حتى 31 يناير 2020، مضى شهر كامل منذ أعلنت الصين ظهور حالات من مرض تنفسي جديد، وتم التأكد من أن مسببه سلالة جديدة من فيروس الكورونا، وحسب تقارير منظمة الصحة العالمية فإن عدد المصابين ارتفع من 44 في 3 يناير إلى 9826 حالة في 19 دولة حول العالم في 31 يناير. ولكن بالرغم من العدد الكبير للدول التي أعلن فيها عن إصابات فإن 99% من الإصابات مازالت في الصين. وبالرغم من العدد الكبير من الإصابات فإن الوفيات لم تتعدى 213 «2% من المصابين»وجميعهم في الصين أيضاً. علماً بأن أغلب الوفيات ضمت أشخاص مسنين يعانون من أمراض ومضاعفات أخرى. وفي نفس الوقت وبالرغم من عدم الإشارة إلى ذلك في الأخبار فإن هناك عدداً من المصابين الذين تعافوا وعادوا إلى بيوتهم.
وقد ساهمت الصين بشكل فعال في تحديد ماهية الفيروس عندما تمكنت من عزل الحمض النووي للفيروس وتحديد تركيبته مما مكن من تحديد ماهية بروتينات الفيروس. ومن خلال ذلك أصبح بالإمكان إعداد فحص مخبري للتأكد من أن المصابين هم فعلاً مصابين بفيروس الكورونا المستجد «n-COV 2019». وبالإضافة إلى ذلك، فقد تبين أن تركيب الحمض النووي يشابه بنسبة 82% الحمض النووي لسلالة مرض سارس الذي ظهر في الصين منذ 17 عاماً وذلك ويشابه فيروس «كورونا» من الخفاش بنسبة تفوق 90%، ولذا فإنه من المرجح أن المرض انتقل من الخفاش، ولكن من الممكن أنه كان له حيوان آخر كان مضيفاً بين الخفاش والإنسان.
المرض رئوي وينتقل عن طريق استنشاق الرذاذ من سعال أو عطس شخص مصاب أو عن طريق ملامسة أسطح ملوثة من شخص مصاب، ومن ثم انتقاله من اليد إلى الفم أو الأنف أو العين بالملامسة. ولكن الفيروس يفقد قابليته للعدوى خارج الجسم خلال أيام محدودة.
أعراض المرض هي مشابهة للأنفلونزا من السعال ومن ثم تزداد ليعاني المريض من ضيق في التنفس والحمى. ولذا فمن الضروري أن نعرف طريق الحماية من هذا المرض «وكل الأمراض الرئوية». تشمل الحماية غسل الايدي بالصابون على الأقل خمس مرات يومياً، ومن الضروري الغسل عند دخول المنزل وقبل الأكل، والابتعاد عن لمس الفم أو الأنف أو العينين قبل غسل الأيدي. والابتعاد عن المصابين بعوارض تنفسية حتى لو كنا غير متأكدين من السبب، وإذا كنت مصاباً بأي من أعراض المرض، فمن الأفضل البقاء في المنزل وإذا اشتدت العوارض اذهب إلى أقرب مستشفى. وعند السعال أو العطس غطي فمك وانفك بمنديل ورقي وقم برميه في القمامة. وتأكد من تنظيف وتعقيم الأسطح في المكتب والمنزل بشكل مستمر.
أما عن الحماية المؤكدة فلن يتم ذلك إلى حين تطوير لقاح لهذا المرض، ولكن ذلك سوف يستغرق بعض الوقت حيث على العلماء التمكن أولاً من زرع الفيروس في خلايا حية في المختبر ثم استخلاص بروتينات الغشاء، أو تحضير البروتينات في المختبر عن طريق الحمض النووي. ومن ثم تحديد أي جزء من البروتينات يؤمن الحماية ومن ثم تجربة اللقاح المقترح في الحيوانات ثم في متطوعين. وذلك قد يستغرق عدد من الشهور أو السنوات في أفضل الحالات. لذا من الضروري إتباع العادات الصحية المذكورة أعلاه حتى ذلك الوقت.
وماذا عن العلاج؟ طبعاً هناك العديد من الأدوية المضادة للفيروسات في جعبة الأطباء ولكن الأدوية المضادة للفيروسات محددة لكل فيروس على حده. وتطوير مضاد فيروسي لهذا الفيروس المستجد يتطلب دراسة دورة حياة هذا الفيروس في المختبر لتحديد نقاط الضعف التي بالإمكان استحداث أدوية جديدة تؤثر على هذا الفيروس.
