تناولنا في المقال السابق المفهوم العام للدعوى الإدارية وخصائصها وستناول في هذا المقال تصنيف الدعاوى الإدارية.
يقصد بتصنيف الدعاوى الإدارية تحديد تقسيماتها في وعاء واحد بحيث تجمع الدعاوى المشابهة التي تنطبق عليها أحكام كلية واحدة وقد صنفت الى تصنيفات متعددة يرتبط كل منها بمعيار محدد فمنها تصنيف يقوم على سلطة القاضي وهو التصنيف التقليدي، وتصنيف بحسب نوع الدعوى وهو التصنيف الحديث والتصنيف المختلط الذي يقوم على المزج بين سلطات القاضي وموضوع الدعوى إضافة إلى التصنيف العلمي والتصنيف القضائي والتصنيف القانوني.
يعد التصنيف التقليدي أو الشكلي من أقدم التصنيفات، حيث قرر فقهاء هذا التصنيف أن السلطات التي تتمتع بها المحاكم الإدارية ليس لها ذات الطبيعة وذات المدى فهي مختلفة ومتباينة وسلطة القاضي فيها متباينة ومتغيرة حسب الأحوال والظروف المتعلقة بكل دعوى.
وعلى ذلك، فإن التصنيف يقوم على مدى السلطة الممنوحة للقاضي الإداري في نظر الدعوى والفصل فيها ووفقاً لهذا التصنيف تقسم الدعاوى الإدارية إلى دعاوى القضاء الكامل وهي التي تكون فيها سلطات القاضي واسعة ولا تتوقف عند إلغاء القرارات الإدارية وإنما يكون له السلطة الكاملة في اتخاذ ما يراه مناسباً بخصوص المنازعة المعروضة أمامه.
ومن أهم دعاوى هذا النوع، دعاوى العقود والمسؤولية التعاقدية والطعون الضريبية والانتخابية، والنوع الثاني دعاوى الإلغاء وهي الدعاوى التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن على القرارات الإدارية المعيبة، وهي التي تمثل الضمان الرئيس لحماية حقوق ومصالح الأفراد في مواجهة الإدارة وأداة لالتزام الجهات الحكومية باحترام القوانين وتتقيد سلطة القاضي فيه بإلغاء القرار الإداري دون تعديله.
أما النوع الثالث فهي دعاوى التفسير وفحص المشروعية وهي التي يقيمها المدعي بغرض معرفة التفسير السليم لقرار إداري معين أو فحص مشروعية القرار من عدمه، وبالتالي فإن سلطة القاضي تكون تحديد مدى مشروعية القرار الإداري دون إلغائه وترفع مثل هذه الدعاوى بطريق الادعاء المباشر أمام المحاكم الإدارية أو من خلال الإحالة بإقامة الدعوى أمام القضاء العادي فيثار فيها التفسير فتحال إلى القاضي الإداري.
أما التصنيف الحديث فهو الذي يقوم على طبيعة الدعوى دون النظر إلى سلطة القاضي وتقسم فيه الدعوى إلى نوعين الدعاوى الموضوعية التي تتعلق بالمراكز الموضوعية والمتمثلة في حماية المشروعية وتصحيح وضع عام موضوعي وتقام مثل هذه الدعاوى بسبب مخالفة الإدارة للقواعد القانونية، أما النوع الثاني فهي الدعوى الشخصية المرتبطة بالمراكز القانونية الشخصية أو الناتجة عن حقوق ذاتية فردية ومن أمثلتها دعاوى العقود الإدارية بين المتعاقد وجهة الإدارة.
ويقوم التصنيف المختلط على المزج بين التصنيف التقليدي والحديث وفيه تقسم الدعوى إلى نوعين الدعاوى التي تتعلق بمشروعية القرارات الإدارية وتشمل الدعاوى التفسيرية للقرارات الإدارية ومدى اتفاقها مع القواعد القانونية ودعاوى إلغاء القرارات الإدارية غير المشروعة ودعاوى الزجر والعقاب، والنوع الثاني دعاوى منازعات الحقوق وهي التي يكون للقاضي فيها سلطة واسعة وكاملة وتتعلق بحماية الحقوق لا سيما الحقوق التعاقدية وحق التعويض في حالة المسؤولية التقصيرية.
ويحقق تقسيم الدعاوى الإدارية أهمية كبرى وتظهر هذه الأهمية من ناحتين الناحية الأولى شروط قبول الدعوى، فالتقسيم يبرر عدم التشدد في شروط قبول الدعوى في القضاء الموضوعي لأنها تتعلق بالموضوعية، فيكفي فيها أن تكون للمدعي مصلحة شخصية ومباشرة.
أما القضاء الشخصي فإن موضوع الدعوى يتعلق بالدفاع عن مصلحة شخصية ومن ثم يشترط لقبول الدعوى إثبات الاعتداء على الحق، والناحية الثانية من ناحية حجية الحكم، ففي مجال القضاء الموضوعي تعتبر الحجية مطلقة وتكون نسبية في مجال القضاء الشخصي.
وسنستكمل معكم ما تبقى من تصنيفات الدعاوى الإدارية في المقال القادم بإذن الله.
