أحمد عطا
انتهى سوق الانتقالات الشتوية بعدة صفقات كبيرة أجرتها الأندية وبعدة تساؤلات حول كم الثغرات التي تم سدها في الأندية الكبرى عقب 31 يوماً من المفاوضات والمناقشات.
وإن استثنينا صفقة برونو فيرنانديز، فإنه لا توجد صفقات باهظة الثمن قد تم إجراؤها في هذه السوق لكن كيف حدث هذا؟
***
المتاح أغلبه غير جيد
سوق الانتقالات الشتوية تختلف كلية عن الصيفية .. المتاح ليس كثيراً سواء في العدد أو في الجودة .. لا أحد يريد الاستغناء عن لاعبيه البارزين في منتصف الموسم خاصة وأن النادي البائع بدوره يدرك أن استقدام بديل لن يكون بسهولة.
ولأن أغلب رغبات الأندية في السوق الشتوية تتعلق بسد ثغرات في التشكيلة الأساسية فإنه لا تريد على الأرجح سوى لاعب جاهز يؤدي بقوة في ناديه ومستعد لينضم للتشكيلة الأساسية مباشرة أما مسألة عمق التشكيلة وما شابه فإنه يحدث غالباً في الصيف حيث هناك متسع لمثل هذه الأمور.
***
رغبة اللاعبين
الكثير من اللاعبين لا يفضلون مسألة الرحيل في الشتاء، ولديهم أسباب منطقية جداً خاصة عندما يحل ميعاد حدث كبير في الصيف التالي.
هذا الصيف سنكون على موعد مع يورو 2020، وكذلك نسخة جديدة من كوبا أمريكا وفي مثل هذه الأوقات لا يريد أي لاعب في أي منتخب أن يخاطر بفرصته في حالة رحيله إلى نادٍ آخر واحتياجه لبعض الوقت للتأقلم ومن ثم يكون عرضة لانخفاض مستواه.
***
الاحتياج كبير وبالتالي الاستغلال كبير
في ظل النقص في عدد اللاعبين المعروضين فإن الطلب يزداد على عدد أقل، ومن ثم يرتفع سعر اللاعب مباشرة خاصة وأنه بالعودة للسبب الأول فإن أغلب الأندية لا تريد أصلاً رحيل لاعبيها البارزين إلا في حالة وجود عرضٍ مغرٍ جداً يجعلها تخاطر بالاستغناء عن لاعبها، وتركها تصارع أمواج أهدافها المتنوعة بدءاً من القتال على الألقاب وحتى تفادي الهبوط.
اللعب المالي النظيف زاد من الإعارات، والإعارات لا تناسب الأندية البائعة في الشتاء.
ولأن الأسعار أكثر ارتفاعاً عن المنطقي فإن أغلب الأندية تفضل استعارة اللاعبين خاصة مع دخولنا في زمن اللعب المالي النظيف، حيث كل نادٍ يقوم بحسبة واضحة لمصروفاته وإيراداته.
لا أحد يريد المخاطرة بتلك اليوروهات الثمينة في لاعبين قد تضطر للاستفادة فعليًا منهم في الموسم التالي .. لا أحد يريد المخاطرة بتلك اليوروهات الثمينة في الشتاء بينما في الصيف يكون المتاح أكثر والمفاوضات أكثر سهولة ودفع نفس المبلغ من اليوروهات قد يأتي لك بمبلغ أكبر في ظل احتياج النادي البائع لسيولة مالية هو الآخر لضم لاعبين آخرين.
وللتدليل على هذا الأمر فإن المدير الفني لمانشستر يونايتد أولي جونار سولشاير اعترف بأن دفع ناديه لمبلغ ضخم لشراء برونو فيرنانديز سيقلل من قوة ناديه الشرائية في الصيف المقبل.
لذلك تفضل تلك الأندية استعارة اللاعبين بحيث يمكنها تجربتها وفي نفس الوقت يمكنها توفير ميزانيتها للصيف، لكن هذا الأمر لا يناسب البائعين .. برشلونة على سبيل المثال عانى كثيراً لإقناع فالنسيا بالاستغناء عن نجمه رودريجو مورينو لكن ماذا يجبر الخفافيش على الاستغناء عن لاعبها مع إصرار البرسا على عدم وضع شرط إجبارية الشراء في نهاية الموسم؟
***
انخداع البعض بأداء جيد في الآونة الأخيرة
سبب آخر يمنع بعض الأندية من الانخراط أكثر في السوق الشتوية وهو التحسن النسبي في نتائجها قبل خوض غمار تلك السوق .. في بعض الأحيان يكون هذا التحسن خادعاً وتعود النتائج لما كانت عليه لكن بعد أن يكون القطار قد فات.
