عندما أصادف نوعاً من المثقفين والمتعلمين وربما في مستوى أعلى بعض العلماء، وأجد أن للبعض منهم -رغم انتماءاتهم الدينية المختلفة- يعبرون عن أفكار إلحادية أو يطرحون أسئلة تناقض مبادئ ومفاهيم الإيمان أقف مراجعة أفكار الأولين وآرائهم بشأن العلم والتعلم، وأذكر كيف كنا نستمع إلى جداتنا وأجدادنا وهم يحكون قصص دخول التعليم إلى دولنا وكيف تعاطى معه الناس في البداية واعتبروه منكراً وتمرداً على الدين باعتبار أن ما من علم غير ما كان يقدمه «المطوع» في ذاك الزمان، وأن في التعليم كفر.. عندما أراجع موقف الأولين من التعليم وأقارنه بحال بعض هؤلاء المتعلمين الملحدين أتساءل أحياناً إن كان أجدادنا محقين بأن التعلم مفسدة للبشر.
بالتأكيد أنا لا أشجع على الجهل ولا ألمح لأي مكسب يمكن أن يتحقق من ورائه، فالجهل ظلمات لا خلاف عليها، ولكني أقصد أن مخاوف هؤلاء الأجداد قد تحققت بطريقة أو بأخرى، ولن أخوض في الأمور الفلسفية أو تلك المتعلقة بالرسائل التي تبعث إلى الكون من خلال الأفكار والأقوال والأفعال، فتلك مسألة محل جدل لدى كثير من العلماء أيضاً لعدم وجود إثباتات فيزيائية أو كيميائية على بعضها أو على تفصيلات وتفسيرات معينة داخلها. ولكي لا نخرج من موضوعنا الأصلي، فإني أردت مناقشة علاقة العلم بالإيمان من عدمه، وقد لاحظنا بعضاً من الملحدين من العلماء يميلون إلى أن الكون قد خلق بصدفة محضة وإن كان ذلك تفسيراً غير منطقي بالنسبة لكثير آخرين. من ناحية أخرى نجد الآية القرآنية الكريمة 28 من سورة فاطر جاء في نصها «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ...» أي أن العلماء أكثر المؤمنين/الخلق خشية لله.
بين هذا وذاك نتساءل عمّا يقود إليه العلم، فهل التمكين العلمي ودقة التوازنات في الكون تعني أن ثمة نظاماً كونياً قائم بذاته فما من إله أو ما من حاجة لإله يدبر أمور الكون من الأساس، أم أن التمكين العلمي يقود إلى قوة الإيمان بالله باعتبار أن نظاماً بهذا الدقة يستحيل أن يكون صدفة كونية تتكرر في نماذج مختلفة داخل موجودات الكون بحسابات ونظام مماثل. وقد لفتني في ذلك ما هو أقرب إلى الآية الكريمة، ما جاء في رسالة كتبها العالم آينشتاين عام 1936، رداً على سؤال بعثت به طفلة صغيرة إليه، إذ سألت: «هل يصلّي العلماء؟ .. وقد بدأ بالسؤال إن كان بإمكاننا الإيمان بالعلم والدين معاً». أما آينشتاين فقد كان جوابه طويلاً أختصره بأنه لم يؤيد الصلاة لاعتقاد العلماء بأن مسار الأحداث لا يمكن أن يتأثر بالصلاة، أو أن تتجلى الرغبة والأمنية بشكل خارق، وهو ما قد يختلف معه كثير من علماء الطاقة اليوم والمؤمنين بقانون الجذب بمنظور روحي أو عقائدي على السواء.
الجانب الآخر من جوابه، لم ينكر فيه آينشتاين مسألة الإيمان، ما قد يعيدنا إلى المربع الأول بشأن أن الإيمان قد يترتب عليه أداء عبادات وقد قصر فيها العلماء تكبراً وتعالياً، وأقف هنا عند قوله «لا بد لنا من الاعتراف بأن معرفتنا الفعلية بهذه القوى وقوانين الطبيعة غير متكاملة، وبالتالي فإن الاعتقاد بوجود روح نهائية يعتمد على نوع من الإيمان... وأن بعضاً من تلك الروح يتجلى في فوانين الكون، روح بمفهوم آخر يفوق مفهوم الروح المعهود عند الإنسان... السعي وراء العلم يقود بنا إلى شعور ديني من نوع خاص».
