس ويمتلك معرفة جديدة بتطورات المشهد الحديث فلا غنى للشباب المبدع عن خبرات الجيل السابق إدارياً وإبداعياً.

ودعا زهير الشباب المبدع في مختلف مجالات الكتابة الأدبية والفكرية والفنية، والشعراء والروائيين وكتاب المسرح أو النقد أو الفكر، للانخراط في النشاط الثقافي بأسرة الأدباء والكتاب، من خلال الحضور والتفاعل مع النشاطات الأسبوعية التي تقام، والمشاركة في الطاقم الإداري الناشط، حيث ستبدأ مطلع العام المقبل الانتخابات الجديدة، وهي فرصة لتعزيز حضور ودور الشباب في ضخ ديناميكة جديدة ثانية وإعادة الحيوية إلى المشهد الثقافي والفكري في البحرين.

وقالت رئيسة العلاقات العامة والإعلام بأسرة الأدباء والكتاب د. صفاء إبراهيم العلوي إنه بعد مرور نصف قرن ذهبي ليس بوسعها سوى القول إن تأسيس الكيان الأدبي الشامخ لم يكن هيناً، حيث بدأ بهاجس من مجموعة من الشباب المبدعين في مجال الأدب والثقافة إلى أن استطاعوا تحويل هذا الهاجس إلى حقيقة قيمة ملموسة ليس على المستوى المحلي بل على مستوى الوطن العربي ككل.

وأضافت العلوي: "جيل أسس أسرة الأدباء والكتاب أمثال محمد جابر الأنصاري، وأحمد المناعي، ومحمد الماجد، وعلي عبدالله خليفة، وخلف أحمد خلف وغيرهم من المؤسسين والداعمين ليحملوننا أمانة كبيرة نحن الشباب وهي الحفاظ على هذا الكيان وديمومته الذهبية، والحفاظ أيضاً على شعار"الكلمة من أجل الإنسان" الذي سيبقى من أجل الحياة الأدبية والثقافية والإنسانية".

وأكدت العلوي أن الأسرة اليوم في خمسينيتها تفتح بابها للجميع مرحبة وحريصة على استقطاب جيل الشباب أصحاب الإبداعات الأدبية والذائقة الثقافية للانضمام إليها وليكونوا الصف الثاني.

وأضافت: "بدايات الأسرة كانت من مجموعة متنوعة من جيل الشباب الطموح الذي كان يسعى من أجل تسخير الكلمة من أجل الإنسان، فكانوا يبدعون ويقدمون ويفنون وقتهم من أجلها حتى هذا الوقت، وفي هذا الوقت ومن بعد يوبيلها الذهبي يتحتم تظافر جميع الجهود الشبابية والخبرات والداعمين لاستكمال طريق الكلمة من أجل الإنسان".

وقال عضو أسرة الأدباء والكتاب د.عبدالقادر المرزوقي، إن احتفال أسرة الأدباء والكـتاب بيوبيلها الذهبي، هـو احتفـال له دلالـة عميقـة في مسـيرة المشـهد الثقـافي في مملكة البحـرين، فهي منـذ التـأسيس لم يكـن تأسيسها طبيعيـاً ككل الجمعيات، بـل إنـه جـاء بأمـر ومباركـة مـن أمير دولة البحرين سمـو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة طيب الله ثـراه.

وأضاف: "احتفـالنا اليوم بمرور خمسين عـاما ليس احتفـالاً رقميـاً فحسـب، بـل إنه معلـم أدبـي تـاريخي يضيف الكـثير في الذاكـرة الوطنية، إذ مـن خلال هذا الكـيان عـبر منه الكثير مـن القـامات الأدبية الابداعـية ، ممــن كـان لهـم فضـل الريـادة في تجـذير الأدب ومـواكـبة الحـركة الثقـافية في الخليج والعـالم العربي".

وأشار المرزوقي إلى أن الأسرة بتحـديات ومحطـات مختلـفة، استطـاعت مـن خلالها الصمـود وعـدم الانكـفاء، فكـان شغلها الشــاغل هـو تجـديد الخطـاب المعـرفي وتمـثل الحـداثـة في المخيل الابــداعي الشــعري والســردي والنقـدي.

وأكد أن لحظـات الاحــتفاء التي عـاشتها أسـرة الأدباء هـو احتفـاء بالكلمـة، احــتفاء بهـذا الإرث المعـرفي، احتفـاء بأولئك المبدعـين الذين حملـوا على عـاتقهـم همـوم الوعـي وبنـاء الإنسـان البحريني.

وأردف:"لعـل هـذا الاحتفـال يـرمز إلـى دلالات وقـيم إنسـانية وهـي تذكـر مـن كان له نصـيب التــأسيس لهـذا الكيان وقـد رحـل بجسـده فظلت ذكـراه حـاضرة في الوجـدان، وإسـداء الفضـل لمـن كـان لـبنـة في بنـاء واستمرار أسـرة العطـاء والأبـــداع، كمـا أن لهـذا الاحتفال دلالـة لجيـل الشـباب وهي أن القـراءة والاطـلاع علـى الثقـافات الأخـرى واسـتمرار الجهـد والعطـاء لا محـالـة فإنهـم سيصلـون إلى المـئوية بإذن الله بإشـراقة جميلـة".