بندر بن شمال الدوسري
يقصد بتصنيف الدعاوى الإدارية تحديد تقسيماتها في وعاء واحد بحيث تجمع الدعاوى المشابهة التي تنطبق عليها أحكام كلية واحدة وقد صنفت الى تصنيفات متعددة يرتبط كل منها بمعيار محدد فمنها تصنيف يقوم على سلطة القاضي وهو التصنيف التقليدي، وتصنيف بحسب نوع الدعوى وهو التصنيف الحديث والتصنيف المختلط الذي يقوم على المزج بين سلطات القاضي وموضوع الدعوى إضافة إلى التصنيف العلمي والتصنيف القضائي والتصنيف القانوني.
يعد التصنيف التقليدي أو الشكلي من أقدم التصنيفات، حيث قرر فقهاء هذا التصنيف أن السلطات التي تتمتع بها المحاكم الإدارية ليس لها ذات الطبيعة وذات المدى فهي مختلفة ومتباينة وسلطة القاضي فيها متباينة ومتغيرة حسب الأحوال والظروف المتعلقة بكل دعوى.
وعلى ذلك، فإن التصنيف يقوم على مدى السلطة الممنوحة للقاضي الإداري في نظر الدعوى والفصل فيها ووفقاً لهذا التصنيف تقسم الدعاوى الإدارية إلى دعاوى القضاء الكامل وهي التي تكون فيها سلطات القاضي واسعة ولا تتوقف عند إلغاء القرارات الإدارية وإنما يكون له السلطة الكاملة في اتخاذ ما يراه مناسباً بخصوص المنازعة المعروضة أمامه.
ومن أهم دعاوى هذا النوع، دعاوى العقود والمسؤولية التعاقدية والطعون الضريبية والانتخابية، والنوع الثاني دعاوى الإلغاء وهي الدعاوى التي يقدمها ذوو الشأن بالطعن على القرارات الإدارية المعيبة، وهي التي تمثل الضمان الرئيس لحماية حقوق ومصالح الأفراد في مواجهة الإدارة وأداة لالتزام الجهات الحكومية باحترام القوانين وتتقيد سلطة القاضي فيه بإلغاء القرار الإداري دون تعديله.
أما النوع الثالث فهي دعاوى التفسير وفحص المشروعية وهي التي يقيمها المدعي بغرض معرفة التفسير السليم لقرار إداري معين أو فحص مشروعية القرار من عدمه، وبالتالي فإن سلطة القاضي تكون تحديد مدى مشروعية القرار الإداري دون إلغائه وترفع مثل هذه الدعاوى بطريق الادعاء المباشر أمام المحاكم الإدارية أو من خلال الإحالة بإقامة الدعوى أمام القضاء العادي فيثار فيها التفسير فتحال إلى القاضي الإداري.
أما التصنيف الحديث فهو الذي يقوم على طبيعة الدعوى دون النظر إلى سلطة القاضي وتقسم فيه الدعوى إلى نوعين الدعاوى الموضوعية التي تتعلق بالمراكز الموضوعية والمتمثلة في حماية المشروعية وتصحيح وضع عام موضوعي وتقام مثل هذه الدعاوى بسبب مخالفة الإدارة للقواعد القانونية، أما النوع الثاني فهي الدعوى الشخصية المرتبطة بالمراكز القانونية الشخصية أو الناتجة عن حقوق ذاتية فردية ومن أمثلتها دعاوى العقود الإدارية بين المتعاقد وجهة الإدارة.
ويقوم التصنيف المختلط على المزج بين التصنيف التقليدي والحديث وفيه تقسم الدعوى إلى نوعين الدعاوى التي تتعلق بمشروعية القرارات الإدارية وتشمل الدعاوى التفسيرية للقرارات الإدارية ومدى اتفاقها مع القواعد القانونية ودعاوى إلغاء القرارات الإدارية غير المشروعة ودعاوى الزجر والعقاب، والنوع الثاني دعاوى منازعات الحقوق وهي التي يكون للقاضي فيها سلطة واسعة وكاملة وتتعلق بحماية الحقوق لا سيما الحقوق التعاقدية وحق التعويض في حالة المسؤولية التقصيرية.
ويحقق تقسيم الدعاوى الإدارية أهمية كبرى وتظهر هذه الأهمية من ناحتين الناحية الأولى شروط قبول الدعوى، فالتقسيم يبرر عدم التشدد في شروط قبول الدعوى في القضاء الموضوعي لأنها تتعلق بالموضوعية، فيكفي فيها أن تكون للمدعي مصلحة شخصية ومباشرة.
أما القضاء الشخصي فإن موضوع الدعوى يتعلق بالدفاع عن مصلحة شخصية ومن ثم يشترط لقبول الدعوى إثبات الاعتداء على الحق، والناحية الثانية من ناحية حجية الحكم، ففي مجال القضاء الموضوعي تعتبر الحجية مطلقة وتكون نسبية في مجال القضاء الشخصي.
وسنستكمل معكم ما تبقى من تصنيفات الدعاوى الإدارية في المقال القادم بإذن الله.
بندر بن شمال الدوسري