مريم بوجيري

أقرت لجنة الخدمات بمجلس الشورى، مشروعاً بقانون يحمل العامل الأجنبي نفقات ترحيلة في حالة مخالفته لشروط تصريح العمل، باعتبار أن تحمل صاحب العمل نفقات إعادة العامل الأجنبي في كل الأحوال بما في ذلك حالة قيام العامل بترك العمل بالمخالفة لشروط تصريح العمل الصادر بشأنه يعد أمراً غير منطقي.

وكانت هيئة تنظيم سوق العمل، أشارت إلى صعوبة تطبيق مشروع القانون على أرض الواقع، حيث إنه في حال القبض على العامل المخالف وصدور قرار من المحكمة بتوقيفه لمدة 10 أيام ومن ثم الإبعاد، فمن الصعوبة استمرار حبسه لمدة تزيد على المدة التي قضت بها المحكمة، وبناءً على ذلك فلن تتمكن الهيئة من تنفيذ حكم المحكمة بالإبعاد وذلك لعدم توفر المبالغ الكافية لذلك، وفي ذات الوقت لن تتمكن الهيئة من ترك العامل في البلد كونه مخالفـاً ولا يملك إقامة سارية.

أما فيما يتعلق بالحسابات البنكية للعمالة التاركة للعمل، فأكد ممثلو الهيئة أن العامل الأجنبي وإن كان يملك حسابـاً بنكيـاً، فإن الوصول إلى ذلك الحساب يتطلب الحصول على حكم قضائي من المحكمة، وإن تاركي العمل بالمخالفة لشروط التصريح في مملكة البحرين يصل عددهم إلى أقل من 2500 عامل، بما يعادل 0.4% من تعداد العمالة في المملكة، وأن تلك العمالة في غالبية الأحوال ذات أجور متدنية وليس لديها حسابات بنكية، لذلك لا يمكن الحجز عليها إلا بحكم قضائي من المحكمة، وأن عدم توافر المال سوف يؤدي إلى بقاء العامل الأجنبي بالمملكة بشكل مخالف للقانون.

من جانبها، رأت لجنة حقوق الإنسان أنه من غير المنطقي أن يتحمل صاحب العمل نفقات إعادة العامل الأجنبي إلى بلاده بسبب قيام هذا العامل بترك العمل بإرادته ودون سبب مشروع؛ نظراً لعدم مسؤولية صاحب العمل عن هروب العامل الذي يترك العمل رغم إرادة صاحب العمل، وما سيلحقه من أضرار بنشاطه التجاري نتيجة هروب العامل الأجنبي.

وعليه من الضروري أن يتحمل العامل الهارب مسؤولية تركه العمل بشكل غير مشروع ومخالف لشروط تصريح العمل دون تحميل صاحب العمل أي آثار لهذا الفعل السلبي وغير المشروع الصادر عن العامل.

فيما رأت اللجنة أن مشروع القانون يتماشى والمحافظة على حقوق المواطنين وكذلك حقوق العمال الأجانب عند احترامهم لنصوص العقود المبرمة بين الطرفين عند بدء العمل، انطلاقـاً من توقيع البحرين على الاتفاقيات والمعاهدات الإقليمية والدولية ذات الصلة، وخصوصـاً ما يتعلق منها بتوفير بيئة العمل السليمة وضمان تعزيز الحقوق والمكتسبات بالنسبة لصاحب العمل والعامل في سوق العمل بما يحقق مصالح جميع أطراف العمل الثلاثة، واقترحت اللجنة البحث عن آلية أخرى تحفظ حقوق الجميع، وذلك من خلال مظلة تأمينية يدفعها العامل عند التحاقه بالعمل.

فيما أكدّت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان أن تنظيم إجراء من يتحمل نفقات ترحيل العامل الأجنبي الذي يترك عمله مخالفـاً لشروط تصريح العمل الصادر بشأنه، من المسائل الخاضعة لاتفاق أطراف عقد العمل، بناءً على قاعدة "العقد شريعة المتعاقدين".

وفي الأحوال التي لم يتم النص عليها، فإنه يلزم طبقـاً لقواعد المساواة وتحقيق التوازن بين أطراف العقد، أن يكون الطرف المخل بالتزاماته هو المسؤول عن تحمل تلك النفقات، على أن تتولى الجهة المعنية إيجاد آلية تضمن تحقيق ذلك.

وأضافت المؤسسة، أن التعديل الوارد في مشروع القانون وفقـاً لما انتهى إليه قرار مجلس النواب، ليس له أي تأثير أو مساس بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وفقـاً لما قررته أحكام الدستور والصكوك والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان.

فيما أوصت جمعية حماية العمال الوافدين بأهمية إعلام موظفي مراكز الشرطة بضرورة استكمال التقارير المعدة من قبلهم عن العمال الذين يأتون إلى تلك المراكز، مع الحرص على معرفة أسباب تركهم للعمل، وضرورة وضع آلية وطنية لرصد إساءة المعاملة في مكان العمل والاتجار من خلال مركز حماية العمالة الوافدة التابع لهيئة تنظيم سوق العمل.

كما يجب أن يقوم العمال الوافدون بدفع رسوم تأمينية مقدارها "5 دنانير" لدى وصولهم، على أن يتم حفظ تلك المبالغ في صندوقٍ وطنيٍ يتم الاستفادة منه لدفع تكاليف تذاكر العودة للعمال الهاربين أو إعادة رفاتهم في حالة الوفاة.

فيما اعتبرت اللجنة، أن تحمل العامل المخالف لنفقات عودته يخفف من الأضرار التي تلحق بصاحب العمل والتي تشمل خسارته لنفقات استقدام العامل وتدريبه وتوفير بديل له، فضلاً عن الخسائر التي لحقت بالعمل نتيجة نقص الأيدي العاملة والتأثير على إنتاجية المشروع وأرباحه.

كما إن مراعاة هذه الاعتبارات الاقتصادية تسهم في تحقيق نوع من التوازن في العلاقات العقدية بين العامل وصاحب العمل، وهو ما يساهم في تحقيق أهداف المادة (13/د) من الدستور البحريني والتي تنص على أن "ينظم القانون، على أسس اقتصادية مع مراعاة قواعد العدالة الاجتماعية، العلاقة بين العمال وأصحاب الأعمال"، وكذلك يتفق مع أهداف ميثاق العمل الوطني الذي أكد صراحةً على مراعاة توازن العقود وضرورة قيامها على أسس اقتصادية وعلى أساس العدالة الاجتماعية بحيث تكفل التوازن بين كل من أطراف الإنتاج والعلاقات التعاقدية.