في رحلة البحث عن الحقيقة، بينما ما هو واقع وما هو وهم، والتي قضيت فيها مجموعة من التأملات الجادة لأكثر من أسبوع قبل كتابة هذه السلسلة من المقالات، لعل ثمة إجابة قدمها لي القدر على هيئة سوء الصدف، عندما توفى لي مطلع الأسبوع الفائت قريب عزيز، بموت فجأة في عمر يسبق أعمار أمة محمد، وإني إذ أحمد الله على ما ذاع له من صيت طيب وسمعة مشرفة، أقف على تكرار موت الفجأة الذي لم يكن الحادثة الأولى في محيطي العائلي -رحمهم الله جميعاً- ما أود قوله هنا، تلك التأملات المصاحبة لظرف الوفاة.
عندما يصلك خبر وفاة عزيز على نحو مفاجئ لم يمهد له مرض، تصاب بحالة غريبة جداً، حالة تكذيبك للخبر وعدم تصديقه، أو لنقل عدم استيعابه من الأساس، تتصرف في بادىء الأمر ببرود شديد وتهدأ روع من حولك وكأنك لم تتأثر، لكنك في الحقيقة لم تستوعب..!! في مثل حالتي، استيعابي لتلك الصدمات بطيء جداً، وقد يستغرق يومين أو أكثر، أحضر فيها مجالس العزاء وأواسي الآخرين من دون تفاعل شعوري إزاء الخبر، بل اني آخذ دور الجمهور على مسرح العزاء، فأراقب مشاهد الجهش بالبكاء، واحتضان الناس بعضهم لبعض، وحالات الإغماء الروتينية في العائلة، والصراخ والعويل. كل ذلك أراقبه بقلب بارد، أو بعقل معطل. ثم بعد أن ينفضّ مجلس العزاء وتستقر قلوب من حولي أبدأ باستيعاب الأمر، وأكتشف أنه حقيقي، وأن ثمة فرد من عائلتي قد رحل حقاً، فأبدأ فصول البكاء والانهيار في وقت غير متوقع بعدما تبدّا لمن حولي كم أنها فتاة صلبة أو ربما «عديمة الإحساس»..!!
ما أحكيه ليس مناسبة عزاء درامية، بل حقيقة شعورية غريبة، ربما يجد لها علماء النفس تفسيراً -لم أبحث في الأمر حقيقةً- ولكنها تضعك أيضاً بمواجهة مع إدراكك حول إذا ما كان خبراً كهذا حقيقياً أو كاذباً، ثم تراجع ذكرياتك المنطبعة في ذهنك مع هذا الشخص وتصوراتك عنه ومشاعرك تجاهه، فتتساءل إذا كان ذلك كان حقيقياً مرحلياً وانتهى، أم أنه لم يكن له وجود من الأساس إلاّ في العقل الجمعي المحيط، ثم تكاد لا تقبل تلك الفكرة لأنك تنطلق منها لتساؤلات حول حقيقة ذاتك، في صراع عميق لمفهومي الروح والجسد، ومحاولات معقدة لفهم ما قد يكون عليه الجسم الأثيري الذي تتناوله أفلام علمية عدة وكتابات متفرقة. وما أن تصل للشك في حقيقة وجودك الحالي أو أنه قد يكون شكلاً من العرض لأحداث زمنية عشتها في مكان وزمان آخر وتلتقطها ذاكرتك فقط، تكون قد أوشكت فعلاً أن تجن.
* اختلاج النبض:
إن الوجود المادي للأجساد قد لا يعني بالضرورة أن الحياة برمتها حقيقية، وربما تكون هي مجرد عرض تصويري لأحداث لا تشكل سوى شريحة من الزمان، في لعبة الزمكان المعقدة، وبالإشارة إلى الزمن بمفهومه الكوني المطلق المغاير تماماً لما هو عليه في الحياة الدنيا التي نعيشها ونبني مقاييسنا على أساسها.
عندما يصلك خبر وفاة عزيز على نحو مفاجئ لم يمهد له مرض، تصاب بحالة غريبة جداً، حالة تكذيبك للخبر وعدم تصديقه، أو لنقل عدم استيعابه من الأساس، تتصرف في بادىء الأمر ببرود شديد وتهدأ روع من حولك وكأنك لم تتأثر، لكنك في الحقيقة لم تستوعب..!! في مثل حالتي، استيعابي لتلك الصدمات بطيء جداً، وقد يستغرق يومين أو أكثر، أحضر فيها مجالس العزاء وأواسي الآخرين من دون تفاعل شعوري إزاء الخبر، بل اني آخذ دور الجمهور على مسرح العزاء، فأراقب مشاهد الجهش بالبكاء، واحتضان الناس بعضهم لبعض، وحالات الإغماء الروتينية في العائلة، والصراخ والعويل. كل ذلك أراقبه بقلب بارد، أو بعقل معطل. ثم بعد أن ينفضّ مجلس العزاء وتستقر قلوب من حولي أبدأ باستيعاب الأمر، وأكتشف أنه حقيقي، وأن ثمة فرد من عائلتي قد رحل حقاً، فأبدأ فصول البكاء والانهيار في وقت غير متوقع بعدما تبدّا لمن حولي كم أنها فتاة صلبة أو ربما «عديمة الإحساس»..!!
ما أحكيه ليس مناسبة عزاء درامية، بل حقيقة شعورية غريبة، ربما يجد لها علماء النفس تفسيراً -لم أبحث في الأمر حقيقةً- ولكنها تضعك أيضاً بمواجهة مع إدراكك حول إذا ما كان خبراً كهذا حقيقياً أو كاذباً، ثم تراجع ذكرياتك المنطبعة في ذهنك مع هذا الشخص وتصوراتك عنه ومشاعرك تجاهه، فتتساءل إذا كان ذلك كان حقيقياً مرحلياً وانتهى، أم أنه لم يكن له وجود من الأساس إلاّ في العقل الجمعي المحيط، ثم تكاد لا تقبل تلك الفكرة لأنك تنطلق منها لتساؤلات حول حقيقة ذاتك، في صراع عميق لمفهومي الروح والجسد، ومحاولات معقدة لفهم ما قد يكون عليه الجسم الأثيري الذي تتناوله أفلام علمية عدة وكتابات متفرقة. وما أن تصل للشك في حقيقة وجودك الحالي أو أنه قد يكون شكلاً من العرض لأحداث زمنية عشتها في مكان وزمان آخر وتلتقطها ذاكرتك فقط، تكون قد أوشكت فعلاً أن تجن.
* اختلاج النبض:
إن الوجود المادي للأجساد قد لا يعني بالضرورة أن الحياة برمتها حقيقية، وربما تكون هي مجرد عرض تصويري لأحداث لا تشكل سوى شريحة من الزمان، في لعبة الزمكان المعقدة، وبالإشارة إلى الزمن بمفهومه الكوني المطلق المغاير تماماً لما هو عليه في الحياة الدنيا التي نعيشها ونبني مقاييسنا على أساسها.