ليس من عاقل إلا ويشك في نسبة المشاركة في انتخابات مجلس الشورى الإيراني الأخيرة، فما رآه العالم وما بينته التقارير الصحفية، الأجنبية والمحلية، والفضائيات -باستثناء السوسة طبعاً ومثالها الناصع قناتا «العالم» و»الميادين» اللتان قامتا بعملية التغطية وحرصتا طوال الفترة على الترويج لفكرة أن الإقبال على المشاركة في التصويت كبير جداً- هو أن النسبة في كل الأحوال لا يمكن أن تزيد عن 40% لأسباب قامت بشرحها وبدليل أن الملالي أمروا بتمديد ساعات الانتخاب خمس مرات أملاً في رفع النسبة بغية إيهام العامة والعالم بأن الشعب استفاد من فرصة التمديد وأن النسبة لم ترفع بتوجيه من خامنئي وأنه بذلك يمكن القول بأن الانتخابات كانت نزيهة.
هذا يؤكد أن نسب المشاركة في المرات السابقة لم تكن دقيقة وأنه تم رفعها بتوجيه من المسؤولين في النظام. الفارق هو أن المشهد هذه المرة كان مفضوحاً بسبب دعوات المقاطعة التي كان من الطبيعي أن يستجيب لها الكثيرون بعد الأخطاء الكثيرة التي ارتكبها النظام في السنوات الأخيرة على وجه الخصوص والتي آخرها إنكار إسقاط الحرس الثوري لطائرة الركاب الأوكرانية والقسم على ذلك بأغلظ الأيمان ثم الاعتراف بتورطه في هذه الجريمة، فهذا الحادث وفر المثال على حقيقة هذا النظام وكيفية تفكيره ونظرته للأمور وكشف زيفه واعتماده الكذب منهجاً. وبالتأكيد كان للتخوف من انتشار فيروس الكورونا دور في بقاء المواطنين في بيوتهم، فهم يعرفون جيداً أن الأرقام التي تم الإعلان عنها عن المصابين والمتوفين بهذا المرض غير دقيقة ويعتقدون أن السلطة كعادتها لا تقول الحقيقة وأن الأعداد أكبر بكثير «ذكرت وكالات الأنباء أن الشرطة الإيرانية تصدت بالغاز المسيل للدموع لمحتجين على نقل مرضى يحتمل إصابتهم بفيروس كورونا في محافظة جيلان شمال غرب البلاد، وأورد ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن متظاهرين تجمعوا قبالة مشفى «نوراني» في بلدة تالش للاحتجاج على استقباله مرضى من مدينة رشت وطالبوا بعدم نقل المرضى إلى البلدة».
في ظل كل تلك الظروف، الداخلية والخارجية، كان من الطبيعي أن تقل نسبة المشاركة في الانتخابات، ويكفي سبباً لمقاطعتها استبعاد اسم كل من لا يتوافق مع تفكير السلطة من الترشح وشطبه من لائحة المقبولين ومنهم أعضاء سابقون في المجلس لم يكونوا من المرضي عنهم، فالشعب الإيراني أدرك اللعبة هذه المرة سريعاً وعرف أن الغاية من كل ذلك هي أن يتوفر مجلس شورى يبصم على كل ما يأتيه من خامنئي قبل أن يراه ويقرأه. وهذا ما أكدته نتيجة الانتخابات حيث حصل المحافظون على أغلبية المقاعد الـ290 وهو ما يضمن للمرشد اللعب على هواه.
لكن مجلساً كهذا لا بد أنه يشكل خطراً على المنطقة، فهو لا يستطيع رفض أي قرار بالدخول في حرب تأكل الأخضر واليابس يريد النظام اتخاذه، فمثل هذا المجلس لا يمكن أن يقف في وجه أي رغبة يبديها خامنئي ولا يحتاج لإبدائه الموافقة على الدخول في حرب إلا إلى الدقيقة التي يرفع فيها الأعضاء أيديهم للإعلان عن ذلك. وهذا يعني أن الرئيس روحاني المحسوب على الإصلاحيين سيكون مهمشاً أكثر ولن يتمكن من الوقوف في وجه أي رغبة وأي قرار يتم اتخاذه حتى نهاية فترة ولايته، وأول تلك القرارات إلغاء الاتفاق النووي والإعلان عن إنتاج القنبلة النووية، ولا يستبعد أن يكون بينها قرار بإحياء الرغبة في تصدير الثورة إلى الجيران والتي تم التعبير عنها لحظة الاستيلاء على السلطة قبل أربعين سنة. ولعل هذا هو ما مهد له قبل الانتخابات بيومين بديل سليماني الذي قال إن النظام سيضاعف دعمه لكل من يعتبرهم ثواراً ومظلومين ومستضعفين.
