حال إيران اليوم وسط اشتداد أزمة فيروس كورونا كحال السائق عديم الخبرة الذي يحاول إخراج سيارته من الموقف الذي ركنها فيه ولكن صار محيطاً بها عدد من السيارات. إيران تتصرف في ورطتها مع كورونا بنفس الطريقة التي يتصرف فيها ذلك السائق عديم الخبرة الذي رغم أنه متيقن من أنه دون القدرة على إخراجها من الموقف من دون أن يصدم السيارات المحيطة بها إلا أنه يرفض كل عرض يأتيه من السائقين ذوي الخبرة والمهارة الذين يستطيعون إخراج سيارته من مأزقها بسهولة ويسر ومن دون أن يشمخوا السيارات الأخرى.

هكذا هو حال إيران، فالنظام الإيراني يعرف أنه لا يستطيع أن يخرج نفسه من مأزق كورونا ولا يتوفر على الوسيلة التي تعينه على هذا الأمر، ورغم أنه متيقن من أنه لن يتمكن من إخراج إيران من الذي هي فيه والذي يؤكده الارتفاع في أرقام المصابين بالفيروس وضحاياه إلا أنه يرفض كل عرض يأتيه من الدول التي تمتلك الخبرة والكفاءة ولا تريد إلا أن تعينه على تأمين خروج الشعب الإيراني من الذي يعاني منه.

ومثلما أن نتيجة عناد ذلك السائق هي التسبب في تضرر السيارات الأخرى والدخول مع أصحابها في مشكلات وتحمل ثمن تصليحها، كذلك فإن نتيجة عناد النظام الإيراني ورفضه كل المساعدات من الدول ذات الخبرة هي تضرر الشعب الإيراني وزيادة انتشار الفيروس وارتفاع أعداد المصابين به والضحايا وانتقاله إلى الدول المجاورة والعالم. من العروض التي حصل عليها النظام الإيراني أخيراً إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه «مستعد لمساعدة الإيرانيين في مواجهة فيروس كورونا المستجد إذا طلبوا ذلك» وأكد بقوله «إذا كنا نستطيع مساعدة الإيرانيين في هذه المسألة فنحن على استعداد بالتأكيد للقيام بذلك» مضيفاً أن «لدى أمريكا اختصاصيون رائعون». أما الرد الإيراني فجاء صادماً، حيث وصف المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية عباس موسوي العرض الأمريكي بأنه «حركة دعائية ونفاقية ومثيرة للسخرية» وقال «إن مزاعم عرض المساعدة على إيران في مواجهة كورونا من قبل بلد يمارس بإرهابه الاقتصادي أقصى الضغوط على الشعب الإيراني ويسد الطريق حتى أمام شراء الأدوية والمعدات الطبية، تعد مزاعم مثيرة للسخرية ولعبة سياسية – نفسية» من دون أن ينتبه إلى أن ما يحدث حاليا هو حالة استثنائية وأنه في مثل هذه الحالات لا مفر من التحلي بالأخلاق وبالإنسانية والتجاوز عن كثير من الأمور، فالعرض الأمريكي يعني أن أمريكا على استعداد لتجميد كل الخلافات مع إيران حتى تجاوز هذه الأزمة وإنقاذ الشعب الإيراني.

المثير في رد موسوي أنه يعترف بأن النظام الإيراني لا يمتلك القدرة على التعامل مع هكذا ظروف وأحوال، حيث قال «إن الخارجية الإيرانية كانت على اتصال وثيق مع الكثير من الدول وتمكنت - لحد الآن - من سد جزءٍ كبيرٍ من حاجاتها الأساسية من الدول الصديقة... من ضمنها 100 ألف عدة تشخيص وكمامات خاصة للجراحة وأجهزة التنفس الاصطناعي وغير ذلك، كما أن هناك شحناتٍ أخرى في طريقها إلى البلاد، وسيجري الإعلان عنها في حينها».

إن نظاما يطلب من الدول الأخرى مساعدته في توفير كمامات وأجهزة تنفس صناعي وربما قطن وشاش ولزقة حري به أن يقبل كل عرض يعينه قبل كل شيء على حفظ ماء وجهه. وفي شأن الولايات المتحدة يمكن أن يفتح قبول عرضها الطريق لاحقاً لحل الكثير من المشكلات معها والتأسيس لظروف تعين على توفير حالة الاستقرار المطلوبة في المنطقة.

سيظل النظام الإيراني على عناده، ولن يختلف تصرفه عن تصرف ذلك السائق الذي يدرك أنه لا يستطيع إخراج سيارته من ذلك الموقف ويرفض المساعدة.