* اختلاج النبض:
لم ينكر آينشتاين وعلماء آخرون مفهوم الإيمان أو دواعيه بطريقة ما، وإن تعالوا عليه أحياناً، ولكن برأيي أن أغلب الملحدين ممن نفوا الإيمان والتدين برمته إنما كانوا من حديثي التبصر في موجودات الكون والمبهورين بالعلم إلى حد أعمى فيه بريقه عمّا يكتنزه من أسرار أعمق.
بالتأكيد أنا لا أشجع على الجهل ولا ألمح لأي مكسب يمكن أن يتحقق من ورائه، فالجهل ظلمات لا خلاف عليها، ولكني أقصد أن مخاوف هؤلاء الأجداد قد تحققت بطريقة أو بأخرى، ولن أخوض في الأمور الفلسفية أو تلك المتعلقة بالرسائل التي تبعث إلى الكون من خلال الأفكار والأقوال والأفعال، فتلك مسألة محل جدل لدى كثير من العلماء أيضاً لعدم وجود إثباتات فيزيائية أو كيميائية على بعضها أو على تفصيلات وتفسيرات معينة داخلها. ولكي لا نخرج من موضوعنا الأصلي، فإني أردت مناقشة علاقة العلم بالإيمان من عدمه، وقد لاحظنا بعضاً من الملحدين من العلماء يميلون إلى أن الكون قد خلق بصدفة محضة وإن كان ذلك تفسيراً غير منطقي بالنسبة لكثير آخرين. من ناحية أخرى نجد الآية القرآنية الكريمة 28 من سورة فاطر جاء في نصها «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ...» أي أن العلماء أكثر المؤمنين/الخلق خشية لله.
بين هذا وذاك نتساءل عمّا يقود إليه العلم، فهل التمكين العلمي ودقة التوازنات في الكون تعني أن ثمة نظاماً كونياً قائم بذاته فما من إله أو ما من حاجة لإله يدبر أمور الكون من الأساس، أم أن التمكين العلمي يقود إلى قوة الإيمان بالله باعتبار أن نظاماً بهذا الدقة يستحيل أن يكون صدفة كونية تتكرر في نماذج مختلفة داخل موجودات الكون بحسابات ونظام مماثل. وقد لفتني في ذلك ما هو أقرب إلى الآية الكريمة، ما جاء في رسالة كتبها العالم آينشتاين عام 1936، رداً على سؤال بعثت به طفلة صغيرة إليه، إذ سألت: «هل يصلّي العلماء؟ .. وقد بدأ بالسؤال إن كان بإمكاننا الإيمان بالعلم والدين معاً». أما آينشتاين فقد كان جوابه طويلاً أختصره بأنه لم يؤيد الصلاة لاعتقاد العلماء بأن مسار الأحداث لا يمكن أن يتأثر بالصلاة، أو أن تتجلى الرغبة والأمنية بشكل خارق، وهو ما قد يختلف معه كثير من علماء الطاقة اليوم والمؤمنين بقانون الجذب بمنظور روحي أو عقائدي على السواء.
الجانب الآخر من جوابه، لم ينكر فيه آينشتاين مسألة الإيمان، ما قد يعيدنا إلى المربع الأول بشأن أن الإيمان قد يترتب عليه أداء عبادات وقد قصر فيها العلماء تكبراً وتعالياً، وأقف هنا عند قوله «لا بد لنا من الاعتراف بأن معرفتنا الفعلية بهذه القوى وقوانين الطبيعة غير متكاملة، وبالتالي فإن الاعتقاد بوجود روح نهائية يعتمد على نوع من الإيمان... وأن بعضاً من تلك الروح يتجلى في فوانين الكون، روح بمفهوم آخر يفوق مفهوم الروح المعهود عند الإنسان... السعي وراء العلم يقود بنا إلى شعور ديني من نوع خاص».
* اختلاج النبض:
لم ينكر آينشتاين وعلماء آخرون مفهوم الإيمان أو دواعيه بطريقة ما، وإن تعالوا عليه أحياناً، ولكن برأيي أن أغلب الملحدين ممن نفوا الإيمان والتدين برمته إنما كانوا من حديثي التبصر في موجودات الكون والمبهورين بالعلم إلى حد أعمى فيه بريقه عمّا يكتنزه من أسرار أعمق.