هذا يؤكد أن نسب المشاركة في المرات السابقة لم تكن دقيقة وأنه تم رفعها بتوجيه من المسؤولين في النظام. الفارق هو أن المشهد هذه المرة كان مفضوحاً بسبب دعوات المقاطعة التي كان من الطبيعي أن يستجيب لها الكثيرون بعد الأخطاء الكثيرة التي ارتكبها النظام في السنوات الأخيرة على وجه الخصوص والتي آخرها إنكار إسقاط الحرس الثوري لطائرة الركاب الأوكرانية والقسم على ذلك بأغلظ الأيمان ثم الاعتراف بتورطه في هذه الجريمة، فهذا الحادث وفر المثال على حقيقة هذا النظام وكيفية تفكيره ونظرته للأمور وكشف زيفه واعتماده الكذب منهجاً. وبالتأكيد كان للتخوف من انتشار فيروس الكورونا دور في بقاء المواطنين في بيوتهم، فهم يعرفون جيداً أن الأرقام التي تم الإعلان عنها عن المصابين والمتوفين بهذا المرض غير دقيقة ويعتقدون أن السلطة كعادتها لا تقول الحقيقة وأن الأعداد أكبر بكثير «ذكرت وكالات الأنباء أن الشرطة الإيرانية تصدت بالغاز المسيل للدموع لمحتجين على نقل مرضى يحتمل إصابتهم بفيروس كورونا في محافظة جيلان شمال غرب البلاد، وأورد ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن متظاهرين تجمعوا قبالة مشفى «نوراني» في بلدة تالش للاحتجاج على استقباله مرضى من مدينة رشت وطالبوا بعدم نقل المرضى إلى البلدة».
في ظل كل تلك الظروف، الداخلية والخارجية، كان من الطبيعي أن تقل نسبة المشاركة في الانتخابات، ويكفي سبباً لمقاطعتها استبعاد اسم كل من لا يتوافق مع تفكير السلطة من الترشح وشطبه من لائحة المقبولين ومنهم أعضاء سابقون في المجلس لم يكونوا من المرضي عنهم، فالشعب الإيراني أدرك اللعبة هذه المرة سريعاً وعرف أن الغاية من كل ذلك هي أن يتوفر مجلس شورى يبصم على كل ما يأتيه من خامنئي قبل أن يراه ويقرأه. وهذا ما أكدته نتيجة الانتخابات حيث حصل المحافظون على أغلبية المقاعد الـ290 وهو ما يضمن للمرشد اللعب على هواه.
لكن مجلساً كهذا لا بد أنه يشكل خطراً على المنطقة، فهو لا يستطيع رفض أي قرار بالدخول في حرب تأكل الأخضر واليابس يريد النظام اتخاذه، فمثل هذا المجلس لا يمكن أن يقف في وجه أي رغبة يبديها خامنئي ولا يحتاج لإبدائه الموافقة على الدخول في حرب إلا إلى الدقيقة التي يرفع فيها الأعضاء أيديهم للإعلان عن ذلك. وهذا يعني أن الرئيس روحاني المحسوب على الإصلاحيين سيكون مهمشاً أكثر ولن يتمكن من الوقوف في وجه أي رغبة وأي قرار يتم اتخاذه حتى نهاية فترة ولايته، وأول تلك القرارات إلغاء الاتفاق النووي والإعلان عن إنتاج القنبلة النووية، ولا يستبعد أن يكون بينها قرار بإحياء الرغبة في تصدير الثورة إلى الجيران والتي تم التعبير عنها لحظة الاستيلاء على السلطة قبل أربعين سنة. ولعل هذا هو ما مهد له قبل الانتخابات بيومين بديل سليماني الذي قال إن النظام سيضاعف دعمه لكل من يعتبرهم ثواراً ومظلومين ومستضعفين.