***
لغز تشيلسي
إلى هنا وتبدو تلك الأسباب منطقية لكل الأندية تقريباً فيما عدا تشيلسي الإنجليزي .. إذ لا يمكن تبرير ما حدث بعد أن عانى النادي من عقوبته بعدم إجراء صفقات صيفية بل واضطر للتخلي عن أهم لاعب في صفوفه إدين هازارد لكن النادي اللندني لم يجرِ أي صفقة الشتاء!
وقبل أن تتصور أن هذا الأمر قد خطط له من كل الأطراف في النادي الأزرق فإن فرانك لامبارد بدا غير راضٍ أبداً عن هذا الأمر في مؤتمر صحافي مؤخراً عندما وجه انتقاداً مبطناً لإدارة النادي.
لامبارد اعتبر أن وقوف ناديه ساكناً في السوق الشتوية بينما منافسيه المباشرين توتنهام ومانشستر يونايتد وشيفيلد يونايتد يجرون الصفقة تلو الأخرى بمثابة تحويل ناديه إلى فريق غير مرشح للفوز بالمركز الرابع رغم امتلاكه لفارق 6 نقاط بينه وبين أقرب مطارديه وقت تصريحاته.
لذلك تبدو حالة تشيلسي مستعصية على الفهم .. النادي لم يضم أي لاعب بينما تمسك ببقاء أوليفييه جيرو الراغب في الرحيل لأنه لم يجلب بديلاً والتفسير الوحيد الظاهري لهذا الأمر هو ما سبق وتحدثنا عنه من حيث قلة الخيارات الجيدة المتاحة، والتي ترفع من جودته إلا أن الاحتياج الشديد للنادي كان يفرض عليه التضحية بملايين إضافية لدعم خطوطه خاصة خط الدفاع الذي يعاني كثيراً.
***
إريكسن وهالاند
وإن كان تشيلسي هو لغز الأندية فإن كريستيان إريكسن وإيرلينج هالاند كانا حالة غريبة بعض الشيء على مستوى اللاعبين، فلاعب الوسط الدنماركي كان متاحاً للجميع مقابل 20 مليون يورو فقط إلا أنه رحل إلى الإنتر الذي ودع دوري الأبطال.
تفسير هذا الأمر ربما يكون بخصوص راتبه الذي قفز من 4 ملايين يورو مع توتنهام إلى 10 ملايين يورو التي كان الإنتر مستعداً لدفعها بينما أحجم آخرون عن ذلك رغم جودة اللاعب، كما أن ناديين مهتمين به مثل مانشستر يونايتد وريال مدريد قد ابتعدا عن الصفقة في ظل رغبة اليونايتد في ضم برونو فيرنانديز بشكل أكبر وكذلك توهج فيديريكو فالفيردي مع ريال مدريد والذي أنسى الجميع عدم إجراء الميرينجي لأي صفقة في هذا الخط صيفاً.
أما إيرلينج هالاند فإن الـ20 مليون يورو هي الأخرى كانت قادرة على جلبه فقد كانت قيمة الشرط الجزائي لفسخ عقده مع ريد بول لايبزج إلا أن المهاجم النرويجي اختار الرحيل لبروسيا دورتموند.
قد يبدو النادي الألماني اختياراً حكيماً جداً للمهاجم الصغير، وقد أتت الأمور ثمارها سريعاً في عدد الأهداف المذهل الذي سجله في مبارياته الأولى، إلا أنه على مستوى المهتمين لا يمكن تفسير تفويت الكثير من الأندية لفرصة القتال على اللاعب سوى أن وكيله هو مينو رايولا.
فمانشستر يونايتد على سبيل المثال لاقى الأمرّين مع بول بوجبا ووكيله ولن يكون بحاجة إلى المزيد من المسائل المستعصية مع الوكيل الشهير، كما أنه لا يبدو ريال مدريد متحمساً حتى الآن للتعامل مع الرجل، وهو ما كان تفسير الكثيرين لعدم محاولة ريال مدريد ضم بوجبا الصيف الماضي.
( الخلاصة ) .. السوق الشتوية تختلف كثيراً عن السوق الصيفية .. المعروض الجيد فيه قليل بينما تشعر الكثير من الأندية أن بمقدورها استكمال الموسم دون تدمير ميزانيتها ثم الندم على المتاح المميز في الصيف دون قدرة على شرائه مع تخوفات من قدرة تلك الصفقات الشتوية على الانسجام بسرعة أصلاً، ومن ثم يفضل كثيرون تأجيل كل شيء إلى وقت يستطيع فيه الجميع الاسترخاء والاستمتاع بمفاوضات صيفية طويلة وغير متعجلة.
انتهى سوق الانتقالات الشتوية بعدة صفقات كبيرة أجرتها الأندية وبعدة تساؤلات حول كم الثغرات التي تم سدها في الأندية الكبرى عقب 31 يوماً من المفاوضات والمناقشات.
وإن استثنينا صفقة برونو فيرنانديز، فإنه لا توجد صفقات باهظة الثمن قد تم إجراؤها في هذه السوق لكن كيف حدث هذا؟
***
المتاح أغلبه غير جيد
سوق الانتقالات الشتوية تختلف كلية عن الصيفية .. المتاح ليس كثيراً سواء في العدد أو في الجودة .. لا أحد يريد الاستغناء عن لاعبيه البارزين في منتصف الموسم خاصة وأن النادي البائع بدوره يدرك أن استقدام بديل لن يكون بسهولة.
ولأن أغلب رغبات الأندية في السوق الشتوية تتعلق بسد ثغرات في التشكيلة الأساسية فإنه لا تريد على الأرجح سوى لاعب جاهز يؤدي بقوة في ناديه ومستعد لينضم للتشكيلة الأساسية مباشرة أما مسألة عمق التشكيلة وما شابه فإنه يحدث غالباً في الصيف حيث هناك متسع لمثل هذه الأمور.
***
رغبة اللاعبين
الكثير من اللاعبين لا يفضلون مسألة الرحيل في الشتاء، ولديهم أسباب منطقية جداً خاصة عندما يحل ميعاد حدث كبير في الصيف التالي.
هذا الصيف سنكون على موعد مع يورو 2020، وكذلك نسخة جديدة من كوبا أمريكا وفي مثل هذه الأوقات لا يريد أي لاعب في أي منتخب أن يخاطر بفرصته في حالة رحيله إلى نادٍ آخر واحتياجه لبعض الوقت للتأقلم ومن ثم يكون عرضة لانخفاض مستواه.
***
الاحتياج كبير وبالتالي الاستغلال كبير
في ظل النقص في عدد اللاعبين المعروضين فإن الطلب يزداد على عدد أقل، ومن ثم يرتفع سعر اللاعب مباشرة خاصة وأنه بالعودة للسبب الأول فإن أغلب الأندية لا تريد أصلاً رحيل لاعبيها البارزين إلا في حالة وجود عرضٍ مغرٍ جداً يجعلها تخاطر بالاستغناء عن لاعبها، وتركها تصارع أمواج أهدافها المتنوعة بدءاً من القتال على الألقاب وحتى تفادي الهبوط.
اللعب المالي النظيف زاد من الإعارات، والإعارات لا تناسب الأندية البائعة في الشتاء.
ولأن الأسعار أكثر ارتفاعاً عن المنطقي فإن أغلب الأندية تفضل استعارة اللاعبين خاصة مع دخولنا في زمن اللعب المالي النظيف، حيث كل نادٍ يقوم بحسبة واضحة لمصروفاته وإيراداته.
لا أحد يريد المخاطرة بتلك اليوروهات الثمينة في لاعبين قد تضطر للاستفادة فعليًا منهم في الموسم التالي .. لا أحد يريد المخاطرة بتلك اليوروهات الثمينة في الشتاء بينما في الصيف يكون المتاح أكثر والمفاوضات أكثر سهولة ودفع نفس المبلغ من اليوروهات قد يأتي لك بمبلغ أكبر في ظل احتياج النادي البائع لسيولة مالية هو الآخر لضم لاعبين آخرين.
وللتدليل على هذا الأمر فإن المدير الفني لمانشستر يونايتد أولي جونار سولشاير اعترف بأن دفع ناديه لمبلغ ضخم لشراء برونو فيرنانديز سيقلل من قوة ناديه الشرائية في الصيف المقبل.
لذلك تفضل تلك الأندية استعارة اللاعبين بحيث يمكنها تجربتها وفي نفس الوقت يمكنها توفير ميزانيتها للصيف، لكن هذا الأمر لا يناسب البائعين .. برشلونة على سبيل المثال عانى كثيراً لإقناع فالنسيا بالاستغناء عن نجمه رودريجو مورينو لكن ماذا يجبر الخفافيش على الاستغناء عن لاعبها مع إصرار البرسا على عدم وضع شرط إجبارية الشراء في نهاية الموسم؟
***
انخداع البعض بأداء جيد في الآونة الأخيرة
سبب آخر يمنع بعض الأندية من الانخراط أكثر في السوق الشتوية وهو التحسن النسبي في نتائجها قبل خوض غمار تلك السوق .. في بعض الأحيان يكون هذا التحسن خادعاً وتعود النتائج لما كانت عليه لكن بعد أن يكون القطار قد فات.