ولكن ذلك لن يكون مستعصياً على العلماء. ويجب ألا ننسى المرض الفتاك الذي أودى بحياة ما يقارب مليوني شخص منذ ظهوره وهو الأيدز! وهذا الفيروس أيضاً أتي من حيوان بري في أفريقيا. ومازال هناك حوالي 38 مليون مصاب بهذا الفيروس في أنحاء العالم اليوم. ولكن العلماء تمكنوا من تطوير أدوية ضد هذا الفيروس مما مكن العديد من المصابين من الاستمرار في حياتهم بشكل طبيعي حيث بالرغم من أن هذه الأدوية لم تشفيهم من الفيروس «أي أن الفيروس مازال في جسمهم» ولكن أعراض المرض تلاشت مع استمرار أخذهم الأدوية.
إذاً تطوير علاج ممكن ولكن هذا أيضاً قد يستغرق بعض الأشهر أو السنوات. ولكن يجب أن لا ننسى أن هناك عدداً جيداً من الأدوية المضادة للفيروسات وقد بدأ الأطباء في تجربتها على المصابين بالإضافة إلى أدوية أخرى طورت لمعالجة أمراض أخرى مثل السرطان، والتي من الممكن أن يكون تأثيرها إيجابياً في علاج المرض، ولابد أن يكون لبعض هذه الأدوية تأثير ولو جزئي لحين تركيب أدوية فعالة.
أما بشأن الخوف من انتقال المرضى إلى مملكتنا فإن وزارة الصحة في المملكة وكما قرأنا في الجرائد، تتخذ جميع الاحتياطات للتأكد من عزل أي مصاب قد يدخل من أي منافذ المملكة ومعالجتهم، في غرف عزل خاصة، من خلال علاج أعراضهم إلى أن يقوم جهازهم المناعي من التغلب على المرض ويتعافون. وللعلم فإن الأغلبية الكبرى من الحالات في الدول الأخرى خارج الصين كانت مستوردة لم يحدث انتقال من الشخص المصاب إلى شخص سليم في هذه الدول، ولم يتوف أي من هؤلاء المصابين حتى الآن وذلك في الأغلب نظراً لمستوى الخدمات الصحية في هذه البلاد كما هو في مملكتنا. وقد توجه معالي رئيس المجلس الأعلى للصحة في الجرائد، وكذلك الأمر من وزارة الصحة والمستشفى العسكري، لتطمين المواطنين من اتخاذ المملكة جميع الاحتياطات الصحية اللازمة لتحديد المصابين في أي من منافذ المملكة وعزلهم وعلاجهم منعاً لانتقال العدوى لآخرين. لذا أهيب بجميع المواطنين باتخاذ الحذر واتباع التعليمات الصحية وأعتقد أننا جميعاً سنكون في أمان. والله الموفق.
* نائب رئيس جامعة الخليج العربي - الأستاذ المشارك للأحياء الدقيقة والمناعة
وقد ساهمت الصين بشكل فعال في تحديد ماهية الفيروس عندما تمكنت من عزل الحمض النووي للفيروس وتحديد تركيبته مما مكن من تحديد ماهية بروتينات الفيروس. ومن خلال ذلك أصبح بالإمكان إعداد فحص مخبري للتأكد من أن المصابين هم فعلاً مصابين بفيروس الكورونا المستجد «n-COV 2019». وبالإضافة إلى ذلك، فقد تبين أن تركيب الحمض النووي يشابه بنسبة 82% الحمض النووي لسلالة مرض سارس الذي ظهر في الصين منذ 17 عاماً وذلك ويشابه فيروس «كورونا» من الخفاش بنسبة تفوق 90%، ولذا فإنه من المرجح أن المرض انتقل من الخفاش، ولكن من الممكن أنه كان له حيوان آخر كان مضيفاً بين الخفاش والإنسان.
المرض رئوي وينتقل عن طريق استنشاق الرذاذ من سعال أو عطس شخص مصاب أو عن طريق ملامسة أسطح ملوثة من شخص مصاب، ومن ثم انتقاله من اليد إلى الفم أو الأنف أو العين بالملامسة. ولكن الفيروس يفقد قابليته للعدوى خارج الجسم خلال أيام محدودة.