***
لغز تشيلسي
إلى هنا وتبدو تلك الأسباب منطقية لكل الأندية تقريباً فيما عدا تشيلسي الإنجليزي .. إذ لا يمكن تبرير ما حدث بعد أن عانى النادي من عقوبته بعدم إجراء صفقات صيفية بل واضطر للتخلي عن أهم لاعب في صفوفه إدين هازارد لكن النادي اللندني لم يجرِ أي صفقة الشتاء!
وقبل أن تتصور أن هذا الأمر قد خطط له من كل الأطراف في النادي الأزرق فإن فرانك لامبارد بدا غير راضٍ أبداً عن هذا الأمر في مؤتمر صحافي مؤخراً عندما وجه انتقاداً مبطناً لإدارة النادي.
لامبارد اعتبر أن وقوف ناديه ساكناً في السوق الشتوية بينما منافسيه المباشرين توتنهام ومانشستر يونايتد وشيفيلد يونايتد يجرون الصفقة تلو الأخرى بمثابة تحويل ناديه إلى فريق غير مرشح للفوز بالمركز الرابع رغم امتلاكه لفارق 6 نقاط بينه وبين أقرب مطارديه وقت تصريحاته.
لذلك تبدو حالة تشيلسي مستعصية على الفهم .. النادي لم يضم أي لاعب بينما تمسك ببقاء أوليفييه جيرو الراغب في الرحيل لأنه لم يجلب بديلاً والتفسير الوحيد الظاهري لهذا الأمر هو ما سبق وتحدثنا عنه من حيث قلة الخيارات الجيدة المتاحة، والتي ترفع من جودته إلا أن الاحتياج الشديد للنادي كان يفرض عليه التضحية بملايين إضافية لدعم خطوطه خاصة خط الدفاع الذي يعاني كثيراً.
***
إريكسن وهالاند
وإن كان تشيلسي هو لغز الأندية فإن كريستيان إريكسن وإيرلينج هالاند كانا حالة غريبة بعض الشيء على مستوى اللاعبين، فلاعب الوسط الدنماركي كان متاحاً للجميع مقابل 20 مليون يورو فقط إلا أنه رحل إلى الإنتر الذي ودع دوري الأبطال.
تفسير هذا الأمر ربما يكون بخصوص راتبه الذي قفز من 4 ملايين يورو مع توتنهام إلى 10 ملايين يورو التي كان الإنتر مستعداً لدفعها بينما أحجم آخرون عن ذلك رغم جودة اللاعب، كما أن ناديين مهتمين به مثل مانشستر يونايتد وريال مدريد قد ابتعدا عن الصفقة في ظل رغبة اليونايتد في ضم برونو فيرنانديز بشكل أكبر وكذلك توهج فيديريكو فالفيردي مع ريال مدريد والذي أنسى الجميع عدم إجراء الميرينجي لأي صفقة في هذا الخط صيفاً.
أما إيرلينج هالاند فإن الـ20 مليون يورو هي الأخرى كانت قادرة على جلبه فقد كانت قيمة الشرط الجزائي لفسخ عقده مع ريد بول لايبزج إلا أن المهاجم النرويجي اختار الرحيل لبروسيا دورتموند.
قد يبدو النادي الألماني اختياراً حكيماً جداً للمهاجم الصغير، وقد أتت الأمور ثمارها سريعاً في عدد الأهداف المذهل الذي سجله في مبارياته الأولى، إلا أنه على مستوى المهتمين لا يمكن تفسير تفويت الكثير من الأندية لفرصة القتال على اللاعب سوى أن وكيله هو مينو رايولا.
فمانشستر يونايتد على سبيل المثال لاقى الأمرّين مع بول بوجبا ووكيله ولن يكون بحاجة إلى المزيد من المسائل المستعصية مع الوكيل الشهير، كما أنه لا يبدو ريال مدريد متحمساً حتى الآن للتعامل مع الرجل، وهو ما كان تفسير الكثيرين لعدم محاولة ريال مدريد ضم بوجبا الصيف الماضي.
( الخلاصة ) .. السوق الشتوية تختلف كثيراً عن السوق الصيفية .. المعروض الجيد فيه قليل بينما تشعر الكثير من الأندية أن بمقدورها استكمال الموسم دون تدمير ميزانيتها ثم الندم على المتاح المميز في الصيف دون قدرة على شرائه مع تخوفات من قدرة تلك الصفقات الشتوية على الانسجام بسرعة أصلاً، ومن ثم يفضل كثيرون تأجيل كل شيء إلى وقت يستطيع فيه الجميع الاسترخاء والاستمتاع بمفاوضات صيفية طويلة وغير متعجلة.