أعراض المرض هي مشابهة للأنفلونزا من السعال ومن ثم تزداد ليعاني المريض من ضيق في التنفس والحمى. ولذا فمن الضروري أن نعرف طريق الحماية من هذا المرض «وكل الأمراض الرئوية». تشمل الحماية غسل الايدي بالصابون على الأقل خمس مرات يومياً، ومن الضروري الغسل عند دخول المنزل وقبل الأكل، والابتعاد عن لمس الفم أو الأنف أو العينين قبل غسل الأيدي. والابتعاد عن المصابين بعوارض تنفسية حتى لو كنا غير متأكدين من السبب، وإذا كنت مصاباً بأي من أعراض المرض، فمن الأفضل البقاء في المنزل وإذا اشتدت العوارض اذهب إلى أقرب مستشفى. وعند السعال أو العطس غطي فمك وانفك بمنديل ورقي وقم برميه في القمامة. وتأكد من تنظيف وتعقيم الأسطح في المكتب والمنزل بشكل مستمر.
أما عن الحماية المؤكدة فلن يتم ذلك إلى حين تطوير لقاح لهذا المرض، ولكن ذلك سوف يستغرق بعض الوقت حيث على العلماء التمكن أولاً من زرع الفيروس في خلايا حية في المختبر ثم استخلاص بروتينات الغشاء، أو تحضير البروتينات في المختبر عن طريق الحمض النووي. ومن ثم تحديد أي جزء من البروتينات يؤمن الحماية ومن ثم تجربة اللقاح المقترح في الحيوانات ثم في متطوعين. وذلك قد يستغرق عدد من الشهور أو السنوات في أفضل الحالات. لذا من الضروري إتباع العادات الصحية المذكورة أعلاه حتى ذلك الوقت.
وماذا عن العلاج؟ طبعاً هناك العديد من الأدوية المضادة للفيروسات في جعبة الأطباء ولكن الأدوية المضادة للفيروسات محددة لكل فيروس على حده. وتطوير مضاد فيروسي لهذا الفيروس المستجد يتطلب دراسة دورة حياة هذا الفيروس في المختبر لتحديد نقاط الضعف التي بالإمكان استحداث أدوية جديدة تؤثر على هذا الفيروس.
ولكن ذلك لن يكون مستعصياً على العلماء. ويجب ألا ننسى المرض الفتاك الذي أودى بحياة ما يقارب مليوني شخص منذ ظهوره وهو الأيدز! وهذا الفيروس أيضاً أتي من حيوان بري في أفريقيا. ومازال هناك حوالي 38 مليون مصاب بهذا الفيروس في أنحاء العالم اليوم. ولكن العلماء تمكنوا من تطوير أدوية ضد هذا الفيروس مما مكن العديد من المصابين من الاستمرار في حياتهم بشكل طبيعي حيث بالرغم من أن هذه الأدوية لم تشفيهم من الفيروس «أي أن الفيروس مازال في جسمهم» ولكن أعراض المرض تلاشت مع استمرار أخذهم الأدوية.
إذاً تطوير علاج ممكن ولكن هذا أيضاً قد يستغرق بعض الأشهر أو السنوات. ولكن يجب أن لا ننسى أن هناك عدداً جيداً من الأدوية المضادة للفيروسات وقد بدأ الأطباء في تجربتها على المصابين بالإضافة إلى أدوية أخرى طورت لمعالجة أمراض أخرى مثل السرطان، والتي من الممكن أن يكون تأثيرها إيجابياً في علاج المرض، ولابد أن يكون لبعض هذه الأدوية تأثير ولو جزئي لحين تركيب أدوية فعالة.
أما بشأن الخوف من انتقال المرضى إلى مملكتنا فإن وزارة الصحة في المملكة وكما قرأنا في الجرائد، تتخذ جميع الاحتياطات للتأكد من عزل أي مصاب قد يدخل من أي منافذ المملكة ومعالجتهم، في غرف عزل خاصة، من خلال علاج أعراضهم إلى أن يقوم جهازهم المناعي من التغلب على المرض ويتعافون. وللعلم فإن الأغلبية الكبرى من الحالات في الدول الأخرى خارج الصين كانت مستوردة لم يحدث انتقال من الشخص المصاب إلى شخص سليم في هذه الدول، ولم يتوف أي من هؤلاء المصابين حتى الآن وذلك في الأغلب نظراً لمستوى الخدمات الصحية في هذه البلاد كما هو في مملكتنا. وقد توجه معالي رئيس المجلس الأعلى للصحة في الجرائد، وكذلك الأمر من وزارة الصحة والمستشفى العسكري، لتطمين المواطنين من اتخاذ المملكة جميع الاحتياطات الصحية اللازمة لتحديد المصابين في أي من منافذ المملكة وعزلهم وعلاجهم منعاً لانتقال العدوى لآخرين. لذا أهيب بجميع المواطنين باتخاذ الحذر واتباع التعليمات الصحية وأعتقد أننا جميعاً سنكون في أمان. والله الموفق.
* نائب رئيس جامعة الخليج العربي - الأستاذ المشارك للأحياء الدقيقة